يموت الآلاف يومياً بصمت على هذه الأرض، لأنهم احتاجوا إلى دم أو زراعة أعضاء ضرورية قد تبقيهم أحياء بمشيئة الله، ولكنهم صُدموا بمن يبخلون بشيء من دمهم، أو صُدوا عن التبرع بأعضاء حيوية في جسمهم، ولن نقول وهم أحياء خشية المضاعفات، بل بعد وفاتهم. وهناك من يحتاجون إلى أعضاء أخرى يمكن أن يتبرع بها الأموات إلى الأحياء، قد تشفي المحتاج من عمى أو صمم أو تشوه وأمور أخرى، وقدّم وزير الصحة السوداني بحر إدريس أبو قردة نفسه نموذجاً لهذه المبادرة الإنسانية، بأن أعلن عن تبرعه بكل أعضائه بعد وفاته حال وفاته لمصلحة المرضى، ودعا، في الوقت ذاته، المجتمع السوداني إلى تبني ثقافة التبرع بالأعضاء لتخفيف معاناة ذويهم من المرضى.
وطالب بأن تُدشن قريباً حملة للتوعية بأهمية وضرورة التبرع بالأعضاء لفائدة المرضى الذين يحتاجون إلى تلك الأعضاء، معتبرين أن التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية يجب أن يكون بمرور الأيام ثقافة نبيلة راسخة في سلوك السودانيين. كما دعا وزير الصحة السوداني إلى الاهتمام بمجالات التغذية، لتساعد على علاج مرضى الفشل الكلوي، وخلق عدد من المبادرات التي تسهم في تعزيز صحة مرضى الفشل الكلوي، الذي انتشر بنسب مخيفة في أوساط السودانيين.
وأصبحت فكرة سجلات المتبرعين بأعضائهم بعد الوفاة منتشرة في العديد من الدول، وهي فكرة إنسانية راقية، وليست بعيدة عن الدين، بل من أصل الدين، وتستند الفكرة إلى تدوين المتبرع اسمه في سجلات المشفى المركزي أو الجهة المختصة، وترفق ببيانات بالأعضاء التي يسمح بأن يتبرع بها، أو لنقل تؤخذ من جسده، ومعلومات أخرى عن الصحة الجسمية العامة للمتبرع. ويتم عند الجهة نفسها تسجيل جميع طلبات المرضى والأعضاء التي يحتاجون إليها، وربطها بالمتبرعين المناسبين المسجلين عندها، وتمرر أسماء الموتى يومياً على هذه الجهة، وفي حال مرور اسم أحد المتبرعين عندها تُعلم المريض المحتاج إلى التبرع.