أطفال ضائعين نبحث عن نهاية لصراعات داخلية
تبعثر أرواحنا وتحولها لأشلاء بين مانطمح له وما نرفضه بشدة ونتعايش تابعين لذلك الصراع المرهق الشاق ليلا نهارا في دائرة مغلقة ودائما نتسائل لماذا وكيف وأين الخلاص؟
وهناك بعض من لم يكلفون أنفسهم حتي مشقة السؤال وأكتفو بحالة من اللامبالاة ..!
هل تعلم أن هناك من يتربع علي عرش أحداث حياتك اليومية، سواء كانت مثيرات أو انفعالات داخلية وخارجية تظهر علي السطح لمن حولك عن طريق الأخذ والعطاء في العمل والمنزل ومع الأصدقاء؟
هو الغائب الحاضر الذي يتلصص ويفرض نفسه علي تفاصيل حياتك ويقودك دون أن تشعر !!
طفل عمره خمسة سنوات وقد يكون جنين يحاصره جدار رحم أمه كما أثبتت العديد من الدراسات البحثية في الطب النفسي.. طفلك الداخلي الذي لا يزال معك و يعرفك اكثر منك، لأنه بداخلك ولكنك أقمعته، واخترت له أن يعيش في الظلام مكبل خلف الكواليس في برمجة عقلية وأفكار وقناعات، تمكنت منك وأصبحت تقودك لا إراديا لصراع داخلي لا نهاية له، سواء كانت مشاعر الخوف من الفشل أوالترك أوالرفض والمعاناة أوصدمات العنف والكبت النفسي وقمع المشاعر والشعور بالدونية واللامسؤلية وعدم القدرة علي المواجهة وقد يكون التدليل المفرط الخ…).
هي بذرة تم زراعتها بداخلك من خلال البيئة التي ولدت فيها وفرضت عليك لتحصدها ، فتجد نفسك واقفا في مكانك محلك سر، ليكون أختيارك الوحيد هو أن تلقي علي العالم مسؤلية سعادتك أو حزنك مع كل نهوض أو سقوط وخذلان، وتجاهد طوال الوقت لتري نفسك جميلا في عيون الأخرين باحثا عن نفسك الضائعة..
هذا الطفل الداخلي حضر إلي الدنيا وقد فطر برعاية الخالق علي الحب غير المشروط والتلقائية والنقاء ولكن حتميا كتب له أن يمر علي الكثير من المنحدرات الفكرية والصدمات الحياتية الموروثة، وبالطبع هناك بعض التجارب الإيجابية، ولكن كل ما يؤثر علي تقدمك اليوم. هو سلبيات هذه التجارب التي عشتها في تلك الفترة العمرية الحرجة وتركت رواسبها في أعماقك، وتواصلك مع هذا الجانب الخفي خلف كواليس النفس هو بداية حل اللغز في ما يعترض طموحاتك وتقدمك للأمام، والتعرف علي نفسك الحقيقية، وليس التواصل فقط فحسب وإنما وضع النية للتشافي الذاتي، بعد المواجهة الحاسمة لتلك البرمجة السلبية لذاتك الطفلة.
الصراع النفسي
صراعاتنا النفسية الداخلية هي أساس البقاء والتقدم علي مر العصور، ولكن إن لم نشغل تلك النفس بالحق شغلتنا بالباطل، وكثيرا ما لعبنا دور الضحية في طفولتنا وتربينا في وعي الصواب والخطأ بوضع حدود لإمكانيتنا وصبغنا جلودنا بألوان الإنتماءات وأفتقرنا للنضج العاطفي، ولكن أنت الأن لست مجبور علي العيش بوعيك الطفولي. وآن الأوان لمخاض طفلك الداخلي ولادة جديدة لذاتك، وحان وقت نضجك العاطفي، وحان وقت مواجهة مواقف الطفولة، وكل ما جعلك سجين تلك الفترة، وأعلم أن التغيير قرار وتحمل المسؤلية خيار لتتحرر من هذا القمع، وتضئ عتمة روحك وصحتك النفسية تدريجيا لرفع حالة الوعي الداخلي بقيمتك الحقيقية، وليس ما تم زراعته بداخلك بفعل فاعل.
واجه نفسك.
في حالة المواجهة البناءة بين النفس
( والذات الطفلة ) لإيجاد أسباب التخبط الداخلي نكون قد وضعنا أيدينا علي مصدر الألم أو الصراع وبالتالي مواطن القوة والضعف بداخلنا مع شرط التقبل وتحويل ذلك الحوار الداخلي بمصداقية لحوار جاد مع النفس، يهدف للتحرر من المشتتات العقلية وكل المشاعر السلبية المكبوتة والمدخلات المعرقلة لإزدهار النفس، فهناك من يفقد تقديره لذاته وقدرته علي تحمل المسؤلية وتصبح نفسه هي عدوه الذي يهرب منه وقد يعتزل المجتمع خوفا من المواجهة .
التواصل
فالتواصل الهادئ مع هذا الطفل الداخلي والإستماع له وقبوله كزائر تقدم له كرم الضيافة بإكتساب مهارة التحليل للأحداث والرجوع بالذاكرة للخلف وإستحضار تلك التجارب المزعجة عن طريق الكتابة ولو أن الكثير منا يهاب تلك الفكرة ولكنها هي الأقوي بغرض التفريغ لكل المشاعر والأفكار المكبوتة في أعماقك وذلك ما يعرف
( بشخصنة النفس أوالنواقص) مثل مشاعر الإنتقام التي يصاحبك ضجيجها فما عليك إلا أن تسأل نفسك إذا كان لديك الكافي من الطاقة والجهد لأن تنتقم وتكون منجز في نفس الوقت؟
بالطبع لا …كلها منغصات تعرقلك عن مسيرتك وأنتاجية حياتك بأكملها تحتاج منك التحلي بالشجاعة الكافية للمواجهة والتخلي عن الحيل الدفاعية الكاذبة لتتواصل مع نفسك وتحرر روحك من كل ما يحجب عنها النور.
تربية النفس.
يفيد هذا التدقيق والتعمق الذاتي بمصاحبة النفس ورؤية صغراتها وترويضها في إتخاذ القرارات الحياتية الصائبة لتنجو بها. ..فإن رضائك عن نفسك وحبها وتقديرها ينبع من داخلك بتقبل أي عبء داخلي أو أي تفكير زائد عن حده عن طريق رفع وعي مدخلات عقلك وإلقاء التافه منها في سلة المهملات لتحرير كل الكبت السلبي وتعويضه باستدعاء كل ما هو إيجابي لحياتك والنهوض بكامل إرادتك لإدارة صدي صوت النفس بسلام.
كن أنت المخرج الذي يشاهد كل الأحداث والمنتج الذي يرتبها ليخرج صورة جديدة ومختلفة كليا بكامل إراداتك، فأنت لا تحتاج لأسباب منطقية لتشعر بالإحترام ولا تلم الأخرين علي مشاعرك إتجاه ذاتك هم فقط يعكسون لك صورتك عن نفسك وذلك هو إستحقاقك.
طفلك الداخلي يحتاج للحب والرعاية والقبول والتوجيه وأولي أحد الأساسيات التي يجب أن تعمل عليها هو تقديم تلك الإحتياجات لنفسك دون الإنتظار للدعم الخارجي..أغدق طفلك الداخلي بالحب وذاتك بالتقدير وأترك دور الضحية.
وهنا تكون قد وضعت حجر الأساس لتسعد برؤية المشهد بوضوح وما خلف الكواليس.