عززت دولة الإمارات العربية المتحدة مكانتها الدولية ضمن مؤشر السلام العالمي بتقدمها 11 مركزاً خلال عامين لتحتل المركز 45 عالمياً والثاني إقليمياً، في تصنيف يبرز السياسات الناجحة التي حققتها الدولة في التنمية والأمن والانفتاح بالرغم من الأوضاع المتردية في الشرق الأوسط التي تعتبر أكثر مناطق العالم خطورة.
وكشفت الطبعة الـ12 من تقرير مؤشر السلام العالمي السنوي، الصادر عن مركز الأبحاث الدولي معهد الاقتصاد والسلام، أن العالم أقل سلاماً عما كان عليه طيلة العقد الماضي.
ووفقاً لبيان صحافي، تقدمت دولة الإمارات هذا العام 11 مرتبة على مؤشر السلام، منتقلة بذلك من المرتبة الـ56 إلى المرتبة الـ45، في حين تقدمت إلى المرتبة الثانية على مستوى 20 بلداً في منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا، وكان هذا التقدم أحد أهم التصنيفات التي تم تسجيلها في نسخة هذا العام.
وأكد التقرير أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما تزال المنطقة الأقل سلامًا في العالم خلال 2018، وعلى الرغم من التحسن الطفيف في درجتها – كانت نتيجة التحسن الذي شهدته العراق وسوريا يعود إلى تضاؤل حضور تنظيم داعش.
وشهدت قطر أكبر التراجعات في وضع السلام، حيث أدت المقاطعة السياسية والاقتصادية التي أعلنتها الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر والبحرين إلى تدهور في العلاقات مع الدول المجاورة، وعدم الاستقرار السياسي. وأظهر المؤشر تراجع قطر 26 مركزاً لتحتل المركز 56 بعدما كانت في الـ30 العام الماضي.
وكشف تقرير مؤشر السلام العالمي عن عالم يشهد توترات وصراعات وأزمات ظهرت خلال العقد الماضي ولم يتم حلها، فترتب على ذلك تراجع تدريجي ومستمر في حالة السلام، وضمّت العوامل ذات التأثير الأكبر في التراجع الذي شهده العام الماضي، التصاعد في الصراعات المسلحة داخل الدول والنزاعات بين الدول بالإضافة إلى تفاقم الإرهاب السياسي وتراجع الالتزام بالمشاركة في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وكانت سوريا وأفغانستان وجنوب السودان والعراق والصومال هي الدول الأقل سلاماً في العالم، بينما أيسلندا ونيوزيلندا والنمسا والبرتغال والدنمارك هي الأكثر سلاماً.
وللمرة الأولى في التاريخ المعاصر، شكل اللاجئون نحو 1 في المئة من سكان العالم في 2017 – بما يزيد عن عدد سكان المملكة المتحدة أو قرابة نصف سكان روسيا.
وعلى الرغم من وضعها بصفتها المنطقة الأكثر سلامًا في العالم، شهدت أوروبا تراجعًا للعام الثالث على التوالي. فللمرة الأولى في تاريخ المؤشر، شهدت إحدى دول أوروبا الغربية واحدًا من أكبر خمس انخفاضات مع تراجع أسبانيا 10 مراكز في التصنيف إلى المرتبة الـ30، ويعود ذلك إلى التوترات السياسية الداخلية، وزيادة تأثير الإرهاب.
وخلال العقد الماضي، شهدت 61 في المئة من الدول في أوروبا تراجعًا، ويعود ذلك إلى المستويات المرتفعة من عدم الاستقرار السياسي، وزيادة تأثير الإرهاب، وزيادة معدلات الجريمة. وما من دولة من دول الشمال صارت أكثر سلامًا عما كانت عليه في 2008.
وصرح ستيف كيليليا، المؤسس والرئيس التنفيذي لمركز الأبحاث الدولي قائلًا: لقد تطورنا في العديد من الأصعدة خلال العقد الماضي غير إن الوصول لعالم أكثر سلامًا لم يزل بعيد المنال. ويظهر بحثنا أن تحدي بناء السلام أشد صعوبة من تدميره.
