تحتفل مملكة البحرين، اليوم، بيوم ميثاق العمل الوطني الذي يمثل مناسبة وطنية توازي بالأهمية العيد الوطني، باعتباره مرحلة تحول مفصلية من تاريخها السياسي في وضع الأسس الحديثة للحياة الديمقراطية والنيابية.
ففي 14 فبراير 2001، طرحت وثيقة ميثاق للاستفتاء الشعبي العام، وحازت موافقة نحو 98.4 في المئة من تأييد المصوّتين، وبناء عليها أطلقت العملية السياسية والانتخابات الديمقراطية النيابية وتحويل البحرين من نظام الإمارة إلى الملكي.
ويعد ميثاق العمل الوطني وثيقة تاريخية مهمة تضمنت مبادئ عامة وأفكاراً رئيسة تهدف إلى إحداث تغييرات في العمل في إدارة الدولة، ومهدت كذلك الطريق لبدء مسيرة الديمقراطية، وتحديث المؤسسات السياسية والاقتصادية اعتماداً على مبدأ المشاركة الشعبية.
ويعتبر المشروع ركيزة أساسية للعملية الإصلاحية التي انتهجها العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حين تم السماح بفتح قنوات سياسية جديدة أمام المجتمع، من أجل إشراكه في إدارة مؤسسات الدولة وتحديثها اعتماداً على مبدأ المشاركة الشعبية.
فمنذ إقرار ميثاق العمل الوطني، شهدت مملكة البحرين تحقيق إنجازات ومكاسب عدة على صعيد حرية التعبير والرأي المسؤول في وسائل الإعلام والتعبير كافة، في ظل دولة المؤسسات والقانون، حيث نص الميثاق على أن لكل مواطن حق التعبير عن رأيه بالقول أو بالكتابة أو بأي طريقة أخرى من طرائق التعبير عن الرأي أو الإبداع الشخصي، وأن حرية البحث العلمي وحرية النشر والصحافة والطباعة مكفولة في الحدود التي يبينها القانون.
وشهدت المملكة تطورات كبيرة في المجالات السياسية والاقتصادية والإعلامية والاجتماعية، من خلال إقرار العديد من الحقوق السياسية والإنسانية، عن طريق إنشاء العديد من الجمعيات والمؤسسات الأهلية الناشطة في مجال العمل العام. فسمح بإنشاء النقابات والأندية والجمعيات الأهلية، إضافة إلى الجمعيات السياسية التي تمثل القوى والجماعات السياسية.
ولم يقتصر تأثير الميثاق على الجانب السياسي فقط، وإنما امتد إلى الجانب الإعلامي، إذ تم إطلاق مساحة واسعة من حرية التعبير عبر السماح بتأسيس الصحافة ومؤسسات إعلامية مختلفة، مثل صحف الوطن والبلاد والميثاق والوسط والعهد والوقت والنبأ، بعضها استمر وبعضها لم يستطع لأسباب مالية.
وصاحب إنشاء الصحف والمؤسسات الإعلامية مساحة واسعة من الحريات الإعلامية والصحافية في نقد الأداء الحكومي، وفتح صفحاتها للتعبير عن الرأي في شتى القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المختلفة.
واتسعت أنشطة جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني منذ انطلاق المشروع الإصلاحي من حيث الكم والكيف، تماشياً مع عهد الانفتاح السياسي ومناخ الحريات، إذ أعطى الميثاق لكل القوى السياسية والفكرية والمجتمعية، بكل انتماءاتها وتوجهاتها، كامل الحقوق الديمقراطية في التنظيم وحرية العمل وطرح ما تشاء من دون قيود.
وفي الوقت الذي لم يتجاوز فيه عدد الجمعيات الأهلية 66 في عام 1992، أصبح عدد هذه الجمعيات أكثر من 600 مع نهاية عام 2015.
واجتماعياً، اهتم الميثاق بمضامينه في إقرار الحقوق السياسية للمرأة وتحقيق المساواة، حيث دخلت المرأة إلى البرلمان، إضافة إلى تعيينها في مجلس الشورى، وتقلدها مناصب قيادية عديدة في المملكة، من أجل توسيع القاعدة المجتمعية في إدارة المملكة.
كان للجانب الاقتصادي نصيب من اهتمام القيادة البحرينية، ليمثل جزءاً مهماً من مرحلة التحول، إذ اتجهت أكثر نحو الاعتماد على حرية السوق ودعم الاستثمار الأجنبي، ليكون القطاع الخاص محركاً أساسياً في الاقتصاد الوطني.