|  آخر تحديث مايو 30, 2019 , 15:06 م

#أحمد_طقش | يكتب: “ومن غير الشارقة ؟”


#أحمد_طقش | يكتب: “ومن غير الشارقة ؟”



 

إذا القوم قالوا من فتى خلت أنني   

            عنيت فلم أكسل و لم أتبلد

 

 

اختيار إمارة الشارقة عاصمة عالمية للكتاب لعام 2019 يشبه زقزقة العصافير و سباحة الأسماك و الصبح إذا تنفس
من طبائع الأمور أن يسند الفضل لأهله و أن تشرق الشمس من المشرق و أن تكون الشارقة عاصمة للكتاب
منذ خمسة و أربعين عاما ، قرر سمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي عندما استلم حكم إمارة الشارقة ، أن يكون مشعا ، قرر أن يكون منيرا ، قرر أن يكون منارة معرفية نادرة ، وصل صيتها إلى بقاع الأرض كلها
إن مئات ألوف الصفحات التي قرأها و آلاف الصفحات التي كتبها سمو الشيخ سلطان ، تشهد له في الدارين إن شاء الله بعبقرية فذة ، بل إن العبقرية كل العبقرية هي الأفعال المحسنة ، الأفعال القوية ، الأفعال الصالحة المصلحة للمجتمع المحلي ثم العربي التي قام بها سموه ، تعزيزا للثقافة و دعما للعلم و نصرة لكل العملية الإبداعية بشكل عام
لا يوجد طريقة تخلد ذكر الإنسان بعد مغادرة هذه الأكوان ، إلا الإحسان ثم العرفان ، و هذه الحقيقة اليقينية وضعتها الشارقة منذ عشرات السنين نبراسا لها ، التحرير ثم التنوير ثم التعطير.

 

 

هناك من المدن من هي معمل ، و هناك من المدن من هي ملعب، و هناك من المدن من هي ميناء ، أما الشارقة فهي مكتبة ، الشارقة مكتبة كبيرة جديدة جميلة فيها كتب قيمة ، و من دخلها كان آمنا من الأفكار غير السليمة غير المسعدة
الشارقة تاج الثقافة العربية 1998 ، تاج الثقافة الإسلامية 2014، تاج السياحة العربية 2015 ، تاج الكتاب العربي 2019
لا ليس مستغربا البتة اختيار الشارقة عاصمة عالمية للكتاب و هي ( أم الكتاب )، لا ليس مستغربا البتة ومعرض كتابها ثالث أكبر معرض في العالم ، لا ليس مستغربا البتة و هي تستضيف أكثر من ألف وخمسمئة ناشر من مختلف دول العالم ، لا ليس مستغربا البتة و هي تستقطب أكثر من مليوني زائر ، الأمر الذي يعده بعض متابعي الشأن الثقافي أمرا مستحيلا، و نعده كوننا نعرف الشارقة حق المعرفة أمرا مستحقا عاديا ، طالما أنها تروّج للفكر الوسطي وللفنون الجميلة التي تجمّل وجه الحياة .
مهرجان الشارقة القرائي للطفل هو أيقونة الشارقة الخلّابة ، أدركت الشارقة منذ البداية أن الحل كل الحل لمشكلة تأخر أمتنا العربية ، يكمن في البدايات ، يكمن في التأسيس ، يكمن في البواكير ، يكمن في الطفولة ، فمن شبّ على حب القراءة، حتما سيصبح قارئا نهما في المستقبل ، و من أصبح قارئا نهما سيصبح عالما فاهما حالما قافزا فوق المستحيل (قارئ اليوم قائد الغد).

 

مهرجان الشارقة القرائي للطفل يصلح بأن يكون قدوة للعمل الاجتماعي في الدول العربية و في الدول الغربية أيضا ، لأنه ينظم ألفي فاعلية ضخمة تثري الحياة المعرفية العامة لفئة الصغار ، و لأنه استطاع استقطاب ثلاثة آلاف زائر ، و هذا لعمري بحد ذاته إنجاز فريد عز مثاله وامتنع نظيره.