ويفسر ذلك جزئيًا لماذا ظلت الدول في مؤخرة المؤشر محاصرة في صراع طال أمده. فالصراعات المستمرة كالتي في سوريا واليمن وليبيا وأفغانستان ساهمت، خلال العقد الماضي، في ارتفاع ملحوظ في عدد حالات الوفيات في ميادين القتال، وارتفاع في عدد اللاجئين وزيادة في وتيرة الإرهاب. ويضيف: كما عانت أوروبا، التي تعد المنطقة الأكثر سلامًا، حيث شهدت 23 من بين 36 دولة تراجعًا في السلام خلال العام الماضي، ويعود في الأساس إلى زيادة التوترات السياسية وتدهور العلاقات بين الدول.
وعلى صعيد آخر، استمرت درجة الولايات المتحدة في التراجع، مدفوعة بعدم الاستقرار السياسي المتزايد، وذلك على الرغم من انخفاض تأثير الإرهاب والعسكرة. وتعد الولايات المتحدة الآن إحدى سبع دول من مجموعة العشرين التي من بين أقل 50 دولة سلامًا في العالم.
وشهدت ستة من مناطق العالم التسع تراجعًا في وضع السلام، مع تراجع المناطق الأربع الأكثر سلامًا، وهي أوروبا وأميركا الشمالية ومنطقة آسيا والمحيط الهادي وأميركا الجنوبية.
وشهد وضع السلام في منطقة آسيا والمحيط الهادي تراجعًا، حيث انخفض أداء 11 دولة بينما ارتفع أداء ثمانية دول. وكان الانخفاض الأكبر في ميانمار، حيث تراجعت 15 مركزًا. وشهدت أستراليا ثاني أكبر تراجع بسبب ارتفاع مستويات الاعتقالات وارتفاع مستوى العسكرة.
ووفي أميركا الشمالية، تراجع مستوى السلام في الولايات المتحدة للعام الثاني على التوالي وصار الآن المستوى الأسوأ منذ 2012. وعانت كندا من تراجع في درجة تأثير الإرهاب بعد الهجمات التي شهدتها مدن كيبك وإدمونتون.
وظلت روسيا ومنطقة أوراسيا في المرتبة السابعة على الرغم من التراجع الطفيف في درجتها الإجمالية. وتحسنت درجة أوكرانيا وجمهورية قرغيزستان ومولدوفا بينما شهدت تسع دول تراجعًا. وشهدت روسيا ثاني أكبر تراجع بعد أرمينيا.
وتمثل التحدي الأكبر الذي واجه السلام في منطقة أميركا اللاتينية والكاريبي في الجرائم والفساد. وخلال السنوات الثمان الأخيرة، حققت المنطقة أسوأ درجات في المؤشرات في معدلات جرائم القتل، وجرائم العنف، ونسبة الجريمة.
واستمرت الفجوة في وضع السلام في الاتساع في جنوب آسيا خلال العام، حيث استمرت الدول الأقل سلامًا – أفغانستان وباكستان -في التراجع، بينما تحسن وضع الدول الأكثر سلامًا- بوتان وسري لانكا.
وكانت الدول الأفريقية جنوب الصحراء موطن أربع من أكبر خمس تحسنات في وضع السلام، في دول غامبيا وليبريا وبوروندي والسنغال. واستمر تراجع وضع السلام في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ما أثر على قدرة الدولة على مواجهة الأزمات المتعلقة بالطقس مثل وباء إيبولا المتفشي.
ويعد تقرير مؤشر السلام العالمي المقياس الرائد لوضع السلام في العالم. ويغطي التقرير 99,7 في المئة من سكان العالم ويستخدم في وضع المؤشر 23 مؤشرًا كميًا وكيفيًا من مصادر تحظى باحترام كبير. وتم تجميع هذه المؤشرات في ثلاثة نطاقات رئيسية: «الصراع المستمر»، و«الأمن والأمان»، و«العسكرة». وشهدت هذه النطاقات الثلاثة انخفاضًا على مدار العالم الماضي.