أطلق مركز دبي للسلع المتعددة إصداراً خاصاً من سلسلة تقارير القيادة الفكرية “مستقبل التجارة”، مسلطاً الضوء على صناعة المعادن الثمينة والاتجاهات الرئيسية التي تشكل ملامح السوق العالمية لهذه الصناعة، وذلك قبيل انعقاد الدورة السنوية الثانية عشرة من مؤتمر دبي للمعادن الثمينة الذي ينظمه المركز في 19 نوفمبر.
وفي خضم التحولات الكبرى التي تشهدها تجارة الذهب على مستوى العالم، يتوقع التقرير بزوغ ما يمكن تسميته بـ”حقبة التفوق الآسيوي” في تجارة الذهب، لا سيما مع نشوء ممر اقتصادي جديد لتجارة الذهب يربط بين دول مجموعة البريكس، بما فيها دولة الإمارات، ويشكل بديلاً عن مراكز التجارة التقليدية.
بينما توقعت نتائج مركز دبي للسلع المتعددة أن ترسخ دولة الإمارات مكانتها لتصبح واحدة من أبرز مراكز تجارة الذهب عالمياً خلال السنوات المقبلة، جاء هذا التوقع مدعوماً بتفوق الإمارات على المملكة المتحدة خلال العام 2023، إذ أصبحت ثاني أكبر مركز لتجارة الذهب في العالم بقيمة تجاوزت 129 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 36% على أساس سنوي.
وقال أحمد بن سليّم، الرئيس التنفيذي الأول والمدير التنفيذي لمركز دبي للسلع المتعددة في تعليقه حول إصدار التقرير: “شهد سوق الذهب العالمي تحولات غير مسبوقة خلال الأعوام الأخيرة بسبب التحولات الغربية التي دفعت البنوك المركزية إلى شراء المعدن الثمين مسجلةً عمليات شراء قياسية، والعديد من الدول إلى إعادة النظر في اعتمادها على الدولار الأمريكي. ونشهد اليوم نشوء ممر جديد لتجارة الذهب في آسيا مركزه إمارة دبي، مدعوم بترسيخ دولة الإمارات لمكانتها كثاني أكبر مركز لتجارة الذهب في العالم العام الماضي. ويسلط هذا الإصدار الخاص من تقرير ’مستقبل التجارة‘ الضوء على الدور المركزي لإمارة دبي في رسم ملامح مشهد التجارة العالمي، وسنواصل جهودنا لترسيخ مكانتها كمركز عالمي رائد للمعادن الثمينة، مع استقطاب كبار الأطراف الفاعلة في سوق المعادن الثمينة إلى دبي، وتمكين الشركات الأعضاء في المركز من استكشاف فرص نمو جديدة”.
ومن جانبها، قالت فريال أحمدي، الرئيس التنفيذي للعمليات في مركز دبي للسلع المتعددة: “يُشكل أحدث تقاريرنا حول مستقبل تجارة المعادن الثمينة مرجعاً قيّماً لجميع أصحاب المصلحة في الصناعة، حيث يمثل أساساً لانعقاد الدورة السنوية الثانية عشرة من مؤتمر دبي للمعادن الثمينة. يؤكد التقرير أن هذه الفترة تجمع بين فرص واعدة وتحديات كبيرة، ومع سعي صناعة الذهب لترسيخ مكانتها في مشهد عالمي سريع التغير، نتطلع إلى العمل جنباً إلى جنب مع أعضائنا وشركائنا لمواصلة بناء منظومة رائدة عالمياً لتجارة المعادن الثمينة انطلاقاً من دبي”.
ويقدم التقرير، الذي يحمل عنوان “التجارة والتكنولوجيا والأسواق وتحولاتها”، رؤى رئيسية حول الوضع الراهن لأسواق الذهب والفضة العالمية، مسلطاً الضوء على التحديات الجيوسياسية، بما فيها العقوبات المفروضة على روسيا، وتأثيراتها التي هزت أركان الاقتصاد المالي العالمي، مما دفع بالدول في جميع أنحاء العالم إلى إعادة النظر في اعتمادها على الدولار الأمريكي وتعزيز مخزونها من الذهب. ودفعت هذه التحديات البنوك المركزية حول العالم إلى تكثيف عمليات شراء الذهب وإعادة نقل السبائك المخزنة في الولايات المتحدة بهدف تنويع استثماراتها بعيداً عن الدولار، بل إن بعض البنوك بدأ في استخدام الذهب كبديل للدولار في المعاملات التجارية. وبينما تؤدي هذه التحولات إلى ارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية، فإنها تؤثر أيضاً في جوانب أخرى من الاقتصاد العالمي.
