تحت رعاية سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، انطلقت أمس فعاليات الدورة الخامسة لملتقى الإمارات للآفاق الاقتصادية 2018، بهدف تسليط الضوء على دور الاستثمار الأجنبي المباشر والتجارة في تحفيز الابتكار والإنتاجية ودفع مسار النمو والازدهار في الإمارات.
شهد افتتاح الملتقى سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دائرة النقل أبوظبي، ومعالي الدكتور سلطان الجابر وزير دولة. وحضره جاسم محمد بوعتابه الزعابي رئيس مكتب أبوظبي التنفيذي ورياض عبدالرحمن المبارك رئيس دائرة المالية والشيخ عبدالله بن محمد آل حامد رئيس دائرة الصحة.
والدكتور علي راشد النعيمي رئيس دائرة التعليم والمعرفة عضو المجلس التنفيذي والمهندس عويضة مرشد المرر رئيس دائرة الطاقة وسيف محمد الهاجري رئيس دائرة التنمية الاقتصادية.
وعبدالله مصلح الأحبابي رئيس مجلس إدارة هيئة مياه وكهرباء أبوظبي وعبدالله آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية والصناعة وسامي القمزي مدير عام دائرة التنمية الاقتصادية دبي وخليفة بن سالم المنصوري وكيل دائرة التنمية الاقتصادية أبوظبي وعدد من كبار المسؤولين.
وشدد معالي سلطان بن سعيد المنصوري، وزير الاقتصاد، على أن اقتصاد الإمارات يواصل مساره التنموي الإيجابي في ظل رؤية وتوجيهات القيادة الرشيدة، حيث حافظ على معدلات نمو متوازنة وبيئة اقتصادية قوية ومستقرة رغم التحديات الاقتصادية التي شهدتها السنوات القليلة الماضية، معززاً تنوعه وتنافسيته العالية كثاني أكبر اقتصاد عربي، وإحدى أهم الوجهات الإقليمية والعالمية للتجارة والاستثمار والأنشطة الاقتصادية.
واستعرض في كلمته التي ألقاها نيابة عنه عبد الله آل صالح وكيل الوزارة لشؤون التجارة الخارجية والصناعة، أهم المؤشرات الاقتصادية التي تعكس سلامة النهج الاقتصادي المتبع، مشيراً إلى أن التقارير الوطنية والعالمية المتخصصة تتوقع تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى ما بين 3.4 – 3.9 % خلال عام 2018، وأن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 3.7%.
وأكد أن تنويع القاعدة الاقتصادية يمثل محوراً ثابتاً في جهود التنمية، مشيراً إلى أنه بحلول 2021 ستصل نسبة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي إلى 80%، ولفت إلى أن قطاعات الصناعة والسياحة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والبنية التحتية والتجارة والخدمات اللوجستية والقطاع المالي تبرز كمحاور رئيسية في خريطة الاقتصاد الوطني.
إضافة إلى القطاعات السبعة التي حددتها الاستراتيجية الوطنية للابتكار، وهي: التكنولوجيا والصحة والتعليم والنقل والطاقة المتجددة والمياه والفضاء. وأشار إلى زيادة عدد الشركات في الدولة إلى أكثر من 400 ألف شركة وزيادة الاستثمارات الصناعية إلى 131 مليار درهم وارتفاع حجم التجارة الخارجية غير النفطية للدولة إلى 1.7 تريليون درهم بنهاية 2017.
وأشار إلى أن صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة إلى الدولة ارتفع في 2016 إلى 33 مليار درهم (9 مليارات دولار) بنسبة نمو بلغت 2.3%.
ومثلت ثلث التدفقات الاستثمارية المتجهة إلى دول غرب آسيا، كما تتبوأ الإمارات المرتبة الأولى عربياً، ما يعكس التنافسية الاستثمارية المتزايدة لقطاع الأعمال والاستثمار في الدولة، وهو ما أكده تقرير الأونكتاد الذي صنف الإمارات في المرتبة الأولى عربياً و12 عالمياً بين قائمة الاقتصادات الواعدة للاستثمار خلال الفترة 2017 ــ 2019.
وكان سيف محمد الهاجري رئيس دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي قد ألقى كلمة في بداية الملتقى، أكد فيها على أن تحقيق آمالنا في المستقبل الذي نرجوه للإمارات، يتطلب مواصلة العمل الدؤوب الذي بدأناه منذ سنوات، والذي نسعى من خلاله إلى التشارك في صياغة توجهات التنمية، وتحديد أولوياتها على النحو الذي ينسجم مع الاستراتيجيات والرؤى طويلة المدى في ضوء الإمكانيات والموارد المتاحة.
