شهد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، الجلسة الرئيسية التي تحدث فيها الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، بعنوان “مسيرة حكمة” ضمن أعمال الدورة السابعة للقمة العالمية للحكومات. حضر الجلسة إلى جوار سموه، بول كاغامي، رئيس جمهورية رواندا، وسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، ومعالي الدكتورة أمل عبدالله القبيسي، رئيسة المجلس الوطني الاتحادي، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح، وسمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، ومعالي محمد بن عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء وزير المستقبل، ولفيف من القيادات العالمية وكبار المسؤولين الدوليين والخبراء العالميين المشاركين في أعمال الدورة السابعة للقمة العالمية للحكومات.
وأكد الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان خلال حديثه أن مسيرة الإمارات المظفّرة تتسم بالحكمة بكافة المجالات بفضل قيادتها الفذة، وحنكة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، وأنها ماضية في تعزيز هذه المسيرة الخيّرة بثقة واقتدار. وأشار سموه إلى المبادرات الريادية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ودوره المعطاء في مسيرة 50 عاماً من العطاء والريادة والمشاركة الفكرية، حيث وصف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بأنه “قائد يعشق التحدي والتجديد”، مقدماً باسم الجميع الشكر والتقدير لهذا العطاء ولهذه القيادة الاستثنائية. وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية أن حكمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ورؤيته المستقبلية تنير درب الإمارات وتعزز مسيرتها وقوتها الناعمة من خلال المشاريع والمبادرات التي يتبناها سموه التي شهد العالم بما تتميز به من الريادة والحكمة والرؤى المستقبلية.
وكان الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان استهل حديثه بالقول ” إن الانسان مستخلف في الأرض لإعمارها بقدراته الفطرية والاستفادة من ممكناتها الطبيعية ومصادرها الطبيعية الغنية، وهو حرٌ قادرٌ بحكمته على استدامة تحقيق الخير والسعادة للبشرية جمعاء”، مشيراً سموه إلى أن الإنسان الإيجابي هو من ينظر إلى جماليات الكون فيستفيد منها، والسلبي من ينظر إلى النقطة السوداء دوماً، فيتسبب للبشرية بالسوء والايذاء، وقد اثبت التاريخ أن من يخلد في إرث البشرية هو من استثمر قدراته في خير الكون وعماره. وأضاف سموه ” كل شيء له بداية وله نهاية، الكرة الأرضية جوهرة، قد تنتهي يوماً ما، ولكن الحكماء ينظرون إلى جمالها، وديانها سهولها وجبالها، وبعض المتشائمين ينظرون فقط إلى براكينها، مع أن البراكين فيها الإيجابية فهي تنضح بالطاقة والمعادن المهمة”. وفي المحور الثاني من الكلمة بعنوان “حكمة الإمارات”، أكد سموه أن الحكمة جامعة للخير والإيجابية، وقد جمع حكيم العرب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” الحكمة والعدل والتفكير الرشيد، فتصدرت الإمارات مكانة رفيعة بين أرقى الأمم، من خلال مسيرته العطرة الموسومة بالخير والمحبة والسلام، فسكن في قلوب الجميع، مشيراً سموه إلى أن أرض الإمارات أنجبت وستبقى رافدةً لقادة حكماء سيخلدهم التاريخ. وأكد سموه أن الحكمة هي الجامع بين الذكاء والدهاء .. وقال ” قد تكون ذكياً ولكن لست بناجح، أو داهية ولكن لا تستمر، الحكمة فقط هي التي تستمر وتسود، وبمجرد التحدث عن الحكمة فإن الله عز وجل هو الحكيم، منح الحكمة للأنبياء وعموم البشر، وفي الإمارات منحنا الله الحكمة وستبقى هذه الأرض تنتج القادة العظماء والمجتمع العظيم، الحكمة ليست ممارسة فقط بل عليك أن تنقلها للجيل القادم وهذا ما فعله الشيخ زايد والشيخ راشد، والشيخ زايد هو حكيم العرب وقد لقبه بذلك الغرباء قبل الأقارب، وقد سكن قلوب الناس بحكمته”. وتطرق الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان إلى أمثلة على مسيرة “الحكمة الإماراتية” شملت الحكمة السياسية وتاريخها الطويل في المنطقة، وأشار سموه إلى حكمة القائد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وقدرته على حل نزاعات إقليمية بحكمته وإيمانه العميق بها، مشيراً سموه إلى أن سياسة الحكيم تجمع حوله الأخيار وثمارها نهضة ومكانة عالمية. وقال سموه ” الحكمة تتطلب القوة والتسامح، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حارب المشركين لكنه دخل مكة بالحكمة، بالقوة والتسامح وهذا هو التوازن، وبحكمة زايد طيب الله ثراه عادت مصر للصف العربي في أصعب الأوقات، وبحكمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد تحولت أثيوبيا وإريتريا من ألد الأعداء إلى أحب الأصدقاء، وسياسة الحكيم تجمع الأخيار وثمارها نهضة عالية، والحكمة ليس أن تمارسها فقط بل تعلمها وتنقلها للجيل التالي، ومسؤوليتنا اليوم هي الحفاظ على مسيرة الحكمة من أجل تأمين مستقبل أجيالنا القادمة”. أما عن تميز الإمارات اقتصادياً، فأرجعه سموه إلى اسباب عديدة منها “الحكمة الاقتصادية” في إدارة المشاريع ورأس المال والاستثمارات الناجحة، موضحا سموه أن سر النجاح الحقيقي هو استثمار الإمارات بحكمة قيادتها في الإنسان من خلال التعليم ذو الجودة النوعية، وبرامج الابتعاث الخارجي، حيث وظفت دولة الإمارات العربية المتحدة ثروتها المالية في تعزيز ثروتها الحقيقة بالاستثمار في الانسان أغلى ما يملك الوطن، وعززت نجاحات الوطن الاقتصادية ومشاريعها العملاقة من سعادة الإنسان الإماراتي ليتوج كأسعد بشر على وجه الكون. وقال سموه ” الحكمة الاقتصادية تكمن بعدم الوقوف عند النجاح والتقدم نحو الأفضل، موانئ دبي مثال على حكمة اقتصادية عظيمة، أسسها الشيخ راشد طيب الله ثراه، وطورها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، من ميناء واحد إلى ست قارات و80 ميناء لتكون شركة الموانئ التي لا تغيب عنها الشمس”. على الصعيد الاجتماعي، أكد سموه أن الحكمة تظهر في الأوقات الصعبة وأن الإمارات تأسست على مبدأ التكامل الاجتماعي الفطري، وقد تجلت الحكمة الإماراتية بتلاحم القيادة والشعب في السراء والضراء وفي السلم والحرب، موضحاً سموه أن تواضع قادتنا وقربهم من الشعب وفطرتهم السليمة عملت على تعزيز التلاحم، ومشيراً سموه إلى أن الحكمة أساس الحكم وبغير ذلك تزول الحضارات وتسقط الدول. وتناول سموه في محور “حكمة التوازن بين القوة والتسامح” العلاقة المهمة في الحفاظ على التوازن بين القوة والتسامح لأنهما وجهان لعملة واحدة، ويشكل ذلك صورة من صور الحكمة وانعكاسا لها، معطياً سموه من التاريخ العربي أمثلة على استخدام القوة بالتوازن مع التسامح. وقال سموه ” الحكيم من يوازن بين القوة والتسامح، ومن دون التوازن بين الحكمة والقوة والتسامح تختفي الحضارات، إسبانيا كنموذج للحضارة الإنسانية والتسامح نرى اليوم فيها حكومة وشعباً تحترم الإرث الإسلامي وتحافظ عليه، في الجانب الآخر اضطهاد الدولة الفارسية لشعبها وشعوب المنطقة في الماضي فأسقطها سيدنا عمر رضي الله عنه، واليوم نرى الملالي في إيران يعيدون التاريخ نفسه، في وقت يستحق الشعب الإيراني حياة كريمة، فهل من الحكمة أيها الملالي أن تعيشوا أوهام كسرى؟ فلا كسرى بعد كسرى”. وأضاف سموه إن الإمارات شكلت قوة مستقلة ذات وزن عالمي وتعمل على تعزيز الأمن كأولوية قصوى، وتتميز قواتنا بالاحترافية العالية والتميز والريادة في سعيها لحماية الدولة ودعم الحق والشرعية، مستذكراَ سموه أرواح شهداء الإمارات البواسل الذين قضوا في سبيل هذه الاهداف الإنسانية. وتابع سموه أن الإمارات لم تقف عند بناء الجيش والقوات الأمنية المتطورة، بل عززت صناعاتها العسكرية وتطويرها، وتعد الإمارات موطناً لعدد من الصناعات العسكرية ذات السمعة المرموقة دولياً، وكل ذلك بفضل قيادة عرفت طريق المستقبل، فأعدت ممكنات للوطن وشعبه باكراً. وتحدث سموه عن التسامح في دولة الإمارات، مشيرا إلى أن التسامح طبيعة بشرية بالفطرة، وديننا الحنيف دعا لهذه القيمة الهامة، ونعتز في الإمارات بوجود 200 جنسية يعيشون بانسجام وسلام باختلاف دياناتهم وثقافتهم، وهي إثراء لمجتمع الإمارات ومصدر قوة، ولا يشكل عبئا عليه، موضحاً سموه أن قيادة الإمارات ارتأت أن تصبح الدولة مركزاً عالميًا للتسامح الإنساني والتعايش السلمي عبر فرق العمل المشتركة والمبادرات التي تعزز هذه القيمة، وقد توجت هذه النجاحات بزيارة قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية للدولة. وأكد سموه “من الحكمة التوازن بين بناء قوتك الدفاعية لحماية أمنك وأمن جيرانك وبين بناء دولتك على مبادئ التسامح والتعايش السلمي”. واستعرض الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان في محور “حكمة التحدي” جانباً من جهود الإمارات وسباقها نحو تحسين جودة الحياة وفق نظام تنافسي تحقيقاً للتكامل، مشيراً سموه إلى إستراتيجية لدولة الإمارات وضعت في عام 2007 وخلال عشر سنوات من ذلك حققت حكومة الإمارات الريادة في 50 مؤشرا عالمي، مستذكراً سموه قائمة من الانجازات الريادية والمتميزة والأرقام والتحديات التي تم تحطيمها، وأرجع سموه ذلك لحكمة القيادة، وآليات اختيار الادارات الشابة ذات الكفاءة وانتهاج عملية تقييم من خلال أسس تعتمد التفكير الاستراتيجي والابتكار واستشراف المستقبل والتواصل والانفتاح على العالم إلى جانب أسس المقابلات الشخصية والتعيينات وكفاءة المنظومة الحكومية. واختتم سموه كلمته بالقول إن الإمارات تخطت تحديات اقليمية ودولية بالحكمة، برجال سوف يخلدهم التاريخ بتأسيسهم للحكمة الإماراتية بامتياز وريادة .. الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان قاد دولة، ووحد أمة، فأصبح حكيماً للعرب، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، بعزيمة الرجال، أسس مدينة فأصبحت فخراً ومنارةً ومثالاً للعرب والعالم، وسيدي الشيخ خليفة بن زايد وبجانبه أصحاب السمو الشيخ محمد بن راشد والشيخ محمد بن زايد واخوانهم حكام الإمارات ورثوا وأكملوا مسيرة الحكمة هذه التي أوصلتنا للريادة، ومسؤوليتنا اليوم جمعياً هي المحافظة على مسيرة هذه الحكمة وتأمين امتدادها لأجيال.