بقلم: أحمد محمد الشحي
تنتهج دولة الإمارات نهجاً رائداً مستداماً في دعم الأشقاء، والوقوف معهم في مختلف الظروف والمواقف، بما يشمل كافة وجوه الدعم والمساندة، السياسية والاقتصادية والتنموية والإنسانية وغيرها، إيماناً منها بمبادئ الإخاء والتعاون والتكافل والتضامن، والتي تمثل ركيزة أساسية في استراتيجيتها الوطنية، منذ أن بزغ فجر اتحادها الساطع.
إن مواقف دولة الإمارات في دعم أشقائها بارزة ومشهودة، لا يكفي مقال أو صحيفة لاستقصائها، وقوافل الخير وجسوره الممدودة، التي تنطلق من أرضها براً وبحراً وجواً، لمساعدة الأشقاء لا تتوقف، بل هي متواصلة، فلا تمضي قافلة حتى تتبعها قافلة بعد حين.
ومن المواقف المشهودة لدولة الإمارات، والتي لا تزال مستمرة ومتواصلة مساندتها لأهل غزة في محنتهم، التي يتعرضون لها، بسبب الحرب المستعرة، التي لا تريد أن تتوقف إلى الآن، ورحاها الدائرة كل يوم تطحن الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ وغيرهم، فقد هبت دولة الإمارات بتوجيهات سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لمساعدتهم، وأطلقت عملية «الفارس الشهم 3»، التي تديرها قيادة العمليات المشتركة في وزارة الدفاع، بالتعاون والتنسيق مع مختلف المؤسسات والهيئات الإنسانية والخيرية في الدولة، والتي أثمرت عن إطلاق أكثر من 120 طائرة إغاثية، حملت آلاف الأطنان من المستلزمات والاحتياجات الإنسانية، كما استقبل المستشفى الميداني في غزة مئات الحالات، ولا يزال الجسر الإماراتي ممدوداً ومستمراً في تقديم المساعدات الغذائية والطبية وغيرها، لمساندة الأشقاء المتضررين في قطاع غزة.
كما عملت دولة الإمارات في خط آخر عبر جهودها الدبلوماسية، وتكثيف اتصالاتها وتواصلها المستمر مع المجتمع الدولي لإيقاف هذه الحرب وحماية المدنيين في قطاع غزة، وتسهيل إيصال المساعدات إليهم، وقدمت أكثر من مشروع قرار إلى مجلس الأمن يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة استجابة للوضع الكارثي المتفاقم، وعلى الرغم من استخدام بعض الدول الكبرى حق النقض «فيتو» ضد هذا القرار، فإن دولة الإمارات لم تتوقف، بل تحلت بكل عزم وتصميم لإحداث اختراق في مجلس الأمن، بما يسهم في دعم الأشقاء، وإيقاف نزيفهم الدامي، وقادت زيارة لأعضاء مجلس الأمن إلى معبر رفح، ليطلعوا بشكل مباشر على الوضع الإنساني المتردي لأهل غزة، ويقفوا عياناً على التحديات، التي تواجه الأعمال الإنسانية والإغاثية هناك، فيبصروا الأمور بعين الواقع والحقيقة، ولم تزل دولة الإمارات تعمل على هذا الخط حتى نجحت في إحداث اختراق تاريخي باعتماد مجلس الأمن للقرار 2720، الذي قدمته الإمارات، والذي يطالب باتخاذ خطوات ملموسة لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وتعيين كبير لمنسقي الشؤون الإنسانية وشؤون إعادة الإعمار، واتخاذ خطوات عاجلة للسماح بدخول المساعدات الإنسانية فوراً، وبأمان ودون عوائق، وعلى نطاق واسع، ووقف الأعمال العدائية في قطاع غزة بشكل مستدام.
إن ذلك كله يعكس الجهود الحثيثة لدولة الإمارات على كافة المستويات لدعم أشقائها، والقيام بمسؤولياتها التضامنية تجاههم بكل عزم ومثابرة وتصميم، وعدم الاستسلام لأي تحد أو عوائق تواجه ذلك مهما كبرت، في وسط مجتمع دولي معقد جداً، تنحرف فيه البوصلة أحياناً عن مسارها لأغراض خاصة، ومصالح ذاتية تغذيها قوى خشنة وناعمة تنافح عن طرف بعينه، مهما كان حجم الفاتورة البشرية المدفوعة، مما يجعل العبء على الدول العاقلة أكبر في استخدام كافة الوسائل الممكنة للتأثير الفعال، وإحداث اختراقات جوهرية في هكذا العالم المتشابك.
ولم يقف دعم الإمارات لأشقائها على المستوى الخارجي فقط، بل شمل ذلك- كذلك- المستوى الداخلي، فقد وجه رئيس الدولة بإعفاء حملة الجوازات والوثائق الفلسطينية من أي رسوم مالية يفرضها قانون دخول الأجانب وإقامتهم على معاملات استصدار أذون الدخول والعمل والإقامة، ومنح مهلة للزائرين والمقيمين الفلسطينيين، الذين لم يتمكنوا من مغادرة الدولة، بسبب الحرب حتى تستقر الأوضاع، في خطوة إنسانية ليست غريبة على دولة الإمارات، التي لطالما دعمت أشقاءها، وساندتهم بكل ما تستطيع، وخاصة في أوقات الحروب والأزمات والشدائد، وقد قيل: «عند الشدائد تعرف معادن الرجال».
إن دعم الأشقاء ومساندتهم قيمة إماراتية حضارية، ومبدأ جوهري متأصل، غرسه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وسارت عليه القيادة الحكيمة، لتكون دولة الإمارات عنواناً للتعاون والتضامن والتكافل.