رعى الملك عبدالله الثاني، بحضور جلالة الملكة رانيا العبدالله، في المملكة المتحدة اليوم الجمعة، حفل تخريج فوج من ضباط الأكاديمية العسكرية الملكية ساندهيرست، الذي يضم سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد.
والتحق سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني ولي العهد، الذي ولد عام 1994 وسمي وليا للعهد عام 2009، بأكاديمية ساندهيرست العام الماضي بعد أن أنهى دراسته في تخصص التاريخ الدولي من جامعة جورج تاون الأمريكية العريقة.
ولدى وصول جلالة الملك وجلالة الملكة إلى الأكاديمية، كان في استقبالهما آمر الأكاديمية اللواء بول نانسون، ودون جلالتاهما كلمة في سجل كبار الزوار.
بعد ذلك، توجه جلالة الملك إلى المنصة يرافقه حرس الشرف، حيث عزفت الموسيقى السلام الملكي الأردني، ثم قام جلالته بالتفتيش على الطابور الذي ضمّ الخريجين والمتدربين يرافقه آمر الأكاديمية.
وتابع جلالته مراسم تخريج فوج الضباط، التي تضمنت تسليم علم الفصيل الملكي الذي يُمنح للفصيل الأفضل أداءً في الفوج المتخرج.
كما تضمنت المراسم استعراضا بالمسير البطيء والمسير العادي، وعزفت الموسيقات ألحانا ومارشات عسكرية من التراث الموسيقي الأردني والبريطاني والعالمي.
وشارك فصيل من عازفي القرب من موسيقات القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي إلى جانب الفرقة الموسيقية البريطانية في مراسم التخريج، وأدى مجموعة من القطع والمارشات الموسيقية من التراث الموسيقي العسكري الأردني والبريطاني، وهي المرة الأولى التي تشارك فيها فرقة موسيقية عسكرية غير بريطانية في المراسم.
وبعد انتهاء الاستعراض، ألقى جلالة الملك كلمة للخريجين وطابور الاستعراض، أعرب فيها جلالته عن سعادته برعاية تخريج فوج ضباط الأكاديمية، وقال “هذه ليست المرة الأولى التي أتشرف فيها بحضور تخريج فوج الضباط، فقبل سنوات عديدة، كنت ضابطا خريجا مثلكم، أقف مكانكم اليوم”.
وأضاف جلالته، الذي تخرج من الأكاديمية العسكرية الملكية ساندهيرست عام 1980، “إن ذكريات ذلك اليوم ما تزال حاضرة في ذهني بكل وضوح، وهو ما يزيد من سعادتي وأنا أتحدث إليكم: ضباطا خريجين، وعائلاتهم وأصدقائهم، وأسرة الأكاديمية، والضيوف الكرام. ولأنني عشت مثلكم أجواء التخريج الرائعة، فإنني على معرفة بما يدور في أذهان الحاضرين”.
وخاطب جلالته الخريجين “كرفيق لكم في الخدمة العسكرية، أود في هذا اليوم أن أشارككم كضباط زملاء بعضاً من الدروس والعبر.. ستتوفر لكم وللجنود تحت قيادتكم موارد لم يسبق لها مثيل. ففي مسيرتكم العسكرية، ستتطور التكنولوجيا باستمرار، ولكن، عليكم دائماً أن تتذكروا أنه لا يمكن لأي من هذه الإمكانيات أن تحل محل نموذج القيادة الذي ستمارسونه”.
وأضاف جلالته “في السنوات المقبلة، سيتطلع إليكم جنودكم لترشدوهم وتلهموهم. وسيتطلعون إليكم أيضاً ليشعروا أنكم تهتمون حقاً بهم وبأسَرهم، سيتخذونكم مثالاً وقدوة لهم في النزاهة، وسيستمدون شجاعتهم من ثباتكم. وهذه الخصال ليست حكراً على المجال العسكري وحسب، فهي مهمة أيضاً ويمكن تطبيقها في الخدمة العامة وفي القطاع الخاص”.
وأكد جلالته أنه “لا شك أن هذه المسؤوليات ستكون هائلة وشاقة في بعض الأحيان، وعليكم أن تسعوا لتكونوا الأفضل. واعلموا أنكم لن تكونوا وحدكم، فأصدقاؤكم في الفصيل والسرية هنا هم أصدقاؤكم مدى الحياة؛ لأنكم تعلمتم معاً أن العمل من أجل بعضكم البعض هو السبيل الوحيد للنجاح”.
