|  آخر تحديث أكتوبر 17, 2022 , 23:37 م

ماذا بعد قرار “أوبك بلس” خفض إنتاج النفط


ماذا بعد قرار “أوبك بلس” خفض إنتاج النفط



قبل أسابيع قليلة من انتخابات مهمة ستحدد ملامح المدة المتبقية من ولاية الرئيس الأمريكي جو بايدن ، تلقت إدارته صفعة من تحالف مصدري النفط ” أوبك بلس ” الذي قرر خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا.
حيث قررت دول تحالف ” أوبك بلس ” خلال اجتماعها في فيينا بمشاركة السعودية إضافة إلى روسيا خفض إنتاج النفط بشكل كبير ، لدعم الأسعار المتضررة من مخاوف حصول انكماش في الاقتصاد العالمي ، في المقابل اعتبرت المتحدثة بإسم البيت الأبيض( كارين جان بيار ) في تصريح أن أوبك بلس ” تقف إلى جانب روسيا “.

وقد أثار قرار منظمة الدول المصدرة للبترول ” أوبك ” والدول المنتجة للنفط المتحالفة معها ” أوبك بلس ” خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا حالة غير مسبوقة من الغضب في واشنطن، نظرا لما له من تداعيات سياسية واقتصادية سلبية على الولايات المتحدة وحلفائها والدول المستهلكة للنفط على حد سواء . وقد اعتبر القرار ازدراء للرئيس جو بايدن ، الذي زار المملكة العربية السعودية في يوليو الماضي في محاولة لاقناعها بضخ المزيد من النفط في الأسواق العالمية.

حيث يأتي قرار خفص الإنتاج في توقيت حرج بالنسبة لإدارة الرئيس بايدن قبل شهر تقريبا من موعد إجراء انتخابات التجديد النصفي للكونغرس.
* أوبك بلس :
” أوبك بلس ” أو ” أوبك +” هي اتفاقية تضم 23 دولة مصدرة للنفط منها 13 دولة عضوا في منظمة البلدان المصدرة للبترول ” أوبك ” . وأمكن التوصل إلى هذه الإتفاقية في تشرين الثاني( نوفمبر ) 2016 بهدف خفض إنتاج البترول لتحسين أسعار النفط في الأسواق. وأعلن في 30 تشرين الثاني( نوفمبر ) 2016 خلال اجتماع فيينا عن التوصل لاتفاق سمي ” أوبك بلس ” لخفض الإنتاج، بمشاركة دول منتجة للبترول من خارج منظمة ” أوبك ” في مقدمتها روسيا التي خفضت 230 ألف برميل من إنتاجها اليومي، فيما تحملت السعودية النسبة الأكبر من التخفيض بمقدار 500 ألف برميل يوميا.

 

أصوات ضد السعودية:

على الرغم من أن المجموعة تضم 23 بلداً الا ان عبء الخفض الجديد ستتقاسمه ثلاثة بلدان فقط هي السعودية والإمارات والكويت ، فمعظم البلدان الأخرى تضخ حتى الآن أدنى من مستويات حصصها بحيث إن انتاجها( بعد تنفيذ الاتفاق في نوفمبر ) سيظل أقل من مخصصاتها الإنتاجية الجديدة. وتشير تقديرات إنتاج ” أوبك بلس ” في سبتمبر إلى أنها في مجموعها تتخلف عن مستوى إنتاجها المقرر بحوالي 3.6 مليون برميل في اليوم ، فعندما يبدأ سريان الأهداف الإنتاجية في الأول من نوفمبر سيكون مطلوباً من ثماني دول فقط إنتاج نفط أقل ، فبالإضافة إلى البلدان الثلاثة المذكورة آنفا سيلزم أيضا إجراء تخفيضات قليلة من سلطنة عمان والعراق وجنوب السودان والجابون.

وقد بدأت أصوات في الكونغرس الأمريكي تدعو لاعادة النظر في العلاقة مع الرياض، وقد طرح النائب الأمريكي الديمقراطي( توم مالينوفسكي ) مشروع قانون في مجلس النواب يطالب إدارة الرئيس بايدن بسحب أنظمة الدفاع ضد الصورايخ و 3000 جندي ، وهم قوام القوات الأمريكية من السعودية والإمارات .
وفي تصريحات لقناة ( سي إن بي سي ) قال السيناتور الديمقراطي كريس مورفي ” إن تقليص حجم الإنتاج يفرض علينا إعادة النظر بشكل شامل لتحالف الولايات المتحدة مع السعودية. هكذا في وقت الأزمة يختار السعوديون التحالف مع الروس بدل الأمريكيين.

