|  آخر تحديث مايو 7, 2016 , 16:01 م

بالأرقام.. الفدرالية خطر على الوجود اللبناني !!


بقلم الكاتب والباحث العلمي: زكـريا حمودان - فرنسا

بالأرقام.. الفدرالية خطر على الوجود اللبناني !!



يمر لبنان في أشدّ اللحظات السياسية سخونة على الإطلاق وذلك بسبب الفراغات والتمديدات المتلاحقة التي تضربه بدءً من موقع الرئاسة الأولى حتى أسفل الهرم، حيث الدولة عاجزة عن التحرك كليًا لحل أزمات النفايات والمياه والكهرباء. جميع هذه الفراغات وخاصة التي تضرب رأس الهرم هي خطر مزدوج بحد ذاته على الداخل اللبناني بحيث تُأثر على بُنية المجتمع من جهة، كما يعمد البعض إلى إستغلالها كفرصة لا تتكرر كثيرًا لضرب الوجود اللبناني ولطرح التقسيم الطائفي من جهةٍ أُخرى من خلال طرح الفدرالية الطائفية.

يدخل طرح المؤتمر التأسيسي حيِّزَ النقاش اليوم فورَ تبلور الصورة التي ينتظرها البعض والتي تتمثل في إستقالة الحكومة في أقرب لحظة بالتوازي مع غياب رأس الهرم، فيفرط العقد الإجتماعي ونتحول لبحث عقدٍ جديد يتناسب والوضع الإقليمي المحيط بنا كما والواقع الداخلي الذي يجاهر البعض بأنه أصبح يتسع لطرفٍ ثالث يتقاسم الحصص داخل عرين الدولة الهش كطرف أساسي في المعادلة الداخلية عطفًا على دخوله الصراع الإقليمي من بابه الدامي، فيتكافئ على جهوده بحصة له من الكيان اللبناني قد تتركها التسويات الإقليمية الكبرى وأبرزها تلك الإيرانية-السعودية تحت مظلة عادة ما تكون دولية.

إنطلاقًا من الحرص الشديد على وجود لبنان بشكلٍ أساسي وإيمانًا بتقدمه ليصبح دولة عصرية، وخوفًا على المحاولات الداخلية والخارجية المشبوهة في ضرب الكيان، وتمسكًا بروحية الميثاق الوطني وشعاراته الأساسية من “وحدة وطنية، عيش مشترك، إنماء متوازن، شراكة حقيقية” وغير ذلك من الأُسس الوطنية التي تتمثل بوقف العَدّ الطائفي والتوجه نحو بناء الدولة وتحقيق روح الشعارات المذكورة أعلاه، كان لا بُدَّ وتقديم هذه الخريطة العلمية التي وضعتها مؤخرًابهدف إظهار مدى تماسك الداخل اللبناني وصلابة وحدته الوطنية، والتي تتحدث بشكل واضح عن أنَّ المجتمع اللبناني غير قابل للتقسيم الطائفي المطروح في المدى المنظور فطبيعته الحالية هي واقع لا يجب على أحدٍ تجاهله.

23442

تُظهر الخريطة نسبة عدد الناخبين المسجلين على لوائح الشطب للعام ٢٠١٥ من كل طائفة في كل قضاء بحيث تم تحديد لون لكل مذهب. يوجد ثلاثة أشكال تشرح تفاوت كل نسبة بحيث تُعَبِّر الدائرة الكبرى عن وجود نسبة تتخطى ال٢٥٪ من إجمالي الناخبين من تلك الطائفة في هذا القضاء، والدائرة الصغيرة تُعَبِّر عن وجود نسبة تتراوح بين ال-١٠ و ال٢٥٪ من إجمالي الناخبين من تلك الطائفة في هذا القضاء، والخط الرفيع يُعَبِّر عن وجود نسبة تتراوح بين ال-١ و ال١٠٪ من إجمالي الناخبين من تلك الطائفة في هذا القضاء.

تُظهر الأرقام التي خرجت بها الدراسة بأنَّ نسبة الناخبين المسيحيين المسجلين في أقضية ذات طابع مسلم تتراوح بين ال-٤٣ وال-٥٠٪ من إجمالي الناخبين المسيحيين، كما تتراوح نسبة الناخبين المسلمين في الأقضية ذات الطابع المسيحي بين ال-١٢ وال-٢٠٪. هذه الأرقام تعطينا نسبة تتراوح بين ال-٢٥ وال-٣٠٪ من التعايش الإسلامي-المسيحي في مختلف الأقضية على مساحة الوطن.

بعد هذا العرض العلمي للأرقام وبعد مرور أكثر من ربع قرن على وقف نزيف الدم اللبناني وتوقيع إتفاق الطائف، أستطيع أن أجزم بأنَّ الداخل المتقاتل وصل إلى نسبة من الوعي وتعلم من الماضي، في وقتٍ مازال رواد الكراسي يعتلون المنابر ويُنَصبون أولادهم على رأس الأحزاب التي تستغل تركيبة النظام السياسي الهش المُفبرك بطريقة تتناسب وبقاءهم على رأس السُلطة وتسلطهم على الشعب ونشرهم الفساد بكل أشكاله.

هذا الواقع الإيجابي حول تمسك اللبنانيين بوطنهم وعيشهم المشترك، بالإضافة إلى واقعهم الجغرافي التعايشي كما ثقافتهم المنفتحة على الآخر وتقدمهم الملحوظ نحو بناء الدولة لا الدويلة، يجعل من الطروحات الإنمائية وعلى رأسها اللامركزية الموسعة والتي تحقق العيش المشترك حاجة مُلحة ومطلب وطني أساسي يتقدم على مطالب الجميع والتي قد ترفع عناوين تتقدم خلالها المحاصصة الطائفية على الإنماء، كما يتقدم التقسيم على العيش المشترك وبناء الدولة المدنية العصرية.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com