|  آخر تحديث مايو 14, 2022 , 1:25 ص

وهل كخليفة خليفة ؟


وهل كخليفة خليفة ؟



 

بسط الله الأرض و رفع السموات و خلق كل الكائنات و الموجودات و سماها بأسمائها و قال للملائكة ( إني جاعل في الأرض خليفة) البقرة 30

ما معنى خليفة ؟

جاءت كلمة ( خليفة )  في معجم المعاني الجامع ـ عربي عربي ـ  بعدة معاني و منها : المستخلف، و السلطان الأعظم، و من ولي الإمامة العامة، و من يخلف غيره، و الوريث.

و أول خليفة في الأرض هو سيدنا آدم عليه السلام، خلقه الله و كلفه مهمة الخلافة و هي مهمة تكليف و تشريف معاً، فلم يكلف بها أحداً غيره من مخلوقاته و ميزه عنهم بالعقل و التفكير و التدبر و التمييز و الاختيار بين الحق و الباطل، و خلقنا من صلبه و جعلنا أمماً وشعوباً و قبائل لنكمل هذه المسيرة و نلتزم بإتمام المهمة الرئيسية التي خلقنا من أجلها، إذ قال تعالى ( هو أنشأكم من الأرض و استعمركم فيها ..) هود 61 ، أي طلب منكم عمارتها، و لا تكون العمارة بالتطاول بالبنيان فقط بل بالبيان و ببناء الإنسان، قيمه و مبادئه و عقله و حياته الكريمة، و لنجاح هذا الإعمار فقد قسم الله على بني آدم أرزاقهم و أعمالهم و سخر بعضهم لخدمة بعض، قال تعالى ( أهم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا و رفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سُخريا و رحمت ربك خير مما يجمعون) الزخرف32

فمناصب التشريف ما هي إلا مناصب تكليف، و مناصب القوة ما هي إلا مناصب عُزوة، و من هذا المنطلق يكون على قادتنا و ولاة أمورنا رعايتنا و الاهتمام بشؤوننا و إصلاح أمرنا و حمايتنا و صيانة أعراضنا و حفظ ماء وجوهنا و توجيهنا إلى سبل التقدم و الازدهار و التنوير و الإعمار، و هذا ما سار على نهجه حكام دولة الإمارات العربية المتحدة و على رأسهم المغفور له بإذن الله سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله و من بعده سمو الشيخ خليفة بن زايد بن سلطان آل نهيان الذي فُجِعنا بخبر وفاته في الأمس، حيث فقدت دولة الإمارات العربية المتحدة بمواطنيها و مقيميها و الأمة العربية و الإسلامية و المجتمع الدولي رمزاً من رموز القيادات الحكيمة و قدوة من قادات الإنسانية، فلم يكن رحمه الله قائداً نمطياً، بل كان لشعبه و للإنسانية أباً رحيماً و أخاً عضُداً، رحل و ترك خلفه أكفاً تتضرع بالدعاء و أعيناً فاضت بالبكاء، كان رحمه الله ذا أيدٍ بيضاء و قلبٍ معطاء، لا يميز في سخائه بين عرق أو لون أو دين أو جنس، ولا يتأخر عن فعل خير أو إغاثة ملهوف أو مساعدة محتاج، فكانت مشاريعه الخيرية و الإنسانية لا تقتصر على دولته فحسب، بل انتشرت في أكثر من 40 دولة حول العالم، أعالت الآلاف من العوائل و أزاحت البرد عن الآلاف من المشردين و أنقذت العديد من ضحايا الأزمات و الكوارث و الحروب، مما أورث في قلوب الشعوب محبة له و حزنا على فراقه كما كان الحزن على أبيه من قبله ، و نكست الأعلام ونعته الأقلام و سارت الأقدام في جنازته و كأنها اثاقلت على الأرض، و هل تحزن الشعوب إلا على من صلح من حكامها؟ و هل تقال عدلت فأمنت فنمت إلا لحاكم عادل ؟ و هل يحزن الوطن إلا على رجلٍ وطن؟

هكذا تكون الولاية و هكذا يكون الحكام و هكذا يطبق حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم ( كلكم راعٍ و كلكم مسؤول عن رعيته) و هكذا تنجح العمارة في الأرض فقد ورد عن علي بن أبي طالب أنه قال ( فضيلة السلطان عمارة البلدان)[1] و هذا منهج نقدي يضعه الإمام علي يشير فيه إلى أن مقياس التقويم هو إنجاز الحكومات في تنمية البلد. و إن أحصينا ما توصلت إليه دولة الإمارات العربية المتحدة من تنمية و رخاء و ازدهار و إعمار و تقدم بين الدول فلا نجد وسيلة في إحصاء فضل حكامها فيما توصلت إليه .

فهل كحكام الإمارات حكام؟ و هل كخليفة خليفة؟

 

 

 

بقلم: ياسمين أحمد حلوبي


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com