في ظل هذه التحديات، تبرز دولة الإمارات كمركز رئيسي في السوق العالمية للمعادن الثمينة مستفيدةً من موقعها الاستراتيجي وإطارها التنظيمي المتين وبنيتها التحتية المتطورة التي تمكنها ربط الشرق بالغرب وإعادة صياغة مشهد تجارة الذهب على مستوى العالم. ويؤكد التقرير أيضاً على الدور المتنامي للحلول التقنية المبتكرة في سوق المعادن الثمينة، حيث تلعب التكنولوجيا دوراً أساسياً في إعادة تشكيل أساليب استخراج الذهب وتداوله واستثماره، بدايةً من حلول الاستكشاف والتعدين الذاتي المدعومة بالذكاء الاصطناعي، إلى أنظمة التتبع القائمة على تقنية البلوك تشين، وصولاً إلى حلول ومنتجات الاستثمار الرقمي في الذهب.
ويقدم تقرير “مستقبل التجارة” مجموعة من التوصيات المهمة للحكومات والشركات، والتي تهدف إلى تسريع وتيرة تطور الصناعة ووضع أسس المرحلة المقبلة من نموها وازدهارها:
•
تعزيز الشفافية والأطر التنظيمية: يتعين على الحكومات والأسواق المالية وشركات تكرير الذهب تعزيز إجراءات تحديد منشأ الذهب وترسيخ معايير الشفافية، وأن تعتمد نموذج الإمارات العربية المتحدة في نقل مهام الرقابة إلى الهيئات الحكومية كمعيار للتنظيم والمساءلة الأكثر صرامةً.
•تسهيل تحرر التجارة: خفض التعريفات الجمركية وإزالة القيود الجمركية لمنع تهريب الذهب وتعزيز السيولة وتحسين دقة الأسعار. إذ يُساهم التوسع في الاتفاقيات التجارية، مثل اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات والهند، إلى جانب تعزيز الاتفاقيات الثنائية، في تسهيل تجارة الذهب وتعزيز الشفافية.
•التشجيع على تنظيم التعدين الحرفي والضيق النطاق للذهب (ASGM): بدلاً من حظر التعدين الحرفي والضيق النطاق للذهب، ينبغي توفير تمويل مستهدف وبرامج تدريبية وإتاحة الوصول إلى الأسواق الرسمية بهدف تحسين معايير السلامة وحماية البيئية وتعزيز التنمية الاقتصادية، مع تقليل ظاهرة التهريب.
•الاستثمار في حلول الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا: ينبغي لشركات التعدين الاستثمار في حول الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة لخفض التكاليف وتحسين الإنتاج وتعزيز معايير المبادرات البيئية والاجتماعية والحوكمة. كما يُمكن لاعتماد الحلول التقنية أن يساعد عمال المناجم الحرفيين على الاستغناء عن استخدام الزئبق.
•تعزيز الابتكار الرقمي ووصول الأسواق الناشئة: ينبغي لشركات الاستثمار وشركات التكنولوجيا المالية تطوير حلول رقمية تتيح للمستثمرين الشباب وصغار المستثمرين في الأسواق الناشئة فرص الوصول إلى حلول تداول الذهب وتعزيز مشاركتهم في السوق.
•إرساء معايير عالمية للحلول الرقمية وتقنيات البلوك تشين: ينبغي للأطراف الفاعلة في الصناعة العمل معاً لتطوير معايير دولية لمنتجات الذهب الرقمية وحلول البلوك تشين، بهدف تعزيز الشفافية، وإزالة التباينات في التسعير، وتقليل الاعتماد على المشتقات المالية.
يمهد إصدار التقرير الطريق لانعقاد مؤتمر دبي للمعادن الثمينة المرتقب، الذي يعد من أبرز الفعاليات في عالم صناعة الذهب والمعادن الثمينة، حيث سيجتمع تحت سقف واحد نخبة من قادة الأعمال، وممثلي الحكومات، وخبراء الصناعة، وأصحاب المصلحة الرئيسيين لتبادل الرؤى ومناقشة آفاق مستقبل سوق المعادن الثمينة.
ويأتي هذا الإصدار الخاص من تقرير “مستقبل التجارة” الصادر عن مركز دبي للسلع المتعددة استكمالاً لإصدار خاص آخر حول الماس والأحجار الكريمة تم نشره في سبتمبر، وكلا الإصدارين يستندان إلى الرؤى المتعمقة للتقرير الشامل الرائد الذي يصدره المركز كل عامين، والذي أُطلق في مايو، مسلطاً الضوء على المحركات الرئيسية التي ستعيد تشكيل ملامح التجارة العالمية خلال العقد القادم. وبالمجمل، تم تنزيل سلسلة تقارير “مستقبل التجارة” لعام 2024 ومشاهدتها أكثر من 1.9 مليون مرة.