بدا محلل في الاستخبارات الأميركية واثقاً بشأن ما سيحدث في سوريا. وقال إن: «الأسد يستخدم آخر ورقة رئيسة لديه للإبقاء على نظامه في السلطة». وهو يعتقد أن حكومة الأسد ستصعد جهودها كي تثبت لأعدائها، أنه «تم التلاعب بهم من خلال أطراف خارجية».
النتيجة المحتملة، هي انقسام في النخبة الحاكمة السورية، تفضي إلى خروج الأسد من السلطة، على الرغم من أنه يقر بأنه ليس هناك من بديل واضح له.
المنطق الخاص بتحليل وكالة الاستخبارات، بعنوان: «سوريا: آفاق الأسد» معقول ومقنع، على الرغم من أنه يبالغ في الثقة بأن أيام الأسد باتت معدودة.
مستوى الثقة المفرط تبرزه نظرة إلى تاريخ الوثيقة، وهو السابع عشر من مارس عام 1980، أو قبل خمسة وثلاثين عاماً، والرئيس الأسد الذي تتنبأ الوثيقة بتاريخ سقوطه الوشيك على هذا النحو، ليس بشار الأسد، وإنما والده حافظ الأسد، الذي توفي عام 2000. وكشفت وكالة الاستخبارات الأميركية، النقاب عن هذا التحليل، بموجب قانون حرية المعلومات في 2013.
ورقة الاستخبارات الأميركية مادة قراءة مثيرة للاهتمام. ليس لأنها تشير إلى كم مشكلات الأزمة الحالية التي كانت موجودة خلال العقود الماضية، ولكن لأنها لم تأت مجتمعة في شكل المزيج الذي أدى إلى إنتاج الحرب الرهيبة الحالية.
وفي عام 1980، افترض الكاتب أن الحياة السياسية السورية تدور إلى حد كبير حول الخلافات الطائفية بين طائفة العلويين، التي ينتمي إليها بشار الأسد والحكام السوريون عموماً، والغالبية العربية السنية. التحليل مكتوب بلهجة متحمسة، ويتنبأ بأن الانقسام بين الطائفتين قد يسقط الأسد.
وأرادت وكالة الاستخبارات الأميركية بالتأكيد سقوط الرئيس الأسد، وكانت لديها بعض الأفكار عن كيفية تحقيق ذلك. وجاء في التقرير: «انضباط الجيش قد يسقط بالتأكيد في وجه أعمال الشغب القائمة»، و«هذا يمكن أن يقود إلى حرب دموية بين السنة ووحدات العلويين. وقد يختار العلويون إسقاط الأسد قبل حدوث مثل هذه الاضطرابات، من أجل الاحتفاظ بمكانتهم».
وكان من الممكن لمثل هذه الجملة الأخيرة، أن تكتب في أي وقت منذ عام 2011، كملخص لما كانت الولايات المتحدة ترغب بحدوثه في سوريا: فهي لطالما أرادت التخلص من الأسد، إلا أنها لم تعتزم تدمير أو إضعاف الدولة السورية، وبالتالي، فتح الباب أمام تنظيمي «داعش» والقاعدة.
حتى الدول العظمى تتعلم من التاريخ أحياناً. وبالتالي، فإن الولايات المتحدة والحلفاء الغربيين اليوم، يأملون بتجنب التفكك الكارثي لمؤسسات دولة العراق، الذي حدث عام 2003، عقب الإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين.
وعلى نحو مأساوي، فإن المحلل السياسي، الذي لم يذكر اسمه، حصل على الحرب الطائفية التي تأمل التوصل إليها. إلا أن الأسد لا يزال هناك، وأصاب السوريين أسوأ ما يمكن أن يحصل في العالم.
السياسيون الأجانب اليوم، أكثر شكاً حيال ما تعلمه وكالات الاستخبارات اليوم. وقبل بدء حرب العراق عام 2003، أخبر الرئيس الفرنسي جاك شيراك، الزوار بأنه لا يعتقد أن الرئيس العراقي صدام حسين يمتلك أي نوع من أسلحة الدمار الشامل.
في أوائل عام 2014، أخطأ الرئيس الأميركي باراك أوباما، في تقدير تنظيم «داعش»، الذي بدأ بالتقدم بشكل ملموس، قائلاً إنه مثل فريق كرة السلة الصغير، الذي يريد اللعب في البطولات الكبرى. وعقب مرور وقت قصير، استولى التنظيم على معظم مناطق شمالي العراق وشرقي سوريا.
وعرضت الأسباب التي أدت إلى حدوث مثل هذه الأخطاء في العام الحالي، عندما وقعت 50 جــهة تعمل في وكالة الاستخبارات الأميركية، رسالة مشتركة للاعتراض. وقالوا إن الاكتشافات الاستخباراتية بشأن أن تنظيم «داعش»، أصبح أقوى وليس أضعف، بحسب ما ادعى البيت الأبيض، جرى تغييرها أو التلاعب بها من قبل الرؤساء.
أصبحت مصالح القوى الجادة، مثل روسيا وتركيا، الأساسية مستقطبة بالعداوات المحلية الغامضة، مثل تلك الموجودة بين كل من الأكراد، الذين تؤيدهم روسيا، والتركمان الذين تؤيدهم تركيا، المتمركزين على الأراضي التي تشقها طرق إمدادات حلب.
الصراع العراقي السوري، أصبح صراع القرن الحادي والعشرين، على شاكلة صراع البلقان في القرن العشرين. وبالنسبة إلى العنف المتفجر على مقياس دولي، فإن عام 2016، قد يكون مثل عام 1914.