الإسكندرية – أكد الدكتور مصطفى الفقي؛ مدير مكتبة الإسكندرية، على أهمية الأدب والفن في صناعة الحياة واستمرارها، أما التطرف فهو أداة لتدمير الحياة وإنهاء الوجود. جاء ذلك في افتتاح المؤتمر السنوي الرابع لمواجهة التطرف الذي تنظمه مكتبة الإسكندرية في الفترة من 28 إلى 30 يناير، بحضور ما يزيد عن أربعمائة مثقف وباحث وأكاديمي وإعلامي، ويدور حول دور الفن والأدب في مواجهة التطرف.
شارك في افتتاح المؤتمر كل من الدكتور محمد سلطان محافظ الإسكندرية، والدكتور ماريو جاتي؛ مدير الجامعة الكاثوليكية في ميلانو بإيطاليا، والدكتور جابر عصفور؛ وزير الثقافة الأسبق، والدكتور محمد الرميحي؛ عالم الاجتماع والمفكر الكويتي، والكاتب اللبناني جهاد الخازن، والفنان أشرف زكي نقيب الفنانين.
وأكد الدكتور مصطفى الفقي أن مؤتمر التطرف يأتي في وقته تمامًا، حيث يموج العالم بتيارات الفكر المظلم والمتطرف، التي ينبغي علينا أن نواجهها معًا، معربًا عن سعادته لوجود هذا الجمع الهائل من الحضور. وأكد أن المكتبة قررت أن يكون عام 2018 هو عام الجدية في مواجهة التطرف، حيث ستوجه المكتبة طاقاتها للشباب والفئات العمرية الأصغر، وستعمل على التواصل مع المؤسسات الدينية بهدف تنظيم زيارات مكثفة وبرامج خاصة لهم في المكتبة، بهدف تقديم برنامج ثقافي مدروس فكريًا تنويريًا، يواجه آفة التطرف، ونشر ثقافة التسامح والمواطنة وقبول الآخر في المجتمع.
وأضاف الفقي أن محافظة القاهرة قد أهدت مكتبة الإسكندرية قصرًا في حلوان، سيتم تحويلة إلى متحف للأديان في التاريخ المصري، بداية من الحضارة الفرعونية، مرورًا باليونانية الرومانية والتراث اليهودي والحقبة القبطية وصولًا بالتراث الإسلامي، مضيفًا أن هذا المتحف سوف يعكس الوجه الحقيقي لمصر والروح الحقيقية للتسامح والتعايش.
من جانبه، أعرب الدكتور محمد سلطان محافظ الإسكندرية عن سعادته لانطلاق هذا المؤتمر من مكتبة الإسكندرية، ومدينة الإسكندرية التي طالما كانت موطن للحضارات والتسامح والمواطنة، وحاضنة للكثير من الفنانين والأدباء الذين أصبحوا أعلامًا في مجالاتهم. وأكد أن الفن والأدب هما من ركائز الحياة، والأقرب إلى الوصول لقلوب الشعوب، مشددًا على أهمية تعزيز التعاون والتبادل الثقافي بين الشعوب، وخاصة على مستوى الشباب، لترسيخ مبادئ التسامح والأخوة والسلام.
وتحدث الدكتور ماريو جاتي؛ مدير الجامعة الكاثوليكية في ميلانو بإيطاليا، في كلمة توجه فيها بالشكر لمكتبة الإسكندرية لتنظيم هذا المؤتمر الهام الذي يساعدنا على استعادة مفهوم الثقافة، بحيث نتخطى الصور النمطية التي تجعل الإنسان منغلقا على نفسه. وقال إن المبادرات واللقاءات مثل هذا المؤتمر تعد أساسية لتجاوز الأحكام المسبقة وفتح القلوب والعقول للثقافة والجمال، فالأدب والموسيقى والفن يساعدون على الانفتاح على الواقع وإدراك الجمال في مختلف الثقافات.
ولفت إلى أن الجامعة الكاثوليكية في ميلانو قد سعت لاسترجاع مفهوم الثقافة هذا من خلال تنظيم “احتفالية الثقافة العربية”، إلى جانب المؤتمرات العلمية التي تدرس الثقافة العربية، وحفلات الموسيقى وعروض المسرح التي أتاحت لمدينة ميلانو التفاعل مع اللغة العربية وثقافتها وجمالياتها. وتقدم بالشكر لمكتبة الإسكندرية وكل مؤسسة تسعى لفتح آفاق أرحب للتعرف على لغة وفن وثقافة الآخر.
وفي كلمته، أكد الدكتور جابر عصفور؛ وزير الثقافة الأسبق، أن مدينة الإسكندرية هي موطن الاستنارة ومنبع التسامح، ففيها ظهرت مجلة “الفتاة”، وجريدة “الأهرام”، ومجلة “الجامعة” التي ظهر فيها مفهوم التسامح لأول مرة على يد فرح أنطون، وظلت الإسكندرية موطن الكثير من الأعمال الأدبية التي رسخت قيم التسامح وقبول الآخر. وشدد على أن هذا “الخلل” المسمى بالإرهاب عمره قصير، والجرائم التي يرتكبها تؤكد على روح التحدي لدى المصريين، كما أن الكتاب والأدباء كانوا أول من تصدوا له. وأضاف: “جئنا لنتحدى قوة شديدة تصادر حق الحياة، بأن نؤكد على المعاني العظيمة للإنسانية”.
من جانبه، قدم الدكتور محمد الرميحي؛ عالم الاجتماع والمفكر الكويتي، بعض الأفكار التشخيصية للوضع القائم ليتم مناقشتها في جلسات المؤتمر. وقال إن العالم في القرن الحادي والعشرين بالغ التعقيد، استطاع المتطرفون فيه تحقيق أهدافهم إما بالسلاح أو بالأفكار التي تمثل خطرًا أكبر. كما أن العولمة تبشرنا باحتمالات متزايدة من المخاطر التي ستؤدي لفوضى عارمة لو تم تجاهلها. وأكد على وجود مجموعة من التساؤلات التي ينبغي مناقشتها؛ ومنها: ماذا يستطيع أن يقدم الأدب والفن في مواجهة خطر التطرف؟ ما هو نوع هذا الفن وما موضوعه؟ ما هي الرسالة التي ينبغي أن يقدمها؟ وكيف يجب أن تكون العلاقة بين الأدب المحلي والعالمي؟
وفي كلمته، أكد الكاتب اللبناني جهاد الخازن على أهمية هذا المؤتمر لما يشهده العالم العربي من تصاعد لموجة الإرهاب وتزايد العمليات الإرهابية، مشددًا على أن قمع الإرهاب في العالم العربي يجب أن يبدأ من مصر التي طالما كان لها الريادة العربية في كل المجالات.
وفي الختام، تحدث الفنان أشرف زكي؛ نقيب الفنانين، عن أهمية التلفزيون والمسرح والسينما في تشجيع حركة الثقافة والإبداع لدى الأجيال الجديدة، ونادى بزيادة عدد المسارح ودور العرض وقاعات الفن والإبداع في الإسكندرية والمحافظات الأخرى.
وكشف الفنان أشرف زكي عن مبادرة تعاون بين نقابة الفنانين ومكتبة الإسكندرية لإحياء الحركة المسرحية في الإسكندرية، والتي ستبدأ أولى أنشطتها شهر مارس القادم بمهرجان مسرح فناني الإسكندرية.