 

الشارقة المشرقة بأنوار الكتاب أطلقت في الماضي و تطلق في الحاضر و ستطلق في المستقبل سلسلة هائلة من المبادرات والفعاليات و الأنشطة الداعمة للقراءة ، المرسخة لعادات طلب الثقافة :
(مبادرة ثقافة بلا حدود) وزعت اثنين وأربعين ألف مكتبة على الأسر الإماراتية.
(كتابي الأول) مبادرة أطلقتها الشيخة بدور القاسمي، و هي سابقة خطيرة ومؤسسة في العمل الثقافي العالمي ، سبقت إليها الشارقة كل الدول المتقدمة : دعوة الطفل إلى القراءة حتى قبل أن يولد ! ، وزعت المبادرة خمسة آلاف حقيبة كتب متنوعة على السيدات اللواتي ينتظرن مولودهن الأول
لخدمة الثقافة في الشارقة و في كل العالم العربي ، أطلقت الشارقة برنامجا ركز على ستة موضوعات عبر  شعار

 

“اقرأ – أنت في الشارقة” يتضمن :
الشمولية والقراءة والتراث والتوعية والنشر والأطفال
ثم أطلقت الشارقة كما هائلا من الفعاليات الرائعة منها :
مؤتمر حول حرية التعبير ، ومسابقة للشعراء الشباب ، وورش عمل لإنشاء كتب برايل والكتب اللمسية ، فضلا عن العديد من الفعاليات لسكان الشارقة متعددي الأعراق .
حرم صاحب السمو حاكم الشارقة سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة ، لا ترى أي حل للتقدم الحضاري و مجاورة الدول المتحضرة إلا عبر بوابة الكتاب : ( حكاية الشارقة مع الكتاب معروفة كتبها وصاغ أحداثها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة ، حين أراد أن يبني جيلاً كاملاً ، بل أجيالاً تقرأ لتعزز لها دوراً في بناء الثقافة والإبداع ، وليحمل وطنه إلى مصاف الدول المتحضرة عبر مشهدية ثقافية لا تبدأ إلا بعلاقة استثنائية مع الكتاب ).

وبالعودة إلى وجه الشارقة الأنيس الحبيب الأبيض الوضاء ، بالعودة إلى الاحتفالية الكرنفالية الكريستالية الملونة : معرض الشارقة الدولي للكتاب ، نرى أنه أكبر بكثير من معرض ، و أصغر بقليل من مدينة
معرض الشارقة الدولي للكتاب هو درة الدرر و تحفة التحف و مفخرة المفاخر ، ستة و ثلاثون عاما من ضخ الفعل الحضاري الممتاز المميز ، هي غلة العمل الثقافي في هذا المعرض الأخّاذ ،
عبر ندوات ثقافية ، ثرة لا تتاح سويتها الراقية إلا في هذا المعرض حصريا ، ثم مؤتمرالمكتبات الذي يعقد بالتعاون مع جمعية المكتبات الأمريكية في الشرق الأوسط ، ثم البرنامج المهني الذي يجمع خبراء حقوق النشر الدوليين ، ثم طاقة من الجوائز الكريمة منها : شخصية العام الثقافية ، جائزة أفضل كتاب أجنبي ، جائزة أفضل كتاب عربي ، جائزة الكتاب الإماراتي ، جائزة تكريم دور النشر ، مسابقة طلاب الجامعات ، جائزة ترجمان.

 

إن اختيار الشارقة عاصمة عالمية للكتاب ، هو اعتراف عالمي جديد يضاف إلى إنجازات الشارقة و إنجازات دولة الإمارات العربية المتحدة التي يكفيها فخرا أن معظم حكامها هم شعراء ، ينظمون أرقى و أرق الشعر الفصيح و النبطي ، و من كان منهم ليس شاعرا فهو مسرحي روائي مثل سمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي أطال الله عمره.

ختاما لك حبي و سلامي و قلبي الأخضر أيتها الشارقة المشرقة
أهنئك بل أهنئ العالم بك
ظلي أيتها الشارقة مثيرة للأمل مثيرة للعمل مثيرة للعسل
ظلي قبلة تهدي العلماء و طلاب العلم على السواء
ظلي كما أنت في الماضي و الحاضر و المستقبل
أستاذة الماضي و أستاذة الحاضر و أستاذة المستقبل

ماهو غريب الطيب من منبت الطيب
وكيف تستغرب من الغيم الأمطار
 

بقلم: الدكتور أحمد طقش


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com