قال وزير خارجية النظام السوري، وليد المعلم، إن الحديث عن مصير الأسد “خط أحمر” وهو “ملك الشعب السوري”، وإن وفده الذاهب إلى جنيف “لن يحاور” أحداً يبحث في “مقام الرئاسة” في سوريا.
وتشير الأخبار إلى أن “الخط الأحمر” الذي وصف فيه المعلّم قضية “مقام الرئاسة” ورد في وقت سابق، أكثر من مرة، في تصريحات له عن مصير النظام السوري.
لكن التضارب بين التصريحات الرسمية حول مصير الأسد، حسمه وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في معرض تعليقه على تصريح المعلّم عندما قال إنها “محاولة واضحة لتعطيل العملية السياسية”، وطالب الرئيس الروسي بأن “ينظر كيف يتصرف بشار الأسد”.
وأضاف كيري متّهماً رئيس النظام السوري بالتعطيل المتعمّد، ومؤكداً موافقة الروس والإيرانيين على طرح بند مصير الأسد في المفاوضات، بأنه أرسل “وزير خارجيته كي يخرّب ما وافق عليه الرئيس بوتين والإيرانيون”.
فيما لم ترد إيران على تصريح كيري، لكن نُقل عن أمير عبد اللهيان، مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية، أمس الأحد، أن بلاده ستواصل “دعم سوريا في مكافحة الإرهاب” وكذلك دعمها “لإيجاد تسوية سياسية للأزمة وصون وحدة الأراضي السورية”.
دون أي إشارة إلى ما قاله وزير الخارجية الأميركي حول تفاهمات مع الروس والإيرانيين عن مرحلة انتقالية في سوريا.
وكذلك روسيا التزمت الصمت ولم توضح ما هي الأشياء التي وافقت عليها هي وإيران، وتحدث عنها كيري مؤكداً سعي الأسد لـ”تخريبها”.
إلى ذلك فإن “التضارب” المشار إليه في قضية “مصير الأسد، يعزّزه المبعوث الأممي دي ميستورا، فقد سبق وتحدث منذ أيام عن موعد لانتخابات رئاسية في سوريا وسواه من ملفات تتعلق بتغير الوضع السياسي في البلاد.
لكن الرد على المبعوث الأممي لم يأت من موسكو ولا من طهران، بل من دمشق، التي “غرّدت” وحيدة في انتقادها دي ميستورا، ما دفع ببعض المعلقين السياسيين والشخصيات السياسية البارزة، إلى تأكيد ما أشار إليه كيري بأن تفاهماً ما قد حدث مع الروس والإيرانيين حول “العملية الانتقالية” في سوريا، وهو الأمر الذي أكّده منذر ماخوس، المتحدث باسم الهيئة العليا للتفاوض.
فقد قال ماخوس في حديث لجريدة “الشرق الأوسط” اللندنية، إن وزير خارجية الأسد “تخطى ورفض كل القرارات الدولية التي نصّت على إجراء انتخابات رئاسية وتشكيل هيئة حكم انتقالية”.
في تأكيد منه يُلاقي به ما قاله وزير الخارجية الأميركي في معرض تعليقه على زعم المعلّم بأن “وثائق” الأمم المتحدة لا تشير إلى “بحث في مقام الرئاسة” السورية.
إلا أن تصريح وزير الخارجية الأميركي الخاص بـ”الهدنة” في سوريا، قد يكون كشف بعضاً من أسباب موقف المعلّم الذي اعتبرته المعارضة السورية على لسان منذر ماخوس بأنه “يتخطى القرارات الدولية التي نصت على إجراء انتخابات رئاسية وتشكيل هيئة حكم انتقالي”، وذلك في تحذير وزير الخارجية الأميركي لدمشق وحلفائها من “استغلال الهدنة لتحقيق أهدافهم” في سوريا.
فقد عبّر هذا التحذير عن رأي الإدارة الأميركية بأن “تملّص” الأسد من الاتفاقات الدولية المتعلقة بإجراء انتخابات رئاسية وتشكيل هيئة حكم انتقالي، مردّه “استغلال” الهدنة، وذلك للضغط على جميع أطراف العملية السياسية و”ابتزازها” عبر التلويح بأن الهدنة “ثمرة” يمكن أن تسقط في حال “البحث في مقام الرئاسة” بتعبير المعلّم في نبرة واثقة أكثر من أي وقت مضى.
وبناء على ذلك “الاستغلال” الذي وصف به كيري سلوك دمشق وحلفائها، فإنه يوضح موقف إدارته أكثر من هذه القضية، ويكشف موقفها “الصلب” إزاءه، محذراً الأسد وحلفاءه من اختبار صبر بلاده: “إذا اعتقد النظام وحلفاؤه أنهم قادرون على اختبار صبرنا أو التصرف بطريقة تطرح تساؤلات حول تعهداته، من دون أن يترك ذلك عواقب وخيمة، فإنهم واهِمون”.
هكذا يبدو أن الهدنة التي قدّمها الروس والإيرانيون “هدية” للعالم الخارجي، هي مفتاح حل لغز مصير الأسد، و”استقوى” بها المعلم، فانقلب ونظامه على تفاهمات حلفائه. إلا أن الرد الأميركي لم يتأخر لحظة واحدة، وأسرع كيري للإفصاح عن موقف بلاده المحذّر بـ”عواقب وخيمة” في حال أقدم الأسد وحلفاؤه على “اختبار صبر” بلاده بالالتفاف على “التعهدات” واستخدام “الهدنة” لتحقيق “أهداف” تتعارض مع “التفاهمات” ما بين بلاده والروس والإيرانيين، والتي تقضي بإجراء انتخابات رئاسية وهيئة حكم انتقالي، وكما أكدت المعارضة السورية على لسان الناطق باسم الهيئة العليا للتفاوض منذر ماخوس الذي قطع بأن الانتخابات والهيئة الانتقالية هي “قرارات دولية”.