أحبطت في الخرطوم، التي تترقب اتفاقاً بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، محاولة انقلابية إخوانية التخطيط والتنفيذ والتمويل، بحسب مصادر سودانية مستشهدة بما تسرب من معلومات حول الضباط المعتقلين وأبرزهم العقيد معاش محمد زاكي الدين، الذي كشفت أسرته عن اعتقاله الأربعاء الماضي في مطار الخرطوم وهو يهم بالخروج من البلاد.
وطبقاً للمصادر فإن زاكي الدين هو ضابط منتمي لتنظيم «الإخوان» سبق وأن أدين في العام 2013 بمحاولة انقلابية قادها الضابط الإسلامي ذائع الصيت العميد محمد إبراهيم عبدالجليل الملقب بـ«ود إبراهيم» وصدر بحقه حكماً بأربع سنوات سجن غير أنهم خرجوا بموجب عفو من الرئيس المخلوع عمر البشير.
وأعلن المجلس العسكري الانتقالي في السودان، الخميس، إحباط محاولة انقلاب من قبل عدد من الضباط. وقال رئيس لجنة الأمن والدفاع في المجلس العسكري الانتقالي، الفريق جمال الدين عمر، في مؤتمر صحفي إن «المدبرين والمشاركين في المحاولة الانقلابية الفاشلة، بلغ عددهم 12 ضابطاً، منهم 7 بالخدمة، و5 أحيلوا على المعاش، و4 ضباط صف»، مشيرا إلى أنه «تم التحفظ عليهم».
وأكد المجلس العسكري في السودان أنه «جاري القبض على المشاركين الآخرين، بمن فيهم قائد المحاولة الانقلابية». وأضاف: «باشرت الأجهزة الأمنية التحقيق معهم، وسيتم تقديمهم للمحاكمة العاجلة». كما شدد على أن «القوات الأمنية حريصة على أمن الوطن والمواطن، وتحقيق التحول السياسي المنشود». وأشار عمر إلى أن المحاولة الانقلابية «جاءت في توقيت دقيق، لاستباق الاتفاق بين المجلس وقوى إعلان الحرية والتغيير».
واستطرد قائلاً: «رأينا حجم المخاطر والتهديدات التي تحاك ضد أمن وسلامة الوطن، بواسطة هذه المجموعة الرافضة لمطالب الشعب، لكن التنافس على حكم البلاد سيكون عبر صناديق الاقتراع، وليس بالانقلابات العسكرية التي تعطل عجلة التنمية والازدهار». واختتم رئيس لجنة الأمن والدفاع في المجلس العسكري الانتقالي حديثه بالقول: «تعاهدكم القوات المسلحة، وأجهزة الدعم السريع، والشرطة، وجهاز المخابرات، بالعمل سوياً للحفاظ على مصلحة الوطن والمواطن، وندعو المواطنين للتعاون مع الأجهزة الأمنية لمواجهة المندسين».
في الأثناء كشفت مصادر سودانية رفيعة أن جماعة «الإخوان» التي ظلت تسيطر على مفاصل الحكم في السودان لثلاثين عاماً هي التي قادت عدداً من المحاولات الانقلابية منذ الإطاحة بعمر البشير في سبيل العودة إلى الحكم، وأكدت المصادر شريطة عدم الكشف عن اسمها أن الضباط المعتقلين في المحاولة الأخيرة جميعهم ينتمون إلى التنظيم العسكري للإخوان، مشيرة إلى أن بعضهم ينتمي لجهاز الأمن والمخابرات والبعض الآخر ينتمي للقوات المسلحة، مشيرة إلى أن من بين الذين ورد اسمهم في التحقيقات مع الضباط المعتقلين هم قيادات مدنية في حزب البشير، وأشارت المصادر أن قائد المحاولة والذي يعتقد أنه فر خارج السودان هو ضابط منتمٍ لحزب المخلوع، مشيرة إلى أن الاستخبارات العسكرية تبذل مجهودات كبيرة لمعرفة مكانه واعتقاله، وقالت المصادر إن المحاولة تم إحباطها في طور التخطيط، مشيرة إلى أن الاستخبارات العسكرية والأجهزة الأمنية رصدت تحركات واتصالات بين الضباط المعاشيين وآخرين في الخدمة وأن عدة اجتماعات عقدت بينهم بهدف توزيع الأدوار والانقضاض على الحكم.
وقالت الوساطة الأفريقية في السودان إن هناك اتفاقاً كاملاً بين قوى الحرية والتغيير على الإعلان السياسي المتعلق بكافة هيئات المرحلة الانتقالية.وقال الوسيط الأفريقي محمد حسن لبات إنه سيكون هناك اجتماع ثان اليوم السبت لاستكمال المناقشات وتوقيع وثيقة الاتفاق السياسي.وأكد لبات أن تسليم الوثيقة النهائية للاتفاق بين المجلس العسكري السوداني وقوى الحرية والتغيير قد تأجل لمطلع الأسبوع المقبل مشيرا إلى أن التوقيع الرسمي للوثيقة تعطل لأسباب فنية بحتة. وتتمثل أبرز نقاط الاتفاق في تشكيل حكومة تكنوقراط من الكفاءات الوطنية، وتقاسم السلطة خلال المرحلة الانتقالية التي تسبق الانتخابات، وإقامة مجلس سيادي لثلاث سنوات، وإرجاء المجلس التشريعي ريثما تتشكل الحكومة المدنية بالإضافة إلى التحقيق الشفاف بالأحداث الدموية.
من جانبه، دعا المجلس العسكري السوداني للتكاتف لإنجاح الاتفاق مع المعارضة رغم ملاحظات الطرفين على بعض النقاط بعد صياغتها قانونياً. من ناحية أخرى، أكد وزير خارجية فنلندا بيكا هافستو الذي يزور الخرطوم حاليًا، دعم الاتحاد الأوروبي للسودان للوصول لاتفاق يقود للاستقرار ويمنع العنف ويؤدي لتشكيل حكومة.