وقال جلالته “تحت الأمطار وفي الوحل في ميادين تدريب (بريكون) توطدت بعض أهم الصداقات في حياتكم، مع ضباط من دول وثقافات وديانات أخرى. ومن شأن هذه الروابط التي بنيتموها هنا أن تمكنكم جميعاً من قيادة الوئام العالمي الضروري لتحقيق مستقبل يسوده الأمن والسلام”.
وأضاف جلالته “كما عليكم أن تتذكروا أيضاً الكثيرين الذين ساندوكم في أشد الظروف، أصدقاؤكم، وعائلاتكم الذين كانوا يشجعونكم منذ وصولكم هنا، تحملون طاولات الكي. أشكرهم جزيلاً، نيابة عن جلالة الملكة إليزابيث، وأعلم كم سيكون دورهم مهماً بالنسبة لكم وأنتم تبدؤون هذه المسيرة المليئة بالحماس والتحديات، وأحياناً، المخاطر”.
كما خاطب جلالته الخريجين “احرصوا أن تكونوا دائماً واثقين وفخورين بأفعالكم. الحياة أمامكم لن تكون كلها أياماً جيدة وسعيدة؛ ولن تكسبوا جميع المعارك. ولكن، مهما واجهتم من صعوبات في الحياة، عليكم وباستطاعتكم أن تنهضوا مجدداً وأن تستمروا بالعمل”، مضيفا جلالته “في هذه المرحلة من مسيرتكم العسكرية، بدأ الجد. أنتم تتخرجون الآن لأن هناك أشخاصاً قد آمنوا بقدراتكم. عليكم الآن أن تؤمنوا بأنفسكم وأن ترتقوا إلى مستوى التحديات”.
وأضاف “احرصوا على فعل الصواب مهما كان القرار صعباً، ثقوا بما تعلمتموه على يد مدربيكم، استمدوا العزيمة من أسركم وإيمانكم. وقبل كل شيء، زملائي الضباط، استمروا بتجسيد شعار ساندهيرست (الخدمة أساس القيادة)”.
وسلم جلالته، خلال حفل التخريج، الجوائز على الطلبة المتفوقين، من بينها ميدالية الحسين التي تمنح لأكثرهم تطورا خلال فترة التدريب والتي تخصص للطلبة غير البريطانيين.
ودرجت ساندهيرست على منح هذه الميدالية، التي تحمل اسم جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، الذي تخرج منها عام 1953.
كما سلم الملك عددا من الأوسمة والميداليات العسكرية البريطانية على مجموعة من المدربين في الأكاديمية.
وفي نهاية الحفل، تسلم الملك من آمر الكلية ميدالية الأكاديمية العسكرية الملكية ساندهيرست، فيما أنعم جلالته على الأكاديمية بميدالية مئوية الثورة العربية الكبرى.
وحضر الملك و الملكة مأدبة الغداء التي نظمتها الأكاديمية احتفالا بالخريجين وذويهم.
وحضر حفل التخريج سمو الأميرة منى الحسين، وسمو الأمير هاشم بن عبدالله الثاني، وسمو الأميرة إيمان بنت عبدالله الثاني، وسمو الأميرة سلمى بنت عبدالله الثاني.
وتعد الأكاديمية العسكرية الملكية ساندهيرست من أعرق المؤسسات التعليمية العسكرية في العالم، ويعود تاريخ بعض أقسامها إلى أكثر من 250 عاما، وهي الأكاديمية العسكرية الوحيدة التي تخرج الضباط للالتحاق بالقوات المسلحة البريطانية.
وتقوم ملكة بريطانيا بتخريج الضباط المرشحين، أو تقوم بدعوة قادة عالميين تربطهم علاقات صداقة وثيقة بالمملكة المتحدة لرعاية مراسم التخريج. كما يلتحق بالأكاديمية ضباط مرشحون من دول أخرى.
وسبق لجلالة الملك عبدالله الثاني أن رعى تخريج فوج ضباط الأكاديمية عام 2006، كما رعى جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال تخريج فوج ضباط في العام 1980 والذي ضم جلالة الملك عبدالله الثاني، كما تخرج عدد من أصحاب السمو الأمراء من الأكاديمية.