لم تكد الساحة الفنية الخليجية تشفى من ألم رحيل الفنان عبد الحسين عبد الرضا، حتى عاد الألم ليصيبها مجدداً إثر رحيل الفنان الكويتي حسين جاسم، أول من أمس، لتفقد الساحة أحد رواد الطرب الأصيل الذي لا يزال صوته حاضراً حتى الان، بين محبيه وعشاقه. وكما رحل عبد الرضا من لندن، فقد أطفأ الموت نور صاحب «شمعة الجلاس» في مدينة الضباب لندن، التي تواجد فيها الراحل خلال أيامه الأخيرة.
حيث كان يعالج من مرض السرطان الذي فتك بجسده لأكثر من عامين.
ومع إعلان الخبر، تحولت مواقع التواصل الاجتماعي في منطقة الخليج، إلى «دفاتر عزاء»، حيث نعى الكثير من نجوم الساحة الفنية الفقيد، رافعين أيديهم إلى السماء لأن يتغمد الله عز وجل روحه وأن يسكنه فسيح جناته، معتبرين في الوقت نفسه، أن الساحة فقدت عزيزاً ورائداً في الغناء.
خاصة وأن الراحل جاسم، 73 عاماً، قد أثرى المكتبة الموسيقية العربية بعديد الأغنيات التي لا تزال عالقة في ذاكرة جيل السبعينيات والثمانينيات، وعلى رأسها «يا معيريس» التي تحولت إلى أيقونه غنائية تتردد في قاعات الأفراح الخليجية.
صاحب «ناعم العود» ولد عام 1944، في منطقة شرق بالكويت، وحصل على دبلوم معهد المعلمين شعبة الموسيقى في عام 1967.
حيث عمل مدرساً لمادة التربية الموسيقية لفترة تجاوزت 20 عاما إلى أن أصبح مديراً لإحدى مدارس وزارة التربية خلال الفترة بين عامي 1994 و 2002، وكان الراحل قد بدأ مسيرته الفنية في 1967 من خلال مشاركته في الأنشطة الفنية والموسيقية التي كان يقيمها آنذاك معهد المعلمين قبل أن يتجه إلى الإذاعة، حيث شارك في أوبريت غنائي بعنوان «المنبوذ»، فيما كانت انطلاقته الفنية الحقيقية من خلال تقديمه أجمل الأغنيات الوطنية والدينية والعاطفية.
خبر رحيل جاسم، هز أركان الساحة الفنية، حيث أصدر المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت، وعلى لسان الأمين العام المساعد لقطاع الفنون والمسارح في المجلس، الدكتور بدر الدويش، بياناً نعى فيه الراحل، حيث قال: «إن الكويت فقدت برحيل الفنان الكبير حسين جاسم قامة فنية رائدة قدمت عطاءات بارزة على الساحة الغنائية محليا وخليجيا وعربياً».
وأضاف: «للراحل كم كبير من الإسهامات التي تركها في أعمال غنائية ستظل محفورة في أذهان الجمهور الخليجي والعربي، خلال مسيرة عطاء طويلة اتسمت بالإبداع والرقي والتميز، سطر خلالها إرثاً فنياً خالداً في تاريخ الفن الغنائي الكويتي». واستذكر الدرويش في بيانه مجموعة من الأعمال الغنائية الرائعة التي قدمها جاسم خلال حياته، قائلاً إنها «ستكون نبراساً مشرقاً في مسيرة الفنان حسين جاسم».
خليجياً لم تغب صور الراحل عن حسابات الفنانين ونجوم الساحة، الذين عبروا عن عمق حزنهم لفقدانه، لا سيما وأنه جاء بعد وقت قصير من رحيل «أبو عدنان»، حيث نشر الفنان داوود حسين على صفحته في «انستغرام» صورة تجمعه مع الراحل، مرفقاً إياها بتعليق قال فيه: «أستاذي والقلب الطيب والإنسان الرائع حسين جاسم إلى جنات الخلد بإذن الله».
فيما علق القائمون على حساب الفنان الراحل عبد الحسين عبد الرضا الرسمي، بالقول: «حسين جاسم في ذمة الله، انطفأت شمعة الجلاس من بعد رحيلك يا أبو علي، عظم الله أجرك يا كويت، وعظم الله أجر أهل الفن»، وتقدم الفنان حسين البلام بالتعزية إلى أبناء الراحل، والأمر كذلك انسحب على الفنان والمنتج باسم عبد الأمير الذي نشر على حسابه مجموعة صور للراحل.
الفنانة أحلام، غردت عبر حسابها على موقع «تويتر» قائلة: «وفاة أجمل صوت من الزمن الجميل الأستاذ الكبير حسين جاسم بعد صراع مع المرض، اللهم ابدله داراً خيراً من داره»، فيما غرد المخرج والفنان محمد العلوي بالقول: «رحم الله الفنان القدير حسين جاسم، عاش حياته تحت قبة التعليم معلماً ومدير مدرسة، وختمها تحت قبة المسجد مؤذناً وذاكراً لله».
وقال وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الإعلام الكويتي بالوكالة رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الشيخ محمد العبد الله المبارك الصباح في بيان نقلته وكالة الأنباء الكويتية «كونا»، إن «الساحة الفنية الكويتية والخليجية.
فقدت برحيله فناناً موهوباً وأحد أعمدة فن الغناء الكويتي الحديث، إذ شق بصدق أدائه ورهافة حسه الفني والإنساني طريقاً في قلوب مستمعيه ومشاهديه، بما قدمه خلال مسيرته الفنية من أغان وطنية وعاطفية وتراثية متميزة».
وأبناء جيل السبعينيات والثمانينيات، عشقوا صوت الراحل حسين جاسم، وقد لقيت أغنياته التصفيق في عموم الكويت والخليج، لتظل أغنيته «حلفت عمري» واحدة من أروع ما قدم، في 1974 فاجأ الراحل الساحة بإعلانه اعتزال الفن، بسبب ما وصفه آنذاك بسيادة اللحن الرخيص والكلمة المبتذلة، لتكون أغنية «خلي حسين» آخر ما سجله في إذاعة الكويت قبل قرار اعتزاله الذي تراجع عنه بعد تحرير الكويت في 1991.