على الرغم من أن موعد الانتخابات البرلمانية في الجزائر لا يزال بعيداً، إلا أن حزب جبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم) وغريمه التجمع الوطني الديمقراطي «الأرندي» (ثاني أكبر الأحزاب في الجزائر وهو من الموالاة) بدآ معركتهما من أجل الفوز بالأغلبية الساحقة للمقاعد، فيما ينهمك المواطن الجزائري في متاعب الحياة مع قدوم موعد الدخول الاجتماعي الذي لا يفصله عنه سوى أيام معدودات في ظل تراجع القدرة الشرائية له مع موجة ارتفاع الأسعار، وهو ما تحاول السلطة استغلاله عبر إطلاق وعود بأنه سيكون دخولاً مميزاً في وقت وجهت حركة مجتمع السلم صفعة للمعارضة التي كانت تسريبات إعلامية تحدثت عن شبه اتفاق بالمقاطعة.
ورغم وجود الأمين العام للحزب الحاكم عمار سعداني في عطلة إلا أنه عين عضو المكتب السياسي أحمد بومهدي لينوب عنه ويكثف الحزب من نشاطاته استعداداً للدخول الاجتماعي المقبل وما تحمله من أجندات سواء على المستوى السياسي أم الاجتماعي، على غرار مشاريع القوانين التي ستناقش في المجلس الشعبي الوطني (البرلمان)، إضافة إلى التحضيرات الخاصة باستحقاقات 2017 والمتمثلة في الانتخابات التشريعية والمحلية والتي يسعى من خلالها الحزب وكعادته إلى الاحتفاظ بالريادة على الساحة السياسية أو الدخول المدرسي ومحاولة بث رسائل اطمئنان لأولياء الطلبة بأن الموسم الدراسي الجديد سيكون ناجحاً وسيمر من دون عقبات.
ويسعى عدد كبیر من أعضاء الحزب بما في ذلك معظم أعضاء اللجنة المركزية، ليظفروا بمقعد ضمن قوائم الحزب فيما لم يعد خفیاً تخوف بعض أعضاء المكتب السياسي من التوجه العام لقیادة الحزب، التي تتجه نحو ترشیح معظم الوزراء في التشريعات المقبلة، حتى تمنح الثقل المطلوب لقوائم الجبهة بالولايات «المحافظات».
بدوره، يراهن التجمع الوطني الديمقراطي على الانتخابات التشريعية، للسيطرة على مبنى البرلمان وانتزاع الصدارة من جبهة التحرير الوطني.
وأطلق التجمع تحضيراته المبكرة للسباق البرلماني؛ إذ بدأ الأمين العام للتجمع أحمد أويحيى بقيادة حملة انتخابية مسبقة إذ كثف أويحيى من لقاءاته بأعضاء حزبه خلال الشهر الماضي، حيث استنفر قواعده للاستحقاقات المقبلة خوفا من تكرار سيناريو تشريعيات 2012، التي شكلت صدمة لثاني أكبر تشكيلة سياسية في البلاد، بعد حجزها 70 مقعدا فقط داخل البرلمان، مقابل 221 للأفلان، وركز أويحيى في لقاءاته على ضرورة الاهتمام بالموعد الانتخابي المقبل والتصويت لمرشحي الحزب بصفتهم الممثلين الرسميين له.
ونقل أويحيى معركة الانتخابات البرلمانية إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كانت البداية مع إطلاق الصفحة الرسمية للحزب على «الفيسبوك»، وأطل أويحيى على الجزائريين عبر أربع مقاطع فيديو تحدث بها بأربع لغات وهي العربية والأمازيغية والفرنسية والإنجليزية لأول مرة، ودعاهم من خلالها للانخراط في صفوف الحزب وتزويده بالأفكار ووجهات النظر.
بالمقابل، وفي وقت الذي تحدثت فيها تسريبات عن توجه المعارضة نحو قرار مقاطعة هذه الانتخابات.. سارعت حركة مجتمع السلم (إخوان)، لاتخاذ قرار المشاركة، وهو ما اعتبره مراقبون ضربة موجعة لتنسيقية الانتقال الديمقراطي والمعارضة عموما التي تبحث عن توحيد الصف. من جهته، قرر حزب طلائع الحريات المعارض عقد دورة استثنائية للجنة المركزية، نهاية أكتوبر المقبل، للفصل في قرار المشاركة في الانتخابات.
وحسب مصادر فإن حزب طلائع الحريات يعد من بين الأحزاب المعارضة التي تعيش تحت ضغط بعدم خوض الانتخابات المقبلة ومقاطعتها، حيث إن رئيس الحزب علي بن فليس يعتزم اللجوء إلى المقاطعة إذ استبق قراره بتبريرات في مقدمتها القانون العضوي المتعلق بالانتخابات الذي تضمن تقييداً للمشاركة على حد تعبيره.
وفي سياق متصل، رجحت مصادر أن يعلن حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المقاطعة في حال إعلان حزب جبهة القوى الاشتراكية (أقدم حزب معارض في البلاد) المشاركة، خاصة وأن الجبهة ستخوض هذه المعركة لأول مرة من دون زعيمها الراحل حسين ايت أحمد.
وتعتمد الانتخابات البرلمانية الجزائرية على قانون الانتخابات الذي يحدد المدة الزمنية لمجلس النواب المنتخب، وهي خمس سنوات، بطريقة الاقتراع النسبي على القائمة الموزعة على حدود كل الدوائر الانتخابية، ولا يمكن أن يقل عدد المقاعد عن أربعة بالنسبة إلى الولايات التي يقل عدد سكانها عن 350 ألف نسمة.