أجمع خبراء متخصصون في الاستراتيجيات والاتصال المؤسسي أن طيران الإمارات قدمت دروساً احترافية في التعامل مع حادثة احتراق الطائرة، من خلال الشفافية وسرعة التواصل مع الجمهور عبر وسائل الإعلام التقليدية والاجتماعية.
ونشر الخبير الإعلامي ماهر الدسوقي عبر حسابه في موقع «لينكد ان» مقالاً أشاد فيه باستراتيجية إدارة الأزمة التي نفذتها طيران الإمارات بعد حادثة طائرتها في مطار دبي يوم الثالث من أغسطس الجاري.
وقال الدسوقي في مقاله إن هناك دروساً رقمية خمسة قدمتها طيران الإمارات باحترافية عالية خلال هذه الأزمة التي تابعها الملايين في زمن انتقال الخبر بصورة فائقة السرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي فضلاً عن الإعلام المسموع والمقروء مع وجود طائرة بوينغ 777 في الرحلة رقم 521 والتي تحمل 282 مسافراً اضافة إلى 18 من أفراد الطاقم والتي واجهت حريقاً لم يصب خلاله احد من الركاب.
وأضاف في مقاله أن أنظار العالم لم تكن في هذه اللحظة مصوبة على الشاشات أو الإذاعات والصحف بل على المواقع الإخبارية والتطبيقات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي التي كان العالم فيها يتابع حيثيات الحادث بفضل أجهزة الهواتف الذكية التي توفر كل هذه المواقع والتطبيقات.
ويؤكد الدسوقي أن هناك 5 دروس أو استراتيجيات تعلمناها من طيران الإمارات في فن إدارة الأزمات وخاصة فيما يتعلق بحماية السمعة والعلامة التجارية.
واضاف “لن تعرف أبداً متى تحدث الأزمة ومتى تصيبك أو تحدث لعلامتك التجاري. بالطبع فإن فريق التسويق والعلاقات العامة في طيران الإمارات كان لديه «استراتيجية إدارة الأزمات» وخطة تنفيذ لها لمواجهة احتمالات حدوثها في المستقبل. لذلك نفذت الشركة هذه الاستراتيجية بحذافيرها لاحتواء الموقف بهدوء لبث الطمأنينة في نفوس الجمهور لحماية صورة العلامة التجارية.
إن امتلاك خطة إدارة أزمة رقمية جاهزة وتوزيعها على فريق العلاقات العامة والتسويق اضافة إلى كادر المؤسسة نفسها عامل مهم للغاية للسيطرة ومراقبة كل ما يقال متى وكيف يتم التبليغ ومن سيتم تبليغه والأهم التوقيت الملائم.
ليس هناك مجال للخطأ أو اساءة استخدام المعلومات أمام الجمهور. عليك أن تؤكد أو تنفي الحادثة. وهذا لا يعني أن تركز في اتصالاتك على المشكلة ولكن اكثر على الحقائق الأساسية وتحديدا على الحلول والإجراءات الإيجابية التي تتخذها الشركة لصالح عملائها وبما يكفل حماية صورة العلامة التجارية.. عليك أن تكون قائداً وتظهر التعاطف والاحترام والدعم المستمر.
لم تترك طيران الإمارات الفرصة لأي شخص أن يبدأ باختلاق القصص الخاصة به والإشاعات حول الحادث. خلال فترة قصيرة ظهر أول بيان من الناقلة يؤكد الحادث على موقع الناقلة وشبكات التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر ويؤكد أيضا أولوية الحفاظ على سلامة المسافرين والطاقم ووفرت الشركة خطوط اتصال ساخنة للإجابة على تساؤلات أهالي المسافرين والأصدقاء وبث الطمأنينة فيهم.
الاستماع لما يقال حولك حول سمعة الشركة وعلى مدار الوقت عامل حاسم للغاية لمنع التأثيرات السلبية على سمعة الناقلة والمحافظة على الصورة الإيجابية.
هناك عدد من الآليات العالية المتطورة للمراقبة والاستماع الرقمي التي تسهل عليك تنفيذ عملك.
عليك أن تحمي صورة الشركة
ربما لم ينتبه احد إلى أن طيران الإمارات بادرت فوراً بتغيير ألوان شعارها إلى الأبيض والرمادي في خطوة احترافية ابرزت التعاطف مع المسافرين وأزالت الألوان من هذا الشعار في وسائل التواصل الاجتماعي في فيسبوك حيث إن متابعيها يبلغون 6.2 ملايين متابع وعلى تويتر بمتابعين أعدادهم 765 ألف متابع اضافة إلى لينكد ان بـ 598 ألف شخص. ومع وجود هذا الكم الهائل من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي نجحت طيران الإمارات بمسؤولية عالية في ابراز تعاطفها وشعورها المسؤول مع الجمهور.
