الأحد , 24 رمضان 1446 هـ , 23 مارس 2025 م   |  آخر تحديث فبراير 4, 2025 , 15:20 م

دعوى الفرز والتجنيب.. طريقك لإنهاء حالة الشيوع وإستقلال الملكية


دعوى الفرز والتجنيب.. طريقك لإنهاء حالة الشيوع وإستقلال الملكية



 

بقلم : د . أحمد فريد 

 

 

دعوى الفرز والتجنيب هى دعوى قانونية تُرفع أمام القضاء لإنهاء حالة الشيوع بين الملاك فى مال معين ، سواء كان عقاراً أو منقولاً ، وتهدف هذه الدعوى إلى تمكين كل شريك من الحصول على نصيبه الخاص بشكل مستقل ، مما يُنهى حالة الإشتراك التى قد تؤدى إلى نزاعات أو تعارض فى المصالح .

والشيوع هو وضع قانونى ينشأ عندما يتشارك شخصان أو أكثر في ملكية مال واحد ، بحيث تكون حصة كل شريك فيه ملكية غير مفرزة ، أي غير محددة بشكل مادى ، وهذا يعنى أن كل شريك يمتلك جزءً نظرياً من كل المال وليس جزءً محدداً بذاته .

ومن أمثلة حالة الشيوع :

1- الميراث : عندما يُتوفى شخص ويترك عقاراً أو أموالاً ، تنتقل هذه الأموال إلى الورثة بحالة الشيوع ، حيث يكون لكل وارث نصيب وفقاً للأنصبة الشرعية ، لكن هذا النصيب يظل غير مفرز .

 

2- شراء مشترك : إذا قام عدة أشخاص بشراء عقار أو أرض بشكل مشترك دون تقسيمه .

3- الهبة أو الوصية : إذا وهب شخص عقاراً أو أوصى به لعدة أشخاص معاً دون تحديد نصيب كل منهم بشكل مادى .

أما عن شروط قبول دعوى الفرز والتجنيب :

1- وجود حالة شيوع : يجب أن يكون المال المراد فرزه وتجنيبه مملوكاً على الشيوع بين أكثر من شخص . 

2- قابلية المال للتقسيم : يجب أن يكون المال المشترك قابلاً للفرز المادى دون أن يتسبب ذلك فى فقدان قيمته أو طبيعته .

3- عدم وجود مانع قانونى : مثل اتفاق الشركاء على عدم تقسيم المال المشترك لفترة معينة ، أو إذا كان المال مخصصاً لغرض معين يجعل تقسيمه غير ممكن ، كعقار مخصص للإيجار المشترك .

4- طلب القسمة من أحد الشركاء : أى شريك فى الملكية يمكنه طلب القسمة إذا لم يكن هناك اتفاق على البقاء فى الشيوع .

5- إثبات الملكية : على المدعى أن يثبت ملكيته للمال المشترك ، ويُبيّن نصيبه وفقاً للوثائق الرسمية .

 

 

وحالة الشيوع الناتجة عن الميراث شائعة جداً ، وغالباً ما تؤدى إلى نزاعات بين الورثة بسبب الإختلاف فى الرؤى أو الاحتياجات ، وفى حالة عدم قابلية المال للفرز المادى ، يُلجأ إلى بيع المال المشترك وتقسيم ثمنه بين الشركاء .

وفي دعوى الفرز والتجنيب يتمثل أحد أهم جوانب الإجراءات فى انتداب المحكمة خبيراً لتقييم العقار أو المال المشترك ، وهذا الإجراء يُعد جوهرياً لضمان تحقيق العدالة بين الشركاء .

فبعد تقديم الدعوى واستيفاء شروطها ، تقوم المحكمة بانتداب خبير متخصص (غالباً خبير هندسي أو عقارى) لفحص المال المشترك وتقديم تقرير مفصل . 

