بقلم: محمد يوسف
الأموال التي تبخرت في أسواق الأسهم فقط كانت تكفي العالم حتى يقضي على التشرد ومعسكرات اللجوء القسري والفقر ونقص الغذاء والدواء.
هم يقولون إن خسائر الأسهم في الولايات المتحدة بلغت في الأسبوع الأول لمغامرة دونالد ترامب 6 تريليونات دولار، فقط في الأسبوع الأول، أما هذا الأسبوع فالحبل على «الجرار»، هبوط يتبعه هبوط، في أسواق العالم كلها، لم يستثنِ سهماً، ولم تحمِ السمعة الطيبة سهماً آخر، كلها سواء، نزيف لا يتوقف، يومياً هناك هبوط ومدخرات تختفي.
وما زال الرئيس الأمريكي يتحدث عن نصر سيتحقق قريباً، ومليارات بدأت بلاده تجنيها أسبوعياً من الدول «المسيئة»، ويدعو الشعب الأمريكي إلى الصبر، السنة ومن بعدها السنة القادمة وتتحسن الأحوال، ويبدأ عهد الرفاهية، والناس، كل الناس، وأتحدث هنا عن البسطاء من الناس، وليس عن إيلون ماسك أو بيل غيتس أو غيرهما من الأثرياء الذين لم يخسروا شيئاً، فهم لا يزالون على قائمة أثرى الأثرياء، حتى لو خسروا 90 في المئة من ثرواتهم، أما أولئك الذين استثمروا مدخراتهم ومكافآت نهاية خدمتهم وتقاعداتهم، فهؤلاء لن يجدوا الدخل الذي كانوا ينتظرونه في نصف السنة ونهايتها، ليسد احتياجاتهم، أو يسدد أقساط بيوتهم وقروض مشاريعهم، هؤلاء هم الذين سيعلنون عجزهم وإفلاسهم خلال «فترة الصبر الترامبية»، وستسحب بأوامر القضاء بيوتهم وكل ما يملكون، وكأن الحرب التي يصر ترامب على خوضها موجهة ضدهم!
هذه مأساة بشرية وليست صداماً تجارياً، ولا تزال توابعها في بدايتها، فهي ليست خلافاً بين دولتين حول الرسوم الجمركية، لهذا يطلق عليها ترامب اسم «الحرب الاقتصادية»، مستهدفاً الصين، ومن بعدها أوروبا والأمريكتين والتكتلات الاقتصادية العالمية، إنها حرب على الفقراء قبل الأغنياء، وعلى الصغار قبل الكبار، وأول الذين حاربهم كانوا أبناء شعبه، طالتهم الأضرار قبل غيرهم، لهذا كانوا أول المحتجين في مسيرات شملت كل المدن الأمريكية يوم السبت الماضي في واقعة تاريخية غير مسبوقة.