وحتى خلال المؤتمر الصحافي حرصت الناقلة على عدم وجود شعار الناقلة في الغرفة.
نجاح دبي
ومن جهته قال سعد الربيعان الشريك الإداري لشركة سلكة للاستشارات الاتصالية رئيس مجلس الأعمال الكويتي إن طيران الإمارات امتازت في إدارة هذا الحدث بالسرعة والشفافية في الاتصال مع الجمهور الأمر الذي مكنها من فرض القصة الحقيقية على الشارع دون إعطاء فرصة لوسائل الإعلام بتناول الإشاعات الأمر الذي ظهر من خلال العناوين الرئيسية في وسائل الإعلام المحلية والأجنبية.
وأشار الربيعان أن عبقرية طيران الإمارات في إدارة الأزمة ظهرت من خلال التكامل في استخدام وسائل التواصل سواء الوسائل التقليدية عبر الإذاعة والتلفزيون والصحف أو وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي ظهر من خلال التصريحات المباشرة حول الحادثة لسمو الشيخ أحمد بن سعيد الرئيس الأعلى لطيران الإمارات، عبر وسائل التواصل الاجتماعي الأمر الذي أوصل الصورة إلى الجمهور بأسرع ممكن.
تحتاج المؤسسات والشركات إلى التحول من التقليدي إلى الرقمي فيما يتعلق بالإعلان والاتصالات التسويقية وإدارة السمعة إلكترونياً. إن وجود خطة مسبقة واختيار الآليات والمنصات الملائمة والتقنيات الحديثة تتيح للعلامات التجارية الوصول باحترافية للعملاء والتفاعل معهم وهي عوامل حاسمة في إدارة الأزمة والمحافظة على السمعة. ومع تفاعل العملاء مع علامة تجارية كبيرة مثل طيران الإمارات فإن ذلك يعطي ثقة للجميع أن طائرتهم في ايد أمينة. وهي دروس قدمتها لنا طيران الإمارات خلال هذه الأزمة استحقت عليها الإعجاب.
سرعة وشفافية في التعامل مع الحدث
قال مأمون صبيح المدير التنفيذي بالمنطقة العربية لشركة آبكو العالمية: «إن شركة طيران الإمارات تمثل امتداداً لنجاحات دبي المتتالية على كل المستويات وجزءاً أساسياً في منظومة حداثتها، ومن النجاحات العديدة لهذه الشركة العالمية يسجل مستوى الاحترافية العالية بالتعامل مع الحادث المؤسف لإحدى طائراتها وما لحق الحادث من تغطية إعلامية واسعة على كل المستويات المحلية والإقليمية والعالمية.
وأضاف أن الأزمات تكشف حقيقة القدرات الكامنة، وما تابعناه من إدارة شركة طيران الإمارات لتبعات الحادث بأسلوب هادئ ومحترف وتقديم المعلومات والرد على مختلف استفسارات الجمهور والإعلام بأعلى درجات الشفافية يدل على الإمكانيات المرموقة التي تتمتع بها هذه الشركة العملاقة على المستوى الاتصالي.
وأوضح صبيح: إن متابعتنا لأزمة الطائرة الإماراتية وما تبعها من تداول للمعلومات عنها وعند المقارنة مع حوادث مشابهة وقعت حول العالم، نجد الفرق الواضح في أسلوب إدارة الأزمة بين نهج الشفافية ونهج حجب المعلومات، وعندما نرى أن طيران الإمارات خرجت من هذه الحادثة دون أدنى تأثير يذكر على سمعتها كأفضل ناقلة في العالم نعي تماماً أن المصداقية بالتعامل مع وسائل الإعلام جنبها النقد بل وجعل من تلك الوسائل حليفة للشركة ومدافعة عنها، وبالتالي فقد برهنت دبي ومن جديد على قدرتها على مواجهة أي حالة طارئة أو أزمة عابرة، فتكاتف كل الجهات المعنية أسهم في إنقاذ ركاب الطائرة في وقت قياسي، ليكون ما جرى صفحة جديدة تسجل في كتاب النجاح وأنماط عمل الفريق الواحد.