|  آخر تحديث أبريل 8, 2016 , 22:42 م

كرة القدم الجزائرية.. من مشروع الاحتراف إلى الانحراف؟!


بقلم الكاتب: عبد الله ندور - الجزائر

كرة القدم الجزائرية.. من مشروع الاحتراف إلى الانحراف؟!



ست سنوات تمر على إطلاق الاتحادية الجزائرية لكرة القدم مشروع الاحتراف، غير أن واقع كرة القدم في الجزائر يوحي بأن المشروع لم يتجسد على ارض الواقع بالشكل المأمول، الذي كان يهدف إلى إخراج عالم المستديرة في الجزائر من قوقعة التخلف إلى مصاف الاحترافية والعالمية.

العديد من المعطيات والأحداث التي عاشتها الكرة الجزائرية خلال مسار ستة سنوات كاملة، يحتم علينا طرح سؤال “الكرة الجزائرية إلى أين؟”، فالعديد من المتابعين يؤكدون أنه تحول من مشروع للاحتراف إلى الانحراف.

 

المنشطات سمة هذا الموسم !

شهدت الساحة الرياضية الجزائرية هذا الموسم فضائح عديدة بسبب تناول عدد من الرياضيين للمنشطات والمخدرات والتي كانت سببا رئيسيا في عقوبات صارمة قضت على احلام الكثير منهم في التألق والاحتراف ضمن رابطة كرة القدم الجزائرية .

فضائح لطخت سمعة كرة القدم الجزائرية وأدخلت البطولة الوطنية في دوامة لا تحسد عليها، ازيد من 1000 فحص لكشف المنشطات اجري هذا الموسم، و4 حالات فاضحة كشفت المستور من ممارسات اللاعبين، بحسب جمال الدين دمرجي، رئيس اللجنة الطبية بالاتحادية الجزائرية لكرة القدم ..”فاثنين من الحالات التي تم الكشف عنها من خلال الفحوصات تتعلق بتناول الإكستازي”، وهي نوع من المخدرات المعقدة والخطيرة، بالإضافة الى حالة واحدة لتناول الكوكايين، وبالتالي فإن الامر غير عادي ويستدعي الوقوف أمامه مليا.

ويرى، عبد الكريم عبيدات رئيس المنظمة الوطنية لرعاية الشباب، أن الرياضيين يلجؤون لتعاطي المنشطات في غالب الاحيان من اجل مضاعفة حجم العضلات، وخوفا من عدم تقديم المردود اللازم في المقابلات الرياضية ولتغطية العيوب، فيما حذر من وجود حالات وفيات جراء السكتة القلبية نتجت عن عدم تمكن القلب من احتمال الضغط الكبير عليه.

وقد تكون قضية يوسف بلايلي، أكثر القضايا التي صنعت الحدث واسالت الحبر وطرحت التساؤلات بين انصار اتحاد الجزائر، بعد ان سحر الجماهير بفنياته وامكانياته الكبيرة، ليتم الكشف عن تعاطيه للمخدرات في مباراة اتحاد الجزائر و مولودية العلمة.

 

العقوبة غير رادعة !

بحجم الخطأ الذي وقع فيه بلايلي كانت العقوبة قاسية ضد الرياضي الشاب بثماني سنوات، حسب ما تنص عليه قوانين الاتحادية الدولية لكرة القدم، وهو ما اعتبر خسارة كبيرة لكرة القدم الجزائرية بحسب الناخب الوطني السابق كريستيان غوركوف، الذي اكد ان بلايلي من اكثر اللاعبين الموهوبين الذين كانوا سيقدمون الكثير لتشكيلة الخضر لولا وقوعه في فخ المخدرات.

إلا أن عقوبة بلايلي لم تكن كافية ليعبر بقية اللاعبين، فقد اضيف اسم اخر لقائمة المتعاطين للمنشطات غير ان التفصيل هذه المرة يتعلق بمكمل غذائي تعاطاه هداف مولدية الجزائر، خير الدين مرزوقي، الذي اكد انه تناول المكمل الغذائي بعد استشارته للطبيب، غير ان نتائج التحليل جاءت إيجابية، وهو ما كلفه اقصاء لمدة اربع سنوات.

