عمّ التوتّر المشهد السياسي في العراق في ظلّ الجمود الماثل، ففيما اضطر البرلمان إلى رفع جلسته الطارئة على وقع مشادات وعراك بالأيدي بين نواب، طفت إلى السطح أنباء عن أنّ رئيس البرلمان يدرس احتمال حلّه، وفيما لا يزال التوافق غائباً في معضلة التغيير الحكومي، يستمر اعتصام عشرات النواب داخل البرلمان وسط دعوات منهم الشعب إلى تأييد انتفاضتهم.
ورفع رئيس البرلمان سليم الجبوري جلسة البرلمان أمس إلى اليوم الخميس بعد مشادات كلامية وعراك بالأيدي بين عدد من النواب، إثر مطالبة النواب المعتصمين داخل قبة البرلمان مناقشة موضوع إقالة الرئاسات الثلاث ابتداء من رئاسة هيئة البرلمان. وقال الناطق باسم رئيس البرلمان العراقي عماد الخفاجي، إنّ «جلسة البرلمان عقدت بناء على طلب من النواب المعترضين وسمح لهم بالحديث خلال الجلسة بما فيها المطالبة بإقالة الرئاسات الثلاث»، مشيراً إلى أنّ «الاشتباك الذي حصل ليس مع رئيس البرلمان وأنّ رئيس البرلمان يؤيد حل البرلمان، وإنّ الخطوة الأسهل لهذا الإجراء هو جمع تواقيع من النواب من أجل تسريع عمليات الإصلاح.
وأشار إلى أن اليوم ستكون جلسة لمناقشة موضع التشكيلة الوزارية واستكمال مناقشة القضايا المهمة التي تتعلق بالعملية السياسية.
وفي رد فعل فوري، أفاد التلفزيون العراقي بأن رئيس البرلمان سليم الجبوري يدرس احتمال حل المجلس في ظل احتدام الأزمة السياسية. ونقل التلفزيون النبأ عن ناطق باسم الجبوري لم يكشف عن اسمه.
بدورهم، أكد النواب المعتصمون داخل مبنى مجلس النواب أمس، عدم التراجع عن تحقيق طموحات الشعب، داعين العراقيين إلى تأييد انتفاضة ممثلي الشعب، مطالبين بتشكيل حكومة كفاءات.
وقال النائب أحمد الجبوري وهو أحد النواب المعتصمين في مؤتمر صحافي: «نحن النواب المعتصمين في مبنى البرلمان، نعلن أننا باقون على العهد ولن نتراجع عن تحقيق طموحات الشعب في اختيار قيادة وحكومة عراقية تراعي مصالح الشعب وتحفظ كرامته»، مطالباً بحكومة من الكفاءات والمختصين بعيداً عن تقاسم الكتل السياسية لحقوق الشعب وتهميش المخلصين وإضاعة مستقبل الأجيال تحت عناوين خادعة باسم الشرف والتوافق على حد قوله.
ودعا الجبوري الشعب إلى رفع صوته للخلاص من سيطرة من تدعي أنها رموز العملية السياسية، وهي ليست اكثر من رموز للنهب والفساد على حد وصفه.
في الأثناء، أعلن ائتلاف الوطنية بزعامة إياد علاوي أمس، عن موقفه من المشاركة في الحكومة الجديدة، فيما طالب باستبدال رؤساء الهيئات ووكلاء الوزارات والمديرين العامين.
وشدّدت الناطقة باسم الائتلاف النائبة ميسون الدملوجي في بيان، على أنّ قرار الائتلاف لا يزال عدم المشاركة بأي وزير ما لم تتحقق الإصلاحات، مشيرة إلى أنّ في مقدمة الإصلاحات اعتماد خارطة طريق واضحة وإيجاد ضمانات وآليات لتنفيذها ضمن سقوف زمنية محددة، وتعبئة الجماهير ضد الإرهاب والتطرف وتحقيق المصالحة الوطنية والخروج من المحاصصة.
ودعت الدملوجي إلى استبدال رؤساء الهيئات، فضلاً عن وكلاء الوزارات والمديرين العامين والتعيينات بالوكالة والوزراء، بالوسائل القانونية والدستورية واستبدالهم بشخصيات كفوءة ومهنية ورفض التدخلات الخارجية التي تسبّبت ساهمت في تعقيد المشهد العراقي.
إلى ذلك، أكدت الأطراف الكردستانية تعليق مشاركتها في الحراك السياسي الراهن، مشدّدة على عدم سعيها لعرقلة مشروع التعديل الوزاري، فضلاً عن أنها لن تعترض على تمرير أي تشكيلة تتوافق حولها الكتل باستثناء وزارات المكوّن الكردي.
وكشفت مصادر كردية عن أنّ القوى والأحزاب الكردستانية تعتزم إرسال وفد موحّد إلى بغداد لإجراء مباحثات مستفيضة مع الأطراف السياسية، وفتح الملفات العالقة بين بغداد والإقليم.
انتقد الحزب الشيوعي العراقي اتفاق القوى المتنفذة وتوقيعها على وثيقة الإصلاح الوطني، التي جاءت مكرسة للمنهج المحاصصي المقيت، مع الاكتفاء بإجراءات شكلية تحاول إخفاء جوهر البلاء وإدامته تحت وابل من كلمات الحرص على الإصلاح والاستجابة لما طالب به المتظاهرون والمعتصمون.
وقال الحزب في بيان إنّ الوثيقة ترقيعية لا تمس جوهر نظام المحاصصة الطائفية، وإنما تمثل مسعى اضطرارياً لامتصاص واحتواء ضغط الرأي العام والحراك الجماهيري، والاستجابة للضغط الدولي- الإقليمي.