دوت صرخة عالية من الدار الكبيرة التي تتوسط القرية ثم ثانية وثالثة شيئا فشيئا ينتبه كل شيء كهول وشباب وأطفال ناحية الصوت الذي بدا وكأنه صاعقة، مات أبو مجيد كبير عائلة الراوي بعد صراع امتد لشهور طويلة قضاها في حجرته ذات الدفء القديم وملامح الأجداد التي تظهر على جدران الحجرة في هيئة صور قديمة من الأبيض والأسود تعود لسنوات بعيدة تحكى تاريخ إبائه وأجداده,أمتلات الدار بالنسوة متشحات بالسواد الحالك بينما الأطفال أخذوا أماكنهم في أطراف الدار يتابعوا ما يحدث في صمت والبعض الأخر يلهوا غير مدرك لما يدور من حوله . في الردهة الواسعة تجمع عدد كبير من أبناء العائلة البعض منهم يقف متحفزا والبعض الأخر جلس جلسة القرفصاء على الأرض في انتظار خروج الجثمان من الدار ليحملوه إلى مثواه الأخير بمقابر العائلة في أطراف القرية , , أمتطى الصمت جواده بين أبناء العائلة ليتساءل كلا منهم بداخله من سيكون خلفا له وسندا للعائلة من بعده ليصبح السؤال مغلقا بلا إجابة. مات أبو مجيد هذه شهرته التي كان الجميع من أحفاده وأقاربه وأبناء القرية يعرفونها أما اسمه الحقيقي في أوراق الحكومة عبدا لمجيد صاحب العقل الراجح والفطرة السليمة في النزاعات التي تنشأ بين أطراف العائلة وغيرها من عائلات القرية فقد كان لا يميز بين احد من أبناء العائلة ولا ينتصر لنفسه في نزاعاته مع الآخرين . تعالت صيحات النساء من الداخل وتجمهر أبناء العائلة يتنافسون على حمل نعشه الذي بدا لهم وكأنه فارغا من كل شيء وانطلقوا به تتبعهم بعض النسوة في محاولة يائسة للحاق بهم وخرج الأطفال خلفهم وتحولت الدار الكبيرة الى قطعه من الصمت بينما ظلت صورته على جدران حجرته في أذهان احفادة تحكى عن ابومجيد ومن سيأتي بعده.
بقلم :رافت صادق – ( مصر )