بدأ العام 2015 بالنسبة للأردن مبكراً؛ ذلك أن انضمام عمّان للتحالف الدولي ضد داعش، ومشاركة سلاح الجو الأردني في العمليات الجوية، أثارت حراكاً داخلياً مقلقاً، ومع بدء دقات الساعة التي تعلن بدء العام الجديد العام 2015، كانت تراجيديا أردنية جاهزة لتهز ليس فقط الأردن، ولكن العالم كذلك. كان ذلك مع حادثة حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة.
وفي الوقت الذي كانت السياسة الأردنية تحاول التعايش مع التقلبات السياسية والأمنية، التي يشهدها محيطه، التي أثقلته بالمخاطر، وأرهقته بأعداد كبيرة من اللاجئين، كان عليه أن يواجه استحقاقات داخلية لعل أبرزها إقرار قانون انتخابات جديد، بينما دخلت الظروف المناخية على خط الأزمات الأردنية بشكل لافت في العام 2015.
ولعل من التوصيف الأكثر تأشيراً على الأردن 2015 هو: عام من التكيف مع الأزمات الخارجية ودرء التصدعات الداخلية.
في 7 أغسطس 2014، بعد خطاب تلفزيوني أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما بدء الضربات الجوية العسكرية الأميركية، التي استهلت الحرب ضد تنظيم داعش. وفي الثالث والعشرين من سبتمبر، كما نقل عن مسؤولين آخرين مشاركة دول أخرى في الهجوم.
الطيار الكساسبةوبهذا، كان الإعلان عن دخول الأردن عضواً في التحالف الدولي ضد داعش قد دخل إلى المفاعيل المحلية،
وفي صباح يوم الأربعاء 24 ديسمبر 2014، وقع الطيارمعاذ الكساسبة، خلال مشاركته في عمليات التحالف ، أسيراً بأيدي تنظيم داعش، وذلك بعد سقوط طائرته الحربية من نوع إف-16، أثناء قيامها بمهمة عسكرية.
بدأت الحكومة إجراء مفاوضات غير مباشرة لإطلاق سراح الطيار مقابل الإفراج عن ساجدة الريشاوي، وزياد الكربولي، المدانين بقضايا إرهابية خطرة، من دون أي يكون هناك أي اهتمام أو استجابة من تنظيم داعش بالتبادل. واستمرت المفاوضات السرية حتى الثالث من فبراير 2015، حيث أعلن التنظيم الإرهابي إعدام الكساسبة حرقاً وهو حي داخل قفص حديدي مغلق.
كما شهدت الحكومة الأردنية، التي يرأسها عبد الله النسور، المشكلة في نوفمبر 2012، والمعاد تشكيلها 2013، تعديلين وزاريين، خلال هذا العام، الأول في الثاني من مارس العام 2015، وقضى باستحداث منصب جديد، وهو تعيين نائبين لرئيس الوزراء، وفصل وزارة السياحة والآثار عن العمل، إضافة إلى زيادة عدد الوزيرات ليصبحن خمس وزيرات بدلاً من ثلاث، والثاني في التاسع من نوفمبر، وقضى بتعيين وزيرين جديدين للمالية والنقل.
في الحادي والثلاثين من أغسطس، أعلن رئيس الوزراء عبد الله النسور في مؤتمر صحافي، مسودة مشروع قانون الانتخاب لمجلس النواب لسنة 2015 الذي يلغي الصوت الواحد، ويعتمد القائمة النسبية المفتوحة، الذي كان معتمداً عام 1989.
وفي قانون آخر يتعلق بالهيكلية الإدارية والسياسية للبلاد، رد الملك عبد الله الثاني، في الثامن عشر من أكتوبر، مشروع «قانون اللامركزية» لسنة 2015، الذي يقضي باستحداث مجالس منتخبة لمحافظات المملكة (برلمانات المحافظات)، وذلك لورود مخالفة دستورية فيه، تستبعد منح المجالس استقلالاً إدارياً ومالياً، ومنحها الشخصية الاعتبارية.
وجاء رد العاهل الأردني لمشروع القانون، الذي يعتبر أحد أبرز المشاريع الإصلاحية للبلاد، لمخالفته الدستور، وقرار تفسير صدر عن المحكمة الدستورية بخصوص مادتين وردتا فيه. وأوضح بيان عن الديوان الملكي، بين أن الفقرة أ من المادة 6 من مشروع القانون، لا تتوافق مع القرار التفسيري الدستوري الصادر عن المحكمة الدستورية رقم 1 لسنة 2015، ويخالف أحكام المادة 121 من الدستور الأردني.
وشهد الأردن منذ بداية العام 2015، أحوالاً جوية استثنائية، حيث غمرت الثلوج البلاد في السابع من يناير، على أثر عاصفة ثلجية حملت اسم «هدى». ثم تكررت الحالة الثلجية، التي عطلت مظاهر الحياة العامة في البلاد مع عاصفة ثلجية أخرى حملت اسم «جنى». وقد جاءت العاصفتان لتعززا الانطباع أن التغير المناخي طال البلاد بوجه خاص، ضمن المنطقة.
الأحوال المناخية المتغيرة، استمرت خلال العام بأشكال مختلفة، حيث اجتاحت البلاد، خلال الصيف موجة حر، شهدت درجات حرارة مرتفعة جداً، استمرت أياماً عديدة، ولم تلبث البلاد أن شهدت عاصفة رملية غير مسبوقة.
وفي بداية نوفمبر، أغرقت الأمطار الغزيرة، التي هطلت العاصمة عمّان بشوارعها وأنفاقها وعطلت مظاهر الحياة العامة، حيث ارتفع منسوب المياه لأكثر من متر.
وأمضى الأردن عام 2015 يتحسب لتأثيرات الإرهاب الناشط في الجوار على البلاد. وما بين التخوف من «استيقاظ» خلايا نائمة، والأخطار، التي يمكن أن تنجم عن تسرب العناصر الإرهابية، عبر الحدود، ولكن الإرهاب الذي واجهه بدا مختلف الوجه والعنوان.
في التاسع من نوفمبر، أطلق ضابط أردني النار داخل مركز تدريب للشرطة الأردنية، ما أسفر عن مقتل أميركيين اثنين، وجنوب أفريقي، وأردنيين، وفقاً لما ذكره مسؤولون، فيما توفي في وقت لاحق أحد الجرحى في المستشفى، ما رفع عدد القتلى إلى ستة أشخاص. وأصاب المهاجم كذلك خمسة آخرين، بينهم أميركيان، وثلاثة أردنيين قبل أن يقتل.
وتتعامل السياسة الأردنية سنوياً مع ثلاث ملفات رئيسة، تتفرع منها قضايا وعناوين مختلفة، وبعضها يتضخم مع مرور الوقت باحتضان عناوين جديدة؛ والملفات هي: الإرهاب والجوار والداخل. ومن الملاحظ أن ملف الإرهاب بات في السنوات الأخيرة متداخلاً مع ملف الجوار، بينما توسع ملف الداخل، ومن أبرز عناوينه: الوضع الاقتصادي، والعملية السياسية، ليضم ملف اللاجئين السوريين.