وبهذا الخصوص، اكد رضا دمرجي رئيس اللجنة الطبية بالاتحادية الوطنية لكرة القدم، وجود مواد محظورة في ابسط المكملات الغذائية الموجهة للرياضيين، وهو ما يستدعي الرقابة الصارمة قبل تسويقها ويستوجب اليقظة قبل استهلاك اي دواء حتى ولوكان يتعلق بنزلة برد عابرة.

 

الأموال الطائلة سبب الانحراف

يعتقد محفوظ قرباج رئيس الرابطة الوطنية لكرة القدم، أن الظروف الاجتماعية للاعبين قد تؤدي دورا كبيرا في انحراف بعض اللاعبين بعد دخولهم عالم الشهرة، سواء في الوسط الأسري والوسط الاجتماعي وكذا اجواء الفريق او النادي الرياضي الذي ينشطون فيه “الاموال الوفيرة التي تقترحها النوادي هي من بين اهم اسباب انحراف وانحلال الرياضيين.. نتمنى ان يتمكن اللاعبون من تقدير ما يجنونه وصرفه فيما يجب عوض.. المخدرات واللهو والسهرات..”.

 

الصرامة هل تجدي؟

وفي ذات السياق، أكد محفوظ قرباج ان تشديد الرقابة هذا الموسم بمضاعفة العقوبات عجل بسقوط نجمين كان يمكن أن يسطعا في سماء الكرة الجزائرية، مشيرا إلى أن استفحال الآفة وسط اللعبين استدعى مضاعفة العقوبات، مؤكدا انه و”من اجل الحفاظ على سلامة كرة القدم سنقصي نصف عدد اللاعبين في النوادي ان استدعى الامر لأننا عازمون على القضاء على الظاهرة” .

العنف يجتاح الملاعب

أضحى العنف علامة مسجلة في الملاعب الجزائرية، رغم دخول المستديرة عالم “الاحتراف” إلا أن الأمر لم يتوقف بل تفاقم، حيث تسببت أعمال العنف التي شهدتها مختلف الملاعب الجزائرية خلال الموسم الرياضي 2013-2014 في اصابة 673 شخص، حسب إحصائيات الأمن الوطني.

وتشير ذات الاحصائيات إلى أن أعمال الشغب التي عرفتها منافسات 148 مباراة كرة القدم، أسفرت عن اصابة 673 شخص 424 منهم من عناصر الشرطة و56 لاعبا و22 حكما، الى جانب تحطيم 155 مركبة 96 منها تابعة لمديرية الأمن الوطني.

وعلى اثر هذه الأحداث قامت مصالح الأمن الوطني بتوقيف 319 شخص 50 منهم قصر، ما يعني بلغة الأرقام ارتفاع حصيلة ضحايا العنف في الملاعب مقارنة بالموسم الرياضي 2012 -2013 بـ216 شخص مصاب الى جانب ارتفاع الخسائر المادية.

 

مقتل “إيبوسي” النقطة السوداء

سنة 2014 نكتت فيها نكتة سوداء، وذلك بمقتل مهاجم شبيبة القبائل الكاميروني ألبار إيبوسي، متأثرا بإصابته بمقذوف ألقته الجماهير الغاضبة بعد هزيمة فريقه على أرضه أمام اتحاد الجزائر في دوري الدرجة الأولى الجزائري لكرة القدم. هداف الدوري الجزائري لذلك الموسم، أصيب في رأسه أثناء رشق جماهير شبيبة القبائل للاعبين بالحجارة والألعاب النارية أثناء مغادرتهم الملعب بعد المباراة.

بعد هذه الحادثة المؤلمة ارتفعت العديد من الأصوات داخل المجتمع الجزائري تطالب بوقف الدوري، أو على الأقل تنظيم ما تبقى من الموسم على شكل مباريات من دون جمهور، غير أن الرابطة لم تعر هذه الأصوات الاعتبار ليبقى مسلسل العنف متواصلا.

