نعم أنا إنسان، لا يوجد في هذه الحياة ما يسمى بإنسان سيء إلا إذا أشرك بالله تعالى, ليس من العيب أن يقع المرء بالخطأ ولكن العيب هو أن يستمر بممارسته بعد أن يتبين له ذلك, ومن الأمور التي تشكل علينا هي الخلط بين الشخص والشخصية, نعم الخلط في ذلك، فهما أمران منفصلان، فنحن لا نكره الشخص لذاته وإنما لا يعجبنا أسلوبه وسلوكه بالتعامل منطقا وتصرفا مما يجعلنا ننفر منه, ولكن ما أن يدرك خطأه ويقدم على تعديل هذا الأسلوب ويحسن من تصرفاته, فبالتأكيد سيكون تعامل الجميع معه من أروع ما يكون, فهدف الراقين هو علاج المرض لا القضاء على المريض, كما أننا بشر نصيب و نخطأ, وخير الخطائين هم التوابون, من نحن لنحاسب فلان ونأخذ موقفا من علان ونزيد من انحدارهم, فالله قد أمرنا بالرحمة والعطف والوقوف معهم في السراء والضراء, وأن نكون كالبنيان المرصوص، وهذا جلي في سير الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه.
كل إنسان فيه بذرة صالحة فلماذا لا نرو هذه البذرة ونسقيها ونعتني بها, فمع الأيام ستنبت هذه البذرة، وتكون شجرة، وستثمر هذه الشجرة وتزين الأرض جمالها وروعتها، ولكن إذا كانت التربة فاسدة فلن يحصل الإنبات الطيب ولا الإثمار, فلنسرع في تغيير هذه التربة, وتحويلها إلى تربة خصبه كي تنبت لنا الشجر الجميل والثمار الطيبة، وهذا الأمر بعد توفيق الله متوقف علي أنا كفرد وصاحب قرار، أنا من يتجه إلى هذه البذرة ويستكشفها ويعتني بها, أنا من ينظر إلى الجانب المشرق في هذا الإنسان لا الجانب المظلم منه، فمشكلتنا تكمن أننا أحيانا نساهم في ضياع البشر بتصرف خاطئ تجاههم، فلم نجعلهم يفعلون السوء بسبب تعاملنا معهم، هو اليوم فرد وفي الغد سيكون امة، فلننظر إليه منذ البداية على أنه أمة لها رسالة سامية ونبيلة، ونسعى جاهدين في تطوير ذاته وزراعة الثقة بنفسه, والأخذ بيده لبر الأمان, وهذا ما أوصانا به ديننا الحنيف في بناء الصفاء والمحبة والسلام.
لم لا نجعل نظرتنا بعيدة في هذا الشأن ونتعامل مع هذا الفرد من البشر على انه أسرة قريبة وغدا امة, وكيف ستقوى هذه ألأمة إذا كنا أول من يهاجمها بسبب قلة وعينا لهذه الأمور التي قد تكون عواقبها في المستقبل وخيمة بسبب الإهمال والنبذ وتكرار أن هذا إنسان غير سوي وله من الأخطاء ما يجعلنا ننفر منه، فلنبدأ أحبتي في الله بأنفسنا وأن نأخذ بيد أهلينا أولا، وإخواننا في الله ثانيا، وبالأمة ثالثا ونرتقي بفكرنا وتصرفاتنا وعالمنا.
لننو الخير ولنعقد النية والعزم على التغيير الإيجابي, لنأخذ بيد بعضنا البعض, ولننصح بعضنا، ولنحتو بعضنا البعض, فهذه الشخصية (الغير سوية) لم تأت من فراغ, وإنما أتت و نشأت نتيجة عوامل تعرية من البيئة، سواء من البيت أو المجتمع، فنحن لنا يد مساهمة غير مباشرة في وصولها إلى هذه الحالة، ولنكن متأكدين وعلى يقين أن هذا الفرد أكثر ما يحتاجه هو الاحتواء والكلمة الطيبة والمصداقية في التعامل وتعزيز الثقة، فما أن يثق بنفسه سيصبح أمره على خير، ويغدوا عضوا نافعا في هذه الأمة العريقة التي تحتاجنا اليوم أكثر من أي وقت مضى، سنقوى إذا أصبحت قلوبنا مجتمعة.
أنا إنسان, نعم أنا إنسان في نهاية الأمر، دائما اذكروا ورددوا باختصار (أنا إنسان).
بقلم الكاتبة : خولة الطنيجي ( الإمارات )