“قال لي شكل وجهك لا يليق على الكلية هكذا، وبمنتهى البساطة تم استبعادي من اختبارات القدرات بكلية التربية الرياضية التي تمنيت الالتحاق بها”.
لم تكن تلك المرة الأولى التي يتعرض لها الطالب أحمد عمر لتعليقات أصابته بالضيق واعتبرت ضمن نطاق التنمر بسبب شكل شفته “الأرنبية”، مما أثر سلبا على نفسيته ومستقبله.
وسعى عمر، (19 عاما) إلى الالتحاق بكلية التربية الرياضية جامعة كفر الشيخ، وفقا لمجموعه الحاصل عليه بالثانوية العامة وهو 72 بالمئة، ويروي تفاصيل الواقعة لـ “سكاي نيوز عربية” قائلا :”فكرت بهذه الكلية لأنها تتطلب اللياقة البدنية وقوة التحمل، لم أكن أتصور أنها تركز على شكل الوجه!”.
ويضيف الطالب المقيم بحى القنطرة البيضاء في مدينة كفر الشيخ في دلتا النيل: “تمنيت استبعادي من الكلية لسبب وجيه، لكن ما حدث أنني لم أكمل إختبارات القدرات من الأساس، ووقف الأمر عند اختبار القوام لمعرفة مدى ملاءمة الشخص لدخول الكلية من عدمه، وجرى قياس الطول والعرض والوزن، لكن تم رفضي بسبب شكل الشفاة دون أن يكون للأمر علاقة بالقوام”.
ويعانى الشاب مشكلة ما يعرف بـ”الشفة الأرنبية”، التي تتطلب إجراء عملية جراحية لتعود إلى شكلها الطبيعي، وفقاً لسكاي نيوز عربية.
ويضيف: “قبل انتهاء اختبار القوام، وبشكل مفاجئ، طلب أحد مسئولي اختبار القدرات مني عدم استكمال المرحلة التالية من اختبارات القبول بالكلية، وقال لي: اتفضل البس هدومك وروح، إنت شكلك أصلا مش لائق عل الكلية”.
ويتابع عمر: “حاولت الحديث مع الشخص الذي رفضني وأكدت له أنني سأقوم بإجراء عملية جراحية في الفم لكنه لم يستمع لي وأصر على موقفه، وما كنت أتمناه أن يعاملني معاملة حسنة وطيبة أفضل مما حدث”.
وأعرب عن أمنيته في دخول التربية الرياضية لأنها مناسبه لإمكاناته وقدراته ولمجموع درجاته، وتعتمد على مؤهلات الطالب “لا شكل وجهه”.
“ضحية للتنمر” منذ سنوات
ولم تكن واقعة التنمر هذه هي الأولى التي تعرض لها أحمد عمر، ويشير إلى أنه كان يتمنى أن يصبح طبيب أسنان لكنه مر بظروف سيئة ودخل فترات اكتئاب في الثانوية العامة، بسبب ما كان يتعرض له من تنمر.
ويتابع: “عانيت التنمر والألفاظ البشعه من زملائي، وبعض المدرسين كانوا يتعجبون من شكلي في البداية، لكن مع الوقت تعودوا على ذلك”.
وأكد أن اعتراضه كان على الأسلوب الذي تعامل به مسئول الاختبارات بكلية التربية الرياضية، قائلا:” السخرية من شكلي أحبطني كثيرا”.
70 ألف تعليق ومشاركة “تضامن”
تأتي واقعة التنمرهذه رغم مرور أيام قليلة على صدور قانون يعاقب المتنمرين بالحبس والغرامة.
وفور استبعاد عمر، لجأ إلى صفحته على “فيسبوك” لكتابة ما تعرض له بالكلية تحت عنوان “أنا شكلي قبيح” ليتفاعل ويتضامن معه الآلاف، حيث حملت مشاركته تلك تفاعل أكثر من 45 ألف تعليق من جمهور الموقع، ونحو 24 ألف “شير” للمشاركة.
ويقول عمر: “لم أكن أتوقع كل هذا التفاعل من الناس الذي لم يقف عند حدود التضامن والتشجيع، بل تعداه إلى تلقي اتصالات من عيادات خاصة لجراحة الفم والأسنان لإجراء أي عملية مطلوبة بالشفاة بشكل مجاني، علاوة على تلقي اتصال من رجل أعمال يعرض تعويضي عما جرى وتحمل مصاريف أي كلية خاصة أخرى أريد الالتحاق بها”.
كما تلقى عمر اتصالا هاتفيا من مكتب عميد كلية التربية الرياضية، لتحديد موعد ظهر السبت للقاء العميد في مكتبه لبحث الأمر، وتوضيح أسباب الاستبعاد.
طلب إحاطة للتحقيق بالواقعة
ودخل البرلمان المصري على خط أزمة استبعاد الطالب من اختبارات كلية التربية الرياضية، وكشفت النائبة ماجدة نصر عضو لجنة التعليم بمجلس النواب في حديث خاص لـ”سكاي نيوز عربية” أنها ستتقدم الاثنين بطلب إحاطة لرئيس المجلس علي عبد العال، موجه إلى وزير التعليم العالي خالد عبد الغفار، بشأن ما اعتبرته “واقعة التنمر” ضد الطالب عقب رفضه في الاختبارات بسبب “شكل وجهه”.
واعتبرت نصر في طلب الإحاطة أن ما جرى مخالفة تنمر واضحة تستوجب عقاب المسئول عنه، بعد أن تسبب في إلحاق الضرر النفسي بعمر.
وأوضحت أنها ستطالب من خلال طلب الإحاطة بالتحقيق في واقعة التنمر، وضرورة إبلاغ رؤساء الجامعات وعمداء الكليات للفت النظر بخطورة الظاهرة، لاسيما أن واقعة كلية التربية بكفر الشيخ جاءت من مسئول وقدوة في حق طالب.
ونوهت النائبة أنها لا تتدخل إطلاقا في المعايير المرتبطة بقبول الطلاب، أو الرأي الطبي في حالة عمر، سواء كان لائقا أو غير لائق، لكن الاعتراض على طريقة تبليغ الطالب برفضه التي حملت سخرية أمام عدد من الزملاء، وكان مطلوب إبلاغه بالأسباب الطبية لرفضه بشكل سري في ورقة خاصة.
غير مطابق لمواصفات القبول
أما وجهة النظر الأخرى، فيرويها عميد كلية التربية الرياضية بكفر الشيخ عبد الحليم عكاشة، الذي قال ردا على الواقعة: “ما ذكره الطالب غير دقيق والموضوع أخذ أكبر من حجمه”، مشيرا إلى أن عمر تم التعامل معه “بشكل راق وبأسلوب تربوي”.
وشدد عكاشة في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية” على أن الطالب لم يتعرض لأي تنمر، مشيرا إلى أن الكلية تتبع مواصفات وضعها المجلس الأعلى للجامعات.
وأوضح أن الطالب افتقد أحد شروط القبول بالكلية في اختبار لجنة القوام، ومعنى ذلك ليس بالوصف الذي يصف به نفسه على الإطلاق، مشددا على رفضه إهانة أي طالب.
وقال: “أحد الأساتذة المتخصصين في اللجنة نفسها تحدث مع الطالب على انفراد وأبلغه سبب عدم قبوله، مراعاة لحالته النفسية وللنواحي الإنسانية، التي فهمت عكس ما قصد منها”.
ويضيف: “أصر الطالب أن يعرف سبب عدم لياقته، وعاد للجنة وطلب منهم ذلك، وتم إعلامه بأن لديه مشكلة فى الشفاة، والدكتور المتخصص أخبره بأن هذا الأمر من معوقات دخول الكلية”.
ودلل: “لو كان الطالب فى محاضرة ملاكمة ضمن التمارين الرياضية المعتادة، ووجه له أحد الطلاب لكمات في وجهه، فإنها سوف تتسبب في تعرضه لكسر فى الفكين قد يؤدي لفقدان حياته، وفى هذه الحالة سيتم توجيه اتهامات للكلية عن كيفية قبوله رغم عدم استيفائه الشروط”.
كما تساءل: “خريج التربية الرياضية يعمل كمدرس، فكيف سيتعامل مع طلابه؟ بالطبع سوف يتأثر نفسيا من معاملة الطلاب له”.
ووفق بيان كلية التربية الرياضية في جامعة كفر الشيخ، عبر صفحتها الرسمية على “فيسبوك”، قال عكاشة إن لجنة اختبار القوام تخصصها أن يقف الطالب أمام أعضائها بالشورت الرياضي فقط، بغرض رؤية جميع أجزاء جسم الطالب والتأكد من خلو جميع الأجزاء الظاهرة من أي عيوب أو انحرافات قوام تعوق الطالب عن الاستمرار والنجاح في العمل في المجال ذاته.
وأضاف أنه عقب ذلك تطلب اللجنة من الطالب عمل بعض المهارات الحركية التي تبين خلوه تماما من العيوب الخلقية والبدنية، وكل ذلك يكون في صالح الطالب قبل التحاقه بالكلية.
خدمة طبية على نفقة الجامعة
ووجه رئيس جامعة كفر الشيخ عبد الرازق دسوقي، عميد كلية التربية الرياضية بالتواصل مع الطالب للحضور إلى الجامعة لإيضاح الحقائق وبحث تظلمه.
وأكد دسوقي في بيان استعداد الجامعة فور التحاق الطالب بإحدي كلياتها تقديم أقصي خدمة طبية ممكنة للطالب وعلى نفقة الجامعة، وزاد: “مجتمع الجامعة يرفض جملة وتفصيلا مبدأ التنمر”.
ودفعت ظاهرة التنمر التي أصبحت تشكل خطرا على المجتمع المصري، البرلمان إلى التحرك لمواجهتها، بإقرار تشريع يقضي بمعاقبة المتنمرين بالحبس والغرامة أو بإحدى العقوبتين.
ويقع مشروع القانون في مادتين، أولاهما مادة مضافة إلى قانون العقوبات برقم 309 مكرر، تتضمن تعريف التنمر وعقوبة مرتكبي الجريمة، أما الثانية فهي المتعلقة بسريان القانون من اليوم التالي لتاريخ نشره.
ووفق المادة المضافة، فإنه “يعد تنمرا كل استعراض قوة أو سيطرة للجاني، أو استغلال ضعف للمجنى عليه، أو حاله يعتقد الجاني أنها تسيء للمجنى عليه كالجنس أو العرق أو الدين أو الأوصاف البدنية أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى الاجتماعي، بقصد تخويفه أو وضعه موضع السخرية، أو الحط من شأنه، أو إقصائه من محيطه”.
ويعاقب مرتكب جريمة “التنمر”، بحسب المادة نفسها بـ”الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 30 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين”.