وأوضح أنه رغم أن الأعوام الأخيرة قد شهدت سلسلة من التحديات الإقليمية والدولية في ظل ما يشهده العالم من تحولات اقتصادية وتذبذب في أسعار النفط العالمية إلا أنها شهدت أيضا تحولات جوهرية وإنجازات ملموسة على كافة الأصعدة في اقتصاد الإمارات بشكل عام، واقتصاد إمارة أبوظبي بشكل خاص.
وشد على أن الفترة المقبلة تتطلب منا جميعاً مضاعفة الجهود على كافة المستويات، مع التركيز على تعزيز تنافسية الأسواق المحلية ما يزيد من قدرتها على جذب مزيد من الاستثمارات النوعية ضمن القطاعات المستهدفة، وعلى النفاذ الى الأسواق الدولية، بالإضافة إلى دعم التحول إلى الاقتصاد القائم على المعرفة، وأضاف أنه على الرغم من حالة عدم الاستقرار التي يشهدها الاقتصاد العالمي.
إلا أن اقتصاد إمارة أبوظبي أثبت قدرته على امتصاص الصدمات والتعامل الناجح مع مختلف التحديات، حيث حقق الناتج المحلي الإجمالي نمواً بلغ نحو 4.2% بالأسعار الثابتة في المتوسط خلال الفترة (2012-2016)، مدعوماً بنمو الأنشطة الاقتصادية غير النفطية، التي شهدت نمواً ملحوظاً خلال الفترة نفسها، بلغ نحو 5.7% في المتوسط.
وذكر بأن توقعات دائرة التنمية الاقتصادية أبوظبي تشير إلى استمرار هذا الاتجاه الإيجابي في المستقبل؛ إذ أنه من المتوقع أن يحقق اقتصاد الإمارة معدل نمو نحو 3% بالأسعار الثابتة مع نهاية عام 2018، يدعمه في ذلك نمو الأنشطة الاقتصادية غير النفطية بمعدل 4.2%.
واختتم سيف الهاجري مشيراً إلى أن التزام الدائرة وما يقف خلفه من إرادة سياسية قوية وطموحة، يعطي صورة واضحة لقوة الزخم الذي تندفع به قاطرة التنمية في الإمارات بشكل عام، وإمارة أبوظبي بشكل خاص، ويزيد من التوقعات المتفائلة حول الآفاق المستقبلية للاقتصاد المحلي خلال الأعوام المقبلة.
من جانبه، شدد سامي القمزي مدير عام دائرة التنمية الاقتصادية دبي في كلمته على أن الملتقى بات منصة وطنية مهمة تعزز التعاون والتواصل بين دوائر التنمية الاقتصادية في إمارات الدولة، ومناقشة التوجهات المستقبلية لاقتصاد الدولة ودعائمه. وأشار إلى أنه في الوقت الذي يزداد فيه قلق العديد من المحللين من أوضاع سوق النفط والمخاوف بشأن الأسعار،.
فإن الإمارات تشهد نمواً اقتصادياً متسارعاً مدعوماً بالرؤية الثاقبة للقيادة الرشيدة وتوجيهاتها للحكومة بأن تكون الإمارات محطة للاقتصاد الحر والمفتوح على العالم ومركز جذب للاستثمارات المحلية والأجنبية.
وأشار إلى أن أحدث دراسات اقتصادية دبي تشير الى أنه من المتوقع أن ينمو اقتصاد إمارة دبي بمعدل 3.5% عام 2018 و3.7% في 2019 في ظل العوامل الخارجية والانعكاسات الإيجابية المرتقبة على الاقتصاد من المبادرات الاستراتيجية المهمة التي أطلقتها حكومة دبي في إطار خطة دبي 2021.
وأفاد أنه في مقدمة هذه المبادرات استضافة إمارة دبي معرض إكسبو 2020، ومضي حكومتها قدما في التحضير له بإطلاق مشاريع عملاقة في البنية التحتية لافتاً إلى أن الدراسة ركزت على التعافي الدوري في الاقتصاد العالمي، والضعف النسبي في الحركة الاقتصادية التي تسود المنطقة نظراً لإجراءات التكيف مع أسعار النفط وإجراءات الضبط المالي.
