|  آخر تحديث مارس 11, 2019 , 16:11 م

غرور الطبيعة!!


غرور الطبيعة!!



اغترّت الطبيعة بذاتها، فإن حكمت علينا اليوم ببرد قارس أو غبار يبتلع الرؤية، فلا حيلة لنا تجاه ذلك غير أننا لابد أن ننتمي لها ونتكيف معها، فالطبيعة ليست لها قوانين تحكمها أو أغلال تقيدها، فالبحار تهيج علي من يعتلي مياهها بلا مقدمات، والأشجار تطرد أوراقها في لحظة عاصفة بلا رحمة، والجبال تُدَك علي حين غرّة!!

معجزة من مكر، وغرور، وجمال ليس له مثيل.. والعقل البشري عاجز تماماً عن ادراك نوايا الطبيعة وما وراءها، ففي كل فصل تعبّر الطبيعة عن ملامحها، وما تقرر أن تلفُظه لنا ، فليس من المعقول مثلا أن تُهديك الطبيعة جو معتدل في أمشير، أو تسقط علي أراضينا العربية قطع الثلج في شهور الصيف، فهي ملتزمة بطقوسها في كل مكان في كل فصل من فصول السنة!!

شئ غريب يجعلها ثابتة في مكانها لا تتغير، كما هو حال الطبيعة لدي البشر، فهي ترفض التغيير بإستمرار،مهما عصفت بها الحياة، ومهما كُيّل لها من الآلام المكاييل، بسبب مواصفات معينة تنتهجها طبيعة الشخص،فلماذا لا يستطيع الإنسان أن يغير من طبيعته بالرغم من تهديد هذة الطبيعة أحياناً لمستقبله برمّته وأحياناً كثيرة تهدّد أيضا علاقاته الصديقة مع من حوله، فالطبيعة الخاصة للأشخاص والأشياء تحدد مصائرهم وهيكلة وجودهم .. فمن الممكن أن تكون طبيعة شخص طيبة أو خبيثة أو حتي تكون بلا لون أو هوية…وتلك الأخيرة لا تنفع نفسها ولا تؤذي غيرها.. و هي أعجب الطبائع علي الإطلاق!!

حتماً هناك حكمة من تأصّل هذا المبدأ الثابت،الغير قابل للتغيير في جميع ما خلق المولي من بشر وجماد وحيوانات ونباتات، كل في فلكه يدور، وكل فلك متقبّل نفسه والآخر، لا يحاول تغيير نفسه أو هدم الآخر، وهذا بالتحديد ما نفتقده فيما بيننا، بأننّا في وقت ما، نعتقد أنه في مقدورنا أن نغيّر من طبيعة الأشخاص الذين نحبهم لمجرد أنهم أحبّونا، كمحاولاتنا البائسة في مُطالبة مُعلنة أو مُراوغة في تغيير صديق أو حبيب أو قريب…وتنتهي المحاولات بالفشل .. وتظل تعاني من حالات الفشل، فشلك في إدارة علاقاتك بشكل يومي بمن حولك، وفشلك لخسارة إنسان كان من الممكن أن يكون صادق و حقيقي، أُنهكت روحه من عدم تقبُّلك لطبيعته الخاصة، التي بالتأكيد..كانت في ظل غرورها وثباتها.. لها عطاؤها الطيّب!!

لا تحاول تغيير طبيعة شئ أو شخص.. أو حتي طبيعتك أنت تحت أي مسمي، كل ما نستطيعه هو تطوير سلوكنا وتحييز نظرتنا الايجابية للأمور، استنادا علي هبة العقل التي ميّزنا بها الرحمن، والتوصّل لمناطق وسطية، حلولها عادلة، لها طبيعتها أيضا.. طبيعة مغرورة لا تتغير.. أهم ما يميزها هو الصبر و الحب و التسامح!!!

بقلم: سمر الديب – (مصر)


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com