شهد يوم أمس، خطوة تصعيدية جديدة من قبل إسرائيل رغم الدعوات الدولية والإقليمية للتهدئة، إذ عمدت سلطات الاحتلال إلى نصب جسور جديدة عند الحرم القدسي وتركيب نظام مراقبة كامل يتيح التعرف على هويات الداخلين والخارجين إلى جانب إظهار كامل لتفاصيل الجسم وهو ما يعد انتهاكا جديدا للقانون الدولي.
وأمام تزايد الخطوات التصعيدية من جانب الاحتلال حذرت الأمم المتحدة من اندلاع حرب دينية، داعية مجلس الأمن للتدخل لوقف إجراءات إسرئيل التصعيدية.
وبدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إزالة البوابات الإلكترونية والكاميرات من محيط المسجد الأقصى فيما أبقت على الجسور المعلقة ونصبت سلطات الاحتلال في الوقت نفسه جسورا جديدة، وقامت بعمليات تمديد وحفر تمهيداً لنظام المراقبة الجديد الذي يشمل كاميرات وأجهزة مراقبة.
وقال ناشطون فلسطينيون إن النظام الجديد الذي بدأ الاحتلال منذ منتصف ليلة الاثنين الثلاثاء تطبيقه لا يتضمن كاميرات تقليدية كالتي كانت موجودة وإنما يشمل نظام مراقبة كاملاً يتيح التعرف على هويات الداخلين والخارجين إلى جانب إظهار كامل لتفاصيل الجسم.. مؤكدين أن النظام يحمل مخاطر وتعديات صحية وانتهاكا لحقوق الإنسان وهو مرفوض دوليا.
من جانبه، قال محافظ شؤون القدس عدنان الحسيني إن الإجراءات الجديدة على أبواب الأقصى بوضع كاميرات مراقبة أسوأ وأخطر بكثير من قضية البوابات الإلكترونية.
وكان بيان لمجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر ذكر أن إسرائيل قررت أن تأخذ بتوصية أجهزة الأمن وأن تستعيض عن أجهزة الكشف عن المعادن بوسائل «فحص ذكية».
وأمام هذا التصعيد الإسرائيلي الجديد، استعرت المواجهات عند باب الأسباط في القدس المحتلة، أمس، وسقط عشرات الجرحى من الفلسطينيين المعتكفين إثر قمع قوات الاحتلال، وصلى المقدسيون الفجر على مداخل المسجد المقدس.
وهاجمت قوات الاحتلال المصلين فجراً عند باب الأسباط، وأمطرتهم بوابل من القنابل من الغاز السام، واعتقلت عدداً منهم، وامتدت المواجهات عقب ذلك إلى حي وادي الجوز، وكانت عنيفة.
وأدى مئات الفلسطينيين صلاة الفجر في أزقة البلدة القديمة وشوارعها، وامتنعوا عن الدخول إلى المسجد الأقصى رغم تفكيك الاحتلال للبوابات الإلكترونية، وذلك لرفضهم نصب كاميرات على مداخل المسجد الأقصى المبارك.
وأكد مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف في كلمة له في مجلس الأمن، أن الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية يتزايد، مشددا على عدم قانونيته.
ودعا ملادينوف إلى أن تعود الأوضاع في القدس إلى ما كانت عليه تاريخياً.
وقال: إنه يجب إطلاق عملية سياسية وفق قرارات الأمم المتحدة، وإن على إسرائيل احترام التزاماتها وتجنب العنف والتوتر، مطالباً مجلس الأمن بالتدخل لوقف التصعيد وعبر عن تخوفه من تحول الصراع السياسي إلى ديني.
بدوره، جدد مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور، رفض الإجراءات الإسرائيلية في القدس والمسجد الأقصى.
ودعا منصور في كلمته خلال الجلسة الخاصة لمجلس الأمن، أمس، لاتخاذ تدابير عاجلة لإعادة الوضع القائم في القدس، ورفع كل الإجراءات التي تؤدي إلى تغيير هذا الوضع.
وقال منصور: «إن الوضع الهش في القدس ازداد تدهورا، وتسعى إسرائيل لتنفيذ أجندتها التدميرية ضد شعبنا ومقدساتنا، في استهتار كامل في القانون الدولي، وحذرنا من تأجيج نيران الحرب الدينية، حيث وصلنا إلى نقطة الانفجار».
وأضاف: «لا بد من إرسال رسائل واضحة لإسرائيل ولا بد من إطلاق رسائل صريحة ضد إجراءاتها وتصريحات مسؤوليها، فهي تريد التأكيد على سيطرتها على الحرم الشريف الذي لا زال يشكل جزءاً من أراضي فلسطين التي احتلت عام 67، وما زلنا ندعو لنزع فتيل التوتر من خلال رفع كل هذه الإجراءات، ورفع القيود عن دخول الفلسطينيين ومنعهم من الصلاة».
من جهتها، أكدت المرجعيات الدينية الفلسطينية في القدس، تمسكها بقرار عدم الدخول إلى المسجد الأقصى حتى تقييم الوضع بعد الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة.
وشددت المرجعيات (مجلس الأوقاف الإسلامية، ودار الإفتاء، والهيئة الإسلامية العليا، ومكتب القائم بأعمال قاضي القضاة) في القدس، في بيان، على ضرورة إزالة آثار العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى وحوله.
وأعرب البيان عن رفض المرجعيات الدينية لكل ما قامت به سلطات الاحتلال الإسرائيلي من تاريخ 14 من الشهر الجاري وحتى الآن.
وقررت المرجعية الدينية في القدس تكليف لجنة فنية من الأوقاف لدراسة الوضع وتقديم تقرير عن حال المسجد الأقصى حالياً، وقررت الاستمرار في الصلاة خارج الأقصى، لحين صدور تقرير من لجنة الأوقاف.
بدورها، أعلنت الأوقاف الإسلامية في القدس أن لا دخول الى المسجد الأقصى في القدس للفلسطينيين إلى حين قيام لجنة تابعة لها بتقييم الوضع بعد إزالة السلطات الإسرائيلية بوابات كشف الآلات المعدنية عن مداخل الحرم القدسي.
وقال الناطق باسم الأوقاف في بيان «لا دخول إلى المسجد الأقصى المبارك إلا بعد تقييم لجنة فنية من إدارة الأوقاف وإرجاع الوضع كما كان عليه قبل 14 الشهر الجاري».
في هذه الأجواء، قرر مجلس الوزراء الفلسطيني تشكيل لجنة طوارئ معلناً التنفيذ الفوري لتوجيهات الرئيس محمود عباس (أبو مازن) لدعم القدس.
وأكد مجلس الوزراء، خلال جلسته الأسبوعية، التي عقدها أمس في مقر محافظة القدس برئاسة رامي الحمدالله، تأييده الكامل للمواقف التي أعلنها عباس في خطابه بشأن القدس.
وأعلن الحمدلله تشكيل لجنة طوارئ تعمل بالتنسيق مع اللجنة الوطنية العليا لشؤون القدس ورصد مبلغ بقيمة 15 مليون دولار من أصل المبلغ الذي أقره عباس بقيمة 25 مليون دولار لدعم القدس، وقطاع الإسكان، وترميم البيوت في هذه المدينة.
بدورها، دعت فصائل المقاومة إلى التدخل العاجل للجم الاحتلال عما يفعله في المسجد الأقصى من تغيير في معالمه وفرض واقع جديد به.