وأوضح أنه على الصعيد العالمي، تشهد حركة التجارة العالمية هذا العام تعافياً ملحوظاً في معدلات نموها حيث من المتوقع أن تنمو 3.6% في 2018 مقارنة بــ 1.3% العام الماضي.
مشيراً إلى أن سياسة الانفتاح الاقتصادي والتجاري على العالم التي انتهجتها إمارة دبي تشكل الحجر الأساس في دعم وتعزيز مشاركة منتجي البضائع والخدمات بالإمارة في سلاسل القيمة العالمية وزيادة الصادرات وتنويعها والتحسين المستمر في جودتها.
وأعرب عن أمله في تنجح إمارة دبي في تحقيق نمو متسارع في صادرات المنتجات عالية التقنية من خلال المشاركة النشطة في سلاسل القيمة العالمية التي تساعد على كسب التنافسية في الأسواق العالمية بدعم من الشبكة اللوجستية لدبي وإمكانياتها المتميزة في مجال النقل الجوي والبحري والبرّي، بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي بين شرق آسيا وغرب أوروبا.
وشهدت فعاليات اليوم الأول للملتقى جلستين دارت الأولى حول التطورات الأخيرة في الأسواق الإقليمية والعالمية وتداعياتها على الاقتصاد الإماراتي، والثانية حول ضريبة القيمة المضافة، وانتهت فعاليات اليوم الأول بتكريم المشاركين في الملتقى.
وتوقع خليفة سالم المنصوري وكيل دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي أن يصل الناتج المحلي الإجمالي لإمارة أبوظبي بنهاية 2017 إلى أكثر من 800 مليار درهم. وقال في تصريحات للصحفيين أمس على هامش الملتقى: اقتصاد أبوظبي سينمو بنسبة جيدة بنهاية 2017 مقارنة بـ 2016، مشيراً إلى أن التقديرات الأولية المتوفرة لدى الدائرة تؤكد زيادة الناتج المحلي الإجمالي.
وتوقع الوكيل طرح أجزاء من شركات حكومية للاكتتاب العام. وقال: عام 2018 سيكون عام تخارج الحكومة من أكثر من شركة وسيتكرر نموذج شركة أدنوك للتوزيع.
وشدد على أن استمرار وتيرة النمو الاقتصادي لأبوظبي خلال عامي 2018 و2019 ترجع إلى استكمال مشاريع عملاقة كثيرة أبرزها مطار أبوظبي الدولي والمدينة الثقافية في السعديات لافتاً إلى أن الحكومة أنفقت خلال السنوات القليلة الماضية أكثر من 30 ملياراً على هذه المشاريع منها 13 مليار درهم على المطار فقط.
وشدد على أن الدائرة لن تسمح لأي منفذ بيع باستغلال ضريبة القيمة المضافة في زيادة الأسعار، مشيراً إلى أنها ستطبق غرامات مالية تتراوح بين 40 – 100 ألف درهم ضد المخالفين، إضافة إلى إغلاق المنشأة. وذكر أن الدائرة تلقت أكثر من 300 شكوى من مستهلكين.
لافتاً إلى أن الدائرة مستمرة في جولاتها التفتيشية على الأسواق وستعلن قريباً عن نتائج هذه الجولات. وأضاف، وصلتنا استفسارات كثيرة من مستهلكين ونسبة لا بأس بها من الشكاوى كان أصلها استفسارات.
وشهدت جلسة للملتقى حول ضريبة القيمة المضافة جدلاً حول كيفية تطبيق الضريبة وآثارها. الجدل أثاره الدكتور أحمد حسين الشيخ المدير العام لمجموعة مصانع حسن بن الشيخ، حيث ذكر أن عملية التطبيق شابتها ثغرات. وقال إن القطاع الخاص لم يطلع على تفاصيل التطبيق إلا قبل التطبيق بـ15 يوماً،.
والمشكلة ليست عدم جاهزية القطاع الخاص بل تأخر المعلومات، كما أن الشركات مطالبة بسداد الضريبة قبل تحصيل أموالها من العملاء، فضلاً عن أن التطبيق صاحبته زيادة بأسعار السلع.
