بحث وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بمشاركة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري في الرياض أمس، كيفية التصدي لتدخلات إيران في المنطقة، وأكد كيري أنه برغم الاتفاق النووي مع إيران إلا أن بلاده تشارك السعودية ودول الخليج القلق من الأنشطة الإيرانية الداعمة للإرهاب في المنطقة، مؤكداً دعم واشنطن للدول الخليجية في وجه أي تهديدات، إضافة إلى وقوف واشنطن مع الرياض في مواجهة التمدد الحوثي في اليمن، في حين أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير وجود تطابق كبير في وجهات النظر بين الجانبين السعودي والأميركي تجاه قضايا المنطقة، مُشدداً أن المملكة تعمل مع أميركا لإزالة الرئيس السوري بشار الأسد وخلق مستقبل أفضل لسوريا.
وجرى خلال الاجتماع، الذي عقد في مطار قاعدة الملك سلمان الجوية في الرياض، بحث علاقات التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة الأميركية في إطار الشراكة الاستراتيجية القائمة وما تم التوصل إليه بشأن مسارات التعاون المشترك لمخرجات القمة الخليجية – الأميركية التي عقدت في مايو 2015 في كامب ديفيد بالإضافة إلى تطورات الأوضاع في المنطقة والجهود الدولية لمكافحة الإرهاب.
وكان سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، وصل إلى الرياض في وقت سابق وكان في استقباله بمطار قاعدة الملك سلمان الجوية بالرياض وزير الخارجية السعودي عادل بن أحمد الجبير، والأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبداللطيف بن راشد الزياني وسفراء دول مجلس التعاون الخليجي لدى المملكة، ومحمد سعيد محمد الظاهري سفير الدولة لدى المملكة العربية السعودية.
وأوضح وزير الخارجية السعودي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره كيري أن الاجتماع ناقش قضايا المنطقة وتطورات الأوضاع في سوريا واليمن وعملية السلام وكذلك التطورات في ليبيا وآخر المستجدات حول نتائج قمة كامب ديفيد التي جمعت الرئيس الأميركي باراك أوباما وقادة دول مجلس التعاون الخليجي في مايو الماضي.
وأشار وزير الخارجية السعودي إلى أن الاجتماع اتسم بالشفافية والموضوعية والصراحة وقد ناقش بعمق الدور الإيراني السلبي في المنطقة والتدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المنطقة. وأضاف أن إيران لا تزال تدعم الإرهاب وتمارس أنشطة عدائية تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة، لافتاً في هذا الصدد إلى ضرورة التزام إيران ببنود الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه مع مجموعة (5+1) التي تضم الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا. وأكد وجود تطابق كبير في وجهات النظر بين الجانبين السعودي والأميركي في عدة ملفات. مشدداً على أن إيران لا تزال الراعي الأول للإرهاب وأنه لا يرى أن التقارب بين واشنطن وطهران مخيف.
وقال رداً على سؤال بشأن التصريحات الإيرانية الأخيرة المتعلقة بتجهيز مقاتلين في دول المنطقة، إن هذه التصريحات تعبر عن السلوك العدواني لإيران. وأكد أن السعودية مستعدة تماماً لاتخاذ كل الإجراءات لمواجهة كل التهديدات.
عن العلاقات الأميركية الإيرانية فيما يتعلق بتبادل السجناء، أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن الولايات المتحدة الأميركية تدرك جيداً خطر السلوك الإيراني، فيما يتعلق بممارسات إيران وأنشطتها السلبية في المنطقة، إلى جانب استمرارها في دعم الإرهاب، واحتضانها لتنظيمات إرهابية، ناهيك عن ثبوت تورط مسؤولين من المخابرات الإيرانية في أعمال إرهابية، أدى إلى دخولهم قائمة المطلوبين أمنياً في قضايا الإرهاب، أو قيامها بإعدام أشخاص وعرض صورهم أمام العالم، وجميع هذا يبطل ادعاءات إيران بأنها بلد طبيعي وتتصرف بطريقة طبيعية.
وبناءً على هذه المعطيات التي تؤكد أن إيران بلد يتصرف بسلبية كبيرة، شكك الجبير في منطقية وجود علاقات أميركية إيرانية فيما يخص تبادل للسجناء، لأن أي شخص يعيش في الولايات المتحدة لن يفكر في المغادرة بل سيختار البقاء هناك لأنها بلد عظيم.