ودور الخبير يتمثل فى :

1- تحديد إمكانية القسمة : يقوم الخبير بدراسة العقار المشترك لتحديد ما إذا كان قابلاً للفرز المادى دون أن تتأثر قيمته أو طبيعته .

2- اقتراح طريقة القسمة : إذا كانت القسمة ممكنة ، يقترح الخبير كيفية تقسيم المال بما يضمن حصول كل شريك على نصيبه العادل .

3- تقييم المال المشترك : إذا تعذر الفرز المادى ، يقوم الخبير بتقدير القيمة السوقية للعقار تمهيداً لإتخاذ إجراءات أخرى .

وفى حالة تعذر القسمة : إذا خلص تقرير الخبير إلى أن المال المشترك غير قابل للقسمة المادية ( لصغر المساحة أو لطبيعة العقار) ، فإن المحكمة تأمر ببيع المال المشترك فى مزاد علنى .

ويُعد تقرير الخبير أداة حاسمة للمحكمة فى اتخاذ قرارها بناءً عليه تُحدد المحكمة ما إذا كانت القسمة ممكنة أم يتعين اللجوء إلى البيع .

وفى حال اعتراض أحد الشركاء على التقرير ، يمكن للمحكمة تعيين خبير آخر أو تشكيل لجنة من الخبراء لإعادة التقييم ، وفى بعض الحالات قد يُفضل أحد الشركاء شراء نصيب الآخرين لتجنب بيع المال فى المزاد ، وهو ما يمكن الاتفاق عليه ودياً أو أمام المحكمة ، والبيع بالمزاد يُعتبر الخيار الأخير لأنه قد يؤدى إلى بيع المال بسعر أقل من قيمته الحقيقية .

القسمة الرضائية لم يمنعها القانون ، طالما لم يصل فيها الغبن إلى حدٍ جسيم ، وذلك حفاظاً على روح المحبة وصلة الرحم بين أفراد الأسرة الواحدة ، وهو ما جاءت به الأديان السماوية وأقرّته القوانين الوضعية ، لضمان استمرار أواصر المودة والتراحم فى المجتمع ، إلا أن النزعات المادية والطمع قد تعمى الأبصار وتفسد القلوب ، فتدفع البعض إلى التعدى على حقوق أقاربهم ، مما يؤدى إلى تفكك الأسر وقطع صلة الأرحام .

ومن أكثر الحالات إيلاماً ، حين يتجاوز الأخ على حقوق أخته ، رغم حاجتها العاطفية إلى دعم الأسرة ودفء العلاقة الأخوية الذى لا يعوض ، فعندما يطغى الجشع والأنانية على روابط الأخوة ، تترسخ الكراهية وتحل محل مشاعر المحبة والرحمة ، وهو أمر لا تقره الأديان ولا القوانين ، بل إن المشرع قد وضع من الضوابط ما يعيد الأمور إلى نصابها ، حتى لا تسود الفوضى ويُهضم الحق ، فنصبح كمن يحتكم إلى قانون الغاب .

أما الميراث فقد حدده الله عز وجل ببيانٍ لا لبس فيه ، وأقرت القوانين الوضعية تلك الأنصبة تحقيقاً للعدل ، ومن هنا كان لزاماً على كل إنسان أن ينتصر على نوازع الطمع ، وألا يجور على حقوق غيره ، تجنباً لنشر العداوة والبغضاء بين أفراد الأسرة ، فلا نرث الكراهية ولا نورثها لأبنائنا وأحفادنا .

قال الإمام على كرم الله وجهه : 

أموالنا لذوي الميراث نجمعها .. ودورنا لخراب الدهر نبنيها

أين الملوك التي كانت مسلطنة .. حتى سقاها بكأس الموت ساقيها

فكم مدائن في الآفاق قد بنيت .. أمست خرابا وافنى الموت أهليها

لا تركنن إلى الدنيا وما فيها .. فالموت لاشك يفنينا ويفنيها

 

 

مقال قانوني 


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com