|  آخر تحديث يونيو 17, 2019 , 13:21 م

#محمد_بن_راشد #علمتني_الحياة : الإدارة الكفؤة تصنع أمة #عربية عظيمة


#محمد_بن_راشد #علمتني_الحياة : الإدارة الكفؤة تصنع أمة #عربية عظيمة



أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، أن المنطقة العربية تملك موارد عظيمة، وتضم كفاءات عظيمة، لكننا نفتقد مَن يدير الموارد والكفاءات لصناعة أمة عظيمة.

وقال سموه في تدوينات في حسابه بـ «تويتر» عبر وسم #علمتني_الحياة: «لا توجد أزمة طاقة.. ولا أزمة تعليم.. ولا أزمة صحة في منطقتنا العربية، لدينا أزمة إدارة… نحن أمة تملك موارد عظيمة.. وتضم كفاءات عظيمة… ولكننا نفتقد من يدير الموارد والكفاءات لصناعة أمة عظيمة».

وعوّدنا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، كل صيف، على التأمل وقراءة دروس المسيرة في مجالاتها المتنوعة؛ وذلك في موعد مقصود، سبق أن أشار إليه سموه في واحدة من تغريدات الصيف تحت وسم «#علمتني_الحياة»، في 2017، حينما كتب قائلاً: «الأخوة والأخوات، كما تعودنا كل صيف سأكتب بين حين وآخر عن بعض ما تعلمنا من مسيرتنا في القيادة والإدارة لننقل تجربتنا لأجيالنا».

وبالأمس، دوّن سموه تحت هذا الوسم نفسه قائلاً: «لا توجد أزمة طاقة.. ولا أزمة تعليم.. ولا أزمة صحة في منطقتنا العربية، لدينا أزمة إدارة.. نحن أمة تملك موارد عظيمة.. وتضم كفاءات عظيمة.. ولكننا نفتقد من يدير الموارد والكفاءات لصناعة أمة عظيمة».

من شأن هذه الكلمات أن تثير العجب في الوهلة الأولى. ويمكنها أن تثير ما هو أكثر من ذلك لدى الغارقين في «أزمات» العالم العربