أعطى إعلان روسيا سحب قواتها الرئيسية من سوريا دفعة قوية لمفاوضات الحل السياسي في جنيف من طرفي الأزمة، حيث أبدت المعارضة السورية استعدادها لإجراء محادثات مباشرة مع وفد النظام السوري، الأمر الذي يشير إلى إمكانية إعادة بناء خريطة التفاوض ضمن الجولات الثلاث التي يديرها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا للوصول في نهايتها إلى «خريطة طريق» مستقبلية لمسار الانتقال السياسي.
في وقت وجه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الشكر للمملكة العربية السعودية على دفعها المعارضة السورية إلى «حلول وسط»، مثنياً على دور المعارضة، فيما استنجد النظام السوري بالولايات المتحدة بخصوص الضغط على المعارضة السورية للقبول بالحل السياسي.
وأعلن المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أن الانسحاب الجزئي للقوات الروسية من سوريا يشكل تطوراً مهماً.
وصرح دي ميستورا في بيان ان «اعلان الرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين في اليوم نفسه لبدء هذه الجولة الجديدة من المفاوضات في جنيف، هو تطور مهم نأمل ان يكون له تأثير ايجابي على تقدم المحادثات التي تسعى للوصول إلى حل سياسي للنزاع في سوريا والى انتقال سياسي سلمي في هذا البلد».
في الأثناء، قال الناطق باسم الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل المعارضة السورية، سالم المسلط، إن المعارضة ليست ضد المحادثات المباشرة مع الحكومة السورية.
وتحدث المسلط قبل فترة وجيزة من اجتماع مفاوضي الهيئة مع دي ميستورا وسيط الأمم المتحدة للمرة الأولى فيما يتوقع أن تكون جولة محادثات غير مباشرة مدتها عشرة أيام بين الطرفين.
وقال المسلط إن الهيئة ليست ضد المحادثات المباشرة لكن دي ميستورا هو من قرر البدء بمحادثات غير مباشرة.
وتوقع المسلط أن يتحول المبعوث الأممي إلى أسلوب المحادثات المباشرة في مرحلة لاحقة لكنه قال إن الأمر يرجع إلى مبعوث الأمم المتحدة. وقال دي ميستورا إنه يخطط لإجراء ثلاث جولات من المحادثات تتوج بخريطة طريق واضحة بشأن الخطوات المقبلة.
وقال الناطق باسم الأمم المتحدة أحمد فوزي إن إجراء المحادثات بشكل غير مباشر كان قرار دي ميستورا. وأضاف فوزي: «سيكون سعيدا بترتيب محادثات مباشرة عندما يرى أن الوقت مناسب لها».
وقال دي ميستورا إن أسلوب المحادثات غير المباشرة يمنحه قدرا كبيرا من المرونة للتنقل بين الطرفين المتحاربين والتشاور مع آخرين على الهامش لكنه لم يقل إن كان أي من الحكومة أو الهيئة العليا للمفاوضات قد رفض المحادثات المباشرة.
وقال المسلط إن المعارضة ليس لديها مانع بشأن شكل المفاوضات ما دامت ستسفر عن حل.
من جهة أخرى، أعربت روسيا عن تقديرها للسعودية فيما يخص جهود التسوية السياسية في سوريا، معتبرة أن معارضة «قائمة الرياض» تبدي موقفاً جاداً في مفاوضات جنيف.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن الجانب الروسي يثمن عاليا دور دول الخليج في التسوية السورية، ولا سيما فيما يخص تشكيل «قائمة الرياض» للمعارضة السورية.
وأردف: «تعد قائمة الرياض من الأطراف الرئيسية في المفاوضات التي تبدأ بجنيف. ونحن نقدر ما بذله الشركاء السعوديون لكي تعدل هذه الفصيلة ما أبدته من المواقف في يناير الماضي، ويبدو اليوم أنها مصممة على الانضمام إلى العملية السياسية السورية انطلاقا من ضرورة البحث عن حلول وسط والتوصل إلى اتفاقات على أساس توافق مع الحكومة».
في الأثناء، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن مساعدة كبيرة للرئيس السوري بشار الأسد قولها إن دمشق تتوقع أن تمارس الولايات المتحدة المزيد من الضغوط على الأطراف التي تعارض عملية السلام في سوريا.
وذكرت الوكالة نقلا عن بثينة شعبان مستشارة الأسد أن سوريا تتوقع أن تزيد الولايات المتحدة الضغوط على من يعارضون حل الأزمة في سوريا. وأضافت أن انسحاب القوات الروسية من سوريا بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأمر خطوة طبيعية وأن دمشق ترحب بالتنسيق بين الولايات المتحدة وروسيا.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن الحرب في سوريا كان من الممكن تجنبها لو أن القوى الإقليمية لم تستغل النزاع كميدان معركة لتصفية حساباتها. وفي بيان في الذكرى الخامسة لاندلاع العنف في سوريا، حذر كي مون من انه في حال فشل محادثات السلام فإن العواقب على الشعب السوري والعالم ستكون مخيفة لدرجة يصعب تخيلها.