لجأت السلطات العمومية في الجزائر، منذ مساء أمس السبت، إلى حجب كلي لمواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك، وتويتر)، وذلك في محاولة منها لمنع تسريب مواضيع أحد الامتحانات المصيرية والأكثر أهمية اجتماعيا وسياسيا، ويتعلق الأمر بامتحان شهادة البكالوريا.
ولجأت وزارة التربية الوطنية، وبالتنسيق مع مختلف الهيئات الرسمية الأخرى، مثل وزارة البريد وتكنولوجيات والاتصال، وحتى الأجهزة الأمنية للتشويش على كل من فيسبوك وتويتر، منذ مساء أمس السبت، وذلك بعدما عاش قطاع التربية الوطنية في الجزائر فضيحة مدوية منذ ثلاثة أسابيع، تمثلت في تسريب مواضيع امتحان البكالوريا، وهو الأمر الذي دفع الوزير الأول عبد المالك سلال، لعقد اجتماع حكومي صم عددا من الوزارات لدراسة الوضع، وتم الاتفاق على إعادة جزئية للامتحان، خاصة تلك المواد التي تم تسريبها عبر مواقع التواصل الاجتماعي خاصة فيسبوك.
ومن بين الإجراءات التي أعلنت الحكومة الجزائرية على اتخاذها، هو فتح تحقيق لمعرفة ملابسات تسريب مواضيع امتحان مصيري للالتحاق بمقاعد الجامعة، خاصة لما لهذا الامتحان من أهمية اجتماعية وسياسية بالجزائر، وقد كشف التحقيق الذي باشرته مصالح الدرك الوطني بخصوص تسريب مواضيع البكالوريا (دورة 2016) عن توقيف العشرات من الأشخاص المتورطين من بينهم إطارات وأساتذة ورؤساء بعض المراكز وموظفون بالديوان الوطني للامتحانات والمسابقات. كما أن الأشخاص الموقوفين تم الاستماع إليهم في محاضر رسمية، ويوجد من بينهم إطارات وأساتذة ورؤساء بعض المراكز و3 موظفين بالديوان الوطني للامتحانات والمسابقات قاموا بتسريب الأسئلة قبل أيام من انطلاق الامتحانات. كما سمح التحقيق مع هؤلاء الأشخاص على مستوى 30 ولاية من بينها الجزائر العاصمة بحجز الوسائل المستعملة في التسريب من أجهزة إعلام آلي وأقراص مضغوطة وغيرها.
ومن بين الإجراءات الأخرى التي أقرتها الحكومة، هو حجب مواقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك وتويتر)، وذلك على مدار أيام الإعادة الجزئية للامتحان، والتي تنطلق اليوم الأحد 19 جوان 2016 إلى غاية يوم الخميس 23 جوان 2016. ما يعني احتمال تواصل حجب هذه المواقع إلى غاية نهاية الأسبوع الجاري.
وفي ذات السياق، أكد المفتش العام لوزارة التربية الوطنية، مسقم نجادي، أن الوزارة “اتخذت أقصى الاحتياطات لضمان بكالوريا عادية بمعدل تسريب صفر بالمائة”، مشيرا إلى أن هذه الدورة “استدراكية” هي امتداد للدورة الأولى التي جرت من 29 مايو إلى 2 يونيو”. وأوضح نجادي في ندوة صحفية أن الوزارة “اتخذت أقصى الاحتياطات لضمان بكالوريا عادية بمعدل تسريب صفر بالمائة، بحيث لا يوجد إجراءات خاصة بالنسبة لفتح الأظرفة أو بالنسبة للانطلاق الرسمي لها”، مشيرا إلى أن المراكز ستعمل بشكل عادي. وبهذا الخصوص قال مسقم أنه تم تجنيد إطار من وزارة التربية الوطنية لمرافقة مواضيع البكالوريا في كل مكان تكون موجودة فيه بحيث لا يفارقها وهو “الضمان الأمثل” لتأمين الامتحانات الجزئية بعد التسريبات التي شهدتها الدورة الماضية.
وقد أثار حجب مواقع التواصل الاجتماعي، على ملايين الجزائريين، سخطا كبيرا، حيث أصبح حديث العام والخاص، بعد أن جاء هذا الإجراء بطريقة مفاجئة ومن دون سابق إنذار، حيث لم تعلن الحكومة عن هذا الإجراء لشكل رسمي، رغم أن العديد من وسائل الإعلام تحدثت عن الأمر، غير أنه لم يتم أخذه بعين الاعتبار بالنسبة لملايين المستخدمين لشبكات التواصل الاجتماعي، خاصة وأن آخر الإحصائيات تتحدث عن 8.2 مليون مستخدم للفايسبوك بالجزائر، بحصة تقترب من 10 بالمائة من إجمالي الدول العربية. وقد لجأ العديد من المدمنين على مواقع الفايسبوك إلى حيل عديدة في محاولة منهم لفك شيفرة الدخول للفضاء الأزرق، حيث تمكن البعض من ذلك، بالاستعانة لمنتديات متخصصة في القرصنة.
الجزائر – عبد الله ندور