البطالة سبب ارتفاع معدلات العنف

وحول الأسباب التي أدت إلى استفحال هذه الظاهرة في الملاعب الجزائرية، أرجع مختلف المتدخلين والفاعلين في عالم الكرة، من مختصين في المجال وأساتذة جامعيين إلى عدة عوامل، أبرزها العوامل الاجتماعية خاصة البطالة، مما يؤدي بالشباب الى التنفيس عن غضبهم بالملعب، الى جانب نقص الوازع الديني وزيادة الجماهير في الملاعب بشكل يصعب التحكم فيها.

كما تعد أخطاء بعض الحكام والتصريحات الاستفزازية لبعض الفاعلين في كرة القدم، على غرار اللاعبين ورؤساء النوادي والمدربين من أكثر العوامل المسببة لظاهرة العنف في الملاعب، بالإضافة الى غياب شروط راحة الأنصار بالمدرجات بسبب نقص تماشي المنشآت الرياضية مع المعايير العالمية.

 

التركيز على المنتخب الأول أفشل الاحتراف

ومن جهة أخرى، يرى محمد تامرت الإعلامي بقناة “البلاد”، أن مشروع الاحتراف الذي أطلقته الاتحادية الجزائرية لكرة القدم قبل ستة سنوات “فاشل بأتم معنى الكلمة”، وهو مشروع كان يرجا منه أن يخرج كرة القدم الجزائرية من مغبة التخلف إلى نور الاحتراف، إلا أن هيكلة المشروع والنظم العملية التي بني عليه كانت “عشوائية ولم تستند إلى أي أسس علمية قائمة على دراسة واقعية”.

فمنذ سنة 2010 لم يتغير شيء على الكرة المحلية –حسب تامرت- بالرغم من تمكن وفاق سطيف من إعادة الكرة الجزائية إلى منصات التتويج الإفريقية. معتبرا أن بداية إخفاق الاحتراف كان بعدم تحمل الأندية لكامل الأعباء بالرغم من فتح رؤوس أموالها أمام المستثمرين، على غرار ما تقوم به الأندية المحترفة عبر أنحاء العالم، إلا أن الأمور تختلف في الجزائر حسبه.

ويؤكد الإعلامي تامرت أن الأمور تفاقمت، حيث “يوجد ولحد الساعة ظاهرة الكولسة وترتيب المباريات” التي تسيطر على الجولات الأخيرة من البطولة، أين بقيت الاتحادية الجزائرية لكرة القدم مكتوفة الأيدي أمام كل ما يحدث من تلاعبات، لتطفو على سطح السنة الجارية ظاهرة خطيرو ألا وهي تعاطي المنشطات وحتى المخدرات، ليتأكد بذلك –حسب الإعلامي- أن مشروع الاحتراف خرج عن سكته وانحرف لما هو أسوء.

وتساءل محمد تامرت، في حديثة لصحيفة نبض الإمارات “من المسؤول يا ترى؟، هل ذهنية اللاعب والمسؤول الجزائري لا زالت بعيدة عن تحقيق الاحتراف”، ام انم محمد روراوة رئيس الاتحاد، فضل أن يسخر كل الإمكانيات المادية والبشرية من اجل خدمة المنتخب الوطني الذي يعتبر الواجهة الخارجية للكرة الجزائرية في أكبر المحافل الدولية، هو الأمر الذي يعتبره خطأ فادحا وقع فيه المسؤول الأول عن الكرة الجزائرية، حيث كان لزام عليه البدء بحل المشاكل الداخلية من خلال تأطير الأندية ومساعدتها في الولوج إلى عالم الاحتراف من خلال تشجيع سياسة التكوين وصقل المواهب الشابة.

ويؤكد الإعلامي تامرت أنه في كل حال بات على القائمين عن قطاع الرياضة دق ناقوس الخطر وإعادة ضبط إستراتيجية مستعجلة وإنقاذ الكرة الجزائرية، وتوجيهها تحو الاحتراف الحقيقي بدل الانحراف الذي تتوجه إليه.

 

 


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com