أعلن رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري، أمس، انتهاء التسوية الرئاسية التي أتت بالرئيس ميشال عون إلى سدة الرئاسة عام 2016، ودعا إلى انتخابات برلمانية مبكرة.
وقال خلال خطابه في الذكرى الـ15 لاغتيال والده رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري «أنا أعلنت من بعبدا أنني مع انتخابات برلمانية مبكرة، وندعو الجميع للتفكير بهدوء ومن دون مزايدات»، مضيفاً أن «التحرك الشعبي صار شريكاً في القرار السياسي»،واصفاً رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وصفه بـ«رئيس الظلّ»، واتّهمه بالعرقلة.
وأضاف «التسوية عاشت ثلاث سنوات، واليوم أصبحت من الماضي وبذمة التاريخ»، مضيفاً «عندما تلقيت بصدري التسوية لانتخاب رئيس الجمهورية وسرت عكس المزاج العام كنت أرى منذ العام 2014 كيف تغير المشهد السوري، وبدأ لبنان يغرق بمشاكل أمنية وتفجيرات في لبنان. والبعض كان يرى التسوية توزيعاً للسلطة، ولكن كنا نراها منعاً لانتقال الفتنة والسبيل الممكن لوقف الفراغ».
ولفت إلى الوضع الاقتصادي السيئ في لبنان قائلاً «نحن في لبنان لسنا بجزيرة اقتصادية بمعزل عن دعم الأشقاء».واخترقت الذكرى الـ15 لاغتيال رفيق الحريري المشهد الداخلي في لبنان، أمس، ترقّباً لما يمكن أن تتركها من تداعيات ودلالات وأصداء على مجمل الواقع السياسي الداخلي.
ذلك أنّ الذكرى تميّزت هذه السنة، وللمرة الأولى خلال عهد عون، بأنّها تلت انفراط «التسوية الرئاسيّة» التي كان سعد الحريري ركناً أساسيّاً من أركانها، وكذلك بعد استقالته في 29 أكتوبر الماضي بعد انطلاق الانتفاضة الشعبيّة في 17 منه.
و أفسح الإعلان الرسمي عن انتهاء التسوية الرئاسيّة، معطوفاً على خروج كلّ «قوى 14 آذار» السابقة من السلطة والحكومة لرهانات متجدّدة على إعادة لملمة هذه القوى في إطار متجدّد، إلّا أنّ الواقع السياسي، بحسب مصادر سياسيّة مراقبة، لا يبدو لمصلحة هذه الرهانات، وذلك بعدما شابت العلاقات بين أفرقاء التحالف القديم غيوم ملبّدة لم تُبدّد بعد.
يشار إلى أنه، وبعد 14 فبراير 2005، أي بعد جريمة اغتيال رفيق الحريري، أضاع اللبنانيّون فرصة اللقاء حول مشروع موحّد للبنان جديد، فكان ما كان من ولادة تجمّعيْن سياسيَّين متناقضين، هما 8 و14 آذار، قبل أن ينتقل الركن الأوّل في «14 آذار»، أيّ التيار الوطني الحرّ، إلى تحالف مع «8 آذار»، في ضوء تفاهم جرى مع ميليشيا حزب الله.
وبعد الشغور الرئاسي الأطول في تاريخ لبنان، بين عامَي 2014 و2016، كان من المفترض أن تشكّل التسوية الرئاسيّة، التي أفضت إلى انتخاب الرئيس ميشال عون وتكليف سعد الحريري، فرصةً لولادة لبنان آخر، لكنّ الأمر لم يحصل لأسباب معروفة، ذكّر بها مشهد الأمس في «بيت الوسط».
ومن بوّابة هذا المشهد، أشارت مصادر لـ«البيان» إلى أنّ الظروف أثقلت كاهل حركة «14 آذار»، وأصابت منها أكثر من مقتل، لا سيّما لجهة التباينات التي باعدت بين هذه القيادات، والتي جعلتها أقلّ فاعلية أمام الاستحقاقات الداهمة التي يواجهها لبنان.
ولم تخفِ المصادر عينها أنّ مفاعيل التسوية الرئاسيّة والحكوميّة والسياسيّة، التي بدأت مع انتخاب الرئيس عون، أدّت إلى خلط أوراق واسع، فكانت فكفكة «قوى 14 آذار»، كتحالف، من أبرز معالمه.