من جانبه أكد وزير الخارجية الأميركي التزام بلاده باستمرار الشراكة الاستراتيجية مع دول الخليج والتعاون بهدف تحقيق المصالح المشتركة والدفاع المشترك في مواجهة أي تهديدات، مشيراً إلى أن واشنطن تقف إلى جانب السعودية في مواجهة ما يهدد أمنها واستقرارها. كذلك قال «نتابع بقلق كبير الأعمال التي يرتكبها الحوثيون، وندعم التحالف التي تقوده السعودية ضد التمرد الحوثي في اليمن».
وبشأن الاجتماع الخليجي الأميركي المشترك، أكد كيري أن النقاشات كانت بناءة وتطرقت إلى العديد من الملفات ذات الاهتمام المشترك ومنها الأزمة السورية والأوضاع في اليمن وما يشكله التمدد الحوثي وتنظيم القاعدة من تهديدات إضافة إلى التعاون في محاربة ما يسمى تنظيم داعش.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة جددت خلال الاجتماع طمأنتها لدول الخليج بشأن الاتفاق النووي مع إيران وما يساورها من قلق تجاه أنشطة إيران العدائية في دول المنطقة ودعمها الجماعات الإرهابية مثل حزب الله بالأسلحة والصواريخ عبر سوريا، حيث قال إن الحزب يمتلك قرابة 80 ألف صاروخ.
وأوضح: «أكدنا ضرورة التنفيذ الكامل للاتفاق النووي مع إيران لكن مع ذلك نبقى قلقين بسبب بعض الأنشطة التي تقوم بها إيران وتدخلها في بعض الدول ودعمها للجماعات الإرهابية وتطويرها للصواريخ الباليستية». وأكد وقوف الولايات المتحدة مع الدول الخليجية في وجه أي تهديدات أمنية، قائلاً: «دعوني أؤكد للجميع أن العلاقات بين الولايات المتحدة ودول الخليج بنيت على المصالح المشتركة، ولن يكون لديكم أدنى شك في أننا سنتخاذل عن الدفاع عن الخليج ومصالحه تجاه أي تهديدات». وتطرق كيري إلى محادثات مع الدول الخليجية بشأن إقامة درع صاروخي دفاعي.
وفيما يتعلق بمفاوضات «جنيف 3» الخاصة بالأزمة في سوريا والذي قال كيري إنه سيكون الأسبوع المقبل، موضحاً أن هناك مجالاً يسمح بدعوة الكثير من الأطراف لمفاوضات جنيف، وأكد أن المفاوضات تتم مراقبتها بجدية وأمل في تحقيق تقدم لحل الأزمة السورية وفقاً للقرارات الدولية ونتائج اجتماعات جنيف وفيينا بالتوصل إلى مرحلة انتقالية، مشيراً إلى أنه بعد انتهاء هذه الجولة ستعقد مجموعة أصدقاء سوريا اجتماعاً لمعالجة القضايا التي لا تزال محل خلافات بين الأطراف، مؤكداً أنه خلال الأشهر المقبلة ستلحق بتنظيم داعش الإرهابي نكسة كبيرة في العراق وسوريا.
وأكد كيري أن الحرب في سوريا لن تنتهي بين عشية وضحاها، مرجعاً ذلك إلى الإصرار على استمرار الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم. وقال إن الأسد يمثل «مغناطيساً» سيستمر في جذب أعمال العنف والإرهاب طالما بقي في الحكم. وحمله مسؤولية انتشار أعمال القتل والتدمير والعنف في سوريا إضافة إلى قيامه بالحصار والتجويع لبلدة مضايا وإلقاء البراميل المتفجرة على المدنيين في القرى والمدن السورية ما تسبب في تدمير المرافق الصحية والتعليمية.
عن وجود اتفاقات أو تعهدات مكتوبة ستقدمها الولايات المتحدة لدول الخليج لتوثيق التطمينات الأميركية قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري: «لدينا مذكرات تفاهم واتفاقات تقريباً مع جميع البلدان الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي فيما يتعلق بعلاقاتنا الراهنة، حيث لدينا القواعد في بعض البلدان وكذلك مبادلات عسكرية وبرامج تدريب تجري أيضاً في مجالات الاستخبارات وهناك مشاركة للجيوش الأميركية والخليجية في هذه البرامج، لدينا إذاً علاقات أمنية كاملة فيما بيننا، وهناك أيضاً جوانب أخرى سوف تقدم مثل العمل على نظام دفاعي صاروخي ونحن لدينا مجموعات عمل تعمل على شتى الأصعدة وفي مختلف المجالات».