ففي رأي واشنطن ستكون روسيا أكبر المستفيدين من خطوة خفض حجم الإنتاج لأن الخفض سيؤدي إلى رفع سعر البرميل. وارتفاع السعر سيساعد الخزينة الروسية في تمويل مجهود الحرب الروسية على أوكرانيا. ثم إن هذا الارتفاع أيضا سيبطيء نسبة النمو الاقتصادي عبر العالم وسيؤثر في حجم الدعم المالي والعسكري الغربي لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي.
مشروع قانون ” نوبك ” يعود إلى الظهور :

وسط حالة الغضب في الولايات المتحدة التي تعد أكبر مستهلك للنفط عالميا ، عاد الحديث عن مقترح تشريعي يُعرف بإسم : ” نوبك ” ( NOPEC ) ويقضي بمعاقبة الدول التي تمارس ما يمكن اعتباره ممارسات احتكارية مرتبطة بقطاع النفط .
وبالفعل عقب إعلان تحالف ” أوبك بلس ” قرار خفص الإنتاج، حذر زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ( تشاك شومر ) في بيان من أن ” ما قامت به السعودية لمساعدة ( الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ) في الإستمرار في شن حربه الوحشية والبشعة ضد أوكرانيا سيبقى في ذاكرة الأمريكيين طويلاً ” .

وأكد المتحدث بإسم مجلس الأمن القومي الأمريكي ، جون كيربي، الثلاثاء أن بايدن ” مستعد للتعاون مع الكونغرس ” بشأن الإجراءات التي يمكن اتخاذها على ضوء قرار ” أوبك بلس ” . وإذا حظي التشريع المقترح بدعم مجلس النواب والشيوخ ووقعه الرئيس الأمريكي، سيغير من قانون مكافحة الاحتكار بالولايات المتحدة ليرفع الحصانة السيادية التي تحمي الدول الأعضاء ” أوبك بلس ” وشركاتها الوطنية من المقاضاة، وليس من الواضح بعد طبيعة الآلية التي سيتم اللجوء إليها لمقاضاة الدول الأخرى، في حال إقرار التشريع، كما أن الولايات المتحدة نفسها قد تتهم بمحاولة التلاعب بالأسواق من خلال ضخ الملايين من البراميل من احتياطي النفط لديها لاحتواء ارتفاع الأسعار، كما توجد مخاوف من أن يعود مشروع القانون بالضرر على منتجي النفط والغاز في الولايات المتحدة نفسها ، فضلاً عن مخاوف من لجوء بعض الدول المتضررة للتصعيد ، وهو ما يفاقم التوتر ويرهق الاقتصاد العالمي المتضرر بالفعل.

وما أثار خيبة أمل الإدارة الأمريكية هو فشل محاولاتها لاقناع الرياض بالمساعدة في احتواء أزمة ارتفاع أسعار الطاقة من خلال رفع إنتاج النفط. فمع توالي الأزمات الاقتصادية وزيادة غضب الأمريكيين من ارتفاع أسعار البنزين تخلى بايدن عن وعده الانتخابي بجعل السعودية ” دولة منبوذة “.

 

 

في نهاية المطاف.. قد يؤدي الارتفاع الجامح في أسعار النفط إلى خفض قابلية المستهلك للشراء، بما يكون له ارتداداته العكسية على سوق النفط، وإلحاق المزيد من الأضرار به ، وتعريضه لتقلبات عديدة، حيث من المرجح أن تتسبب حالة عدم اليقين التي سيولدها ذلك القرار إلى تثبيط عزيمة المستثمرين والمقترضين وكذلك تقليل السيولة في أسواق النفط، وربما إشعال التوترات الدبلوماسية داخل المنظمة.

وإجمالاً ،، جاء قرار ” أوبك بلس ” محاولة لوقف الانخفاض في أسعار الطاقة المستمر منذ الصيف ، لحماية السوق من مخاطر الركود الناجمة عن انخفاض الطلب، ومن ثم فإن القرار قرار فني مثلما صرح أوبك، بيد أنه أثار رفضاً واستياءاً عارماً من قبل الإدارة الأمريكية والحكومات الأوروبية، في توقيت تواجه فيه تلك الدول تحديات جمة بفعل الطاقة المتزايد من جراء الضغط الروسي المستمر بورقة الغاز إذ أنه من شأن ذلك القرار أن يعمق الأزمة في الداخل الأمريكي والأوروبي ، وربما يؤجج الاحتجاجات على حكومة تلك الدول، لذا أضحت تلك الدول بحاجة إلى إعادة التفكير في تعزيز مصادرها المحلية بما في ذلك النفط والغاز والطاقة النووية ومصادر الطاقة المتجددة بما في ذلك طاقة الرياح والطاقة الشمسية للحفاظ على أمن الطاقة بها .

 

 

 

فاتن الحوسني


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com