وأبدى تخوفه من أن يؤدي تطبيق الضريبة والإجراءات اللاحقة لها إلى موجة تضخم كالتي شهدتها الإمارات قبل 2008. وقال إن العام الماضي شهد زيادة رسوم من جانب الحكومة الاتحادية وبعض الحكومات المحلية على الشركات والأعمال، وهذه الرسوم ستضاف إلى إيرادات الحكومة بالإضافة إلى إيرادات ضريبة القيمة المضافة. لذا، ستكون هناك زيادة في الميزانيات. وقد تصل الميزانية الاتحادية إلى 65 مليار درهم، وبالطبع قد يدفع الفائض إلى زيادة رواتب الموظفين المواطنين.
وأضاف: لدينا مديرو إدارات يتقاضون رواتب بين 80 – 140 ألف درهم ولو ارتفعت الرواتب فستكون هناك موجة ارتفاع في الأسعار وزيادة في الواردات وضغط في إنجاز المشاريع وفتح الباب للمزيد من العمالة الوافدة، وموجة تضخم كبيرة، لذا، علينا أن نشجع الادخار مثلما حدث في الصين.
كان خالد البستاني المدير العام للهيئة الاتحادية للضرائب تحدث في بداية الجلسة حول ضريبة القيمة المضافة وخلص إلى أن هيئة الضرائب وصلت لمرحلة متقدمة من التطبيق. وأشار إلى أن تطبيق الضريبة اعتمد على أفضل الممارسات العالمية، ورأينا ألا نؤجل التطبيق ونبدأ التعامل مع التحديات، لأنه حتى لو أجلنا فإن القطاع الخاص لن يكون جاهزاً، وكان هناك شركات كثيرة بلا دفاتر محاسبية، كما أن نسبة الضريبة محدودة ولا تزيد عن 5% بينما في دول أخرى تصل إلى 25%.
وقال إننا ظللنا ندرس على مدى 14 عاماً التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية للضرائب، وعلى أية حال فإن الضريبة لا تزيد التكلفة سوى بنسبة 1.4% وهي نسبة قليلة. كما أننا نظمنا دورات ونشرات لأكثر من 24 ألفاً، للتوعية بالضريبة، وهدفنا تطبيق نظام ضريبي ناجح وليس تغريم الشركات بل ندرك أهمية القطاع الخاص ودوره في التنمية. وقد فتحنا باب التسجيل للشركات أكثر من مرة ووضعنا إجراءات كثيرة مرنة تسهل على الشركات التسجيل.
كما أكد كريستوف رول رئيس البحوث في هيئة أبوظبي للاستثمار، أن أسعار النفط سترتفع خلال عام 2018، وأن العام الجاري سيكون من الأعوام الإيجابية لاقتصاد أبوظبي والإمارات عامة مع أسعار النفط وزيادة الدخل.
ولفت إلى أن منظمة الأقطار المصدرة للبترول أوبك بدأت تستعيد جزءاً من حصتها التي فقدتها في أسواق النفط بعد انهيار الأسعار في 2014 و2015، موضحاً أن استمرار المنظمة في موقفها الحالي بخفض الإنتاج يزيد قوتها. ونوه إلى أن 26% من حصة أوبك النفطية ناتجة من دول الخليج.
وأشاد في الجلسة الأولى للملتقى والتي دارت حول التطورات الأخيرة في الأسواق الإقليمية والعالمية وتداعياتها على الاقتصاد الإماراتي، بنموذج الإمارات للتنويع الاقتصادي وتقليص الاعتماد على النفط إلا أنه ذكر أن هذا النموذج يواجه تحدياً تجب مواجهته بحكمة، وهو ارتفاع أسعار السلع والمواد الرئيسية، حيث إن كل زيادة في أسعار النفط تتبعها زيادة في أسعار السلع والمواد الضرورية والاستهلاكية الأخرى بما يؤدي إلى زيادة التضخم.
وتحدث رول عن سوق العمل بأبوظبي، فأوضح أن 74.8% من موظفي حكومة أبوظبي من المواطنين، بينما النسبة المتبقية تعمل في مؤسسات القطاع الخاص وشبه الحكومي، كما أن نسبة 55% من المقيمين يعملون في القطاع الخاص ونسبة 30% في مؤسسات أخرى، ويستحوذ القطاع الحكومي على أعلى الرواتب.
كما تحدث خلال الجلسة الدكتور سيف الشعالي مستشار وكيل دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي مستعرضاً إنجازات اقتصاد أبوظبي. وتوقع أن يحقق ناتج الإمارة نسبة نمو بين 2018 – 2021 بنحو 3% مدعوماً بنمو الناتج المحلي غير النفطي بنسبة 4.2%، كما توقع ارتفاع التضخم إلى 3.7% خلال نفس الفترة.