الأربعاء , 18 شوال 1446 هـ , 16 أبريل 2025 م   |  آخر تحديث أبريل 11, 2025 , 5:08 ص

حضارتنا إلى أين؟!


حضارتنا إلى أين؟!



لعلّه من مسلمات القول: أنّ حضاراتٍ كثيرة مرّت عبر العصور، ومن الطبيعي أن تتركَ كلّ حضارة بصمة واضحة في مرحلة قيامها، في شتى المجلات السياسية والعلمية والثقافية والدينية.
وبعضُ تلك الحضارات ما زالت آثارها ماثلة أمامنا حتى اليوم، نأخذ منها العِبر ونتعلم الدروس.

وهنا يتبادر سؤالٌ ملحٌ: هل الحضارة تختصُ بعرقٍ دون سواه كما يروج البعض؟ الجواب بثقة مطلقة: أبدًا لا، يؤكد على ذلك “أرنولد توينبي” الذي رفض النظرية العنصرية للحضارة، ووضع بدلًا عنها “نظرية التحدي”؛ حيث الظروف الصعبة هي التي تدفع المجتمعات لمزيدٍ من البذل والبحث، وبالتالي تقوم الحضارات.

ولا أريدُ الخوضَ في حضارة هنا أو حضارة هناك، فقط لدي وجهة نظرٍ – أُناقشُ فيها – أُفرّق بين المدنيّة والحضارة؛ إذ المدنيّة تهتمُ بالأمور الماديّة على حساب الأمور الأخرى؛ بمعنى أدق “الغايةُ تبررُ الوسيلة”!! وهذا بابٌ يوصلُ ربما لهلاكِ البشريّة، بينما الحضارة هي: “الإنسان بتكوينه الروحي والجسدي، والكون وما فيه من طبيعة، والحياة وماديتها” فكل حضارة هي مدنيّة وليس العكس، أستأنسُ هنا بشهادة لأستاذ اللغات السّامية وعالم الآثار الأمريكي “وليم أولبرايت” يقول فيها: “صحيحٌ أنّنا أوصلنا رجلًا إلى سطح القمر، لكنّ أقدامنا ما زالت في الرمال!!”.
بعد هذا المقدمة أودُّ أن أعرّجَ على الحضارة الإسلامية من وجهة نظر المفكرين الغربيين المنصفين منهم، دون الخوض في الحضارات الأخرى مع تأكيدي أن الحضارات كلها بدون استثناءٍ أخذت أو أعطت لبعضها، فكرة هنا أو رؤية هناك، ولعلّ خير دليلٍ على ذلك قول الرسول المصطفى: “إنّما جئتُ لأتممَ مكارمَ الأخلاق”.
نعم لقد امتدت الحضارة العربية الإسلامية لقرونٍ عبر الزمن وانتشرت في شتى بقاع الأرض، حضارة قالت عنها “زيغريد هونكه” المستشرقة الألمانية:” إنّ هذه القفزة السريعة المدهشة في سلم الحضارة التي قفزها أبناء الصحراء، والتي بدأت من اللا شيء لهي جديرة بالاعتبار في تاريخ الفكر الإنساني، لدرجة تجعلها أعظم من أن تُقارَن بغيرها…. إنَّ ما حققه العرب لم تستطع أن تحققه شعوب كثيرة أخرى”.

لا أكتبُ ذلك تعصبًا لحضارتنا الإسلامية العربية؛ بل انصافًا لحقائق تاريخية، ولأذكر الأجيال الصاعدة من شبابنا أننا كنا سادة، نقود العالم بقيمنا وأخلاقنا التي اعترف بها الغريب قبل القريب.

ختامًا: أرى أمام الشعوب العربية فرصة ذهبية – رغم هذا الضعف والانهيار في كلّ شيء – لترميم الماضي وقيادة البشرية من جديد، وإلاّ ربما علينا مُكرهين بعد عقودٍ قريبة أن نخلع جلودنا ونستبدل أسماءنا!.

 

بقلم: عبدالعزيز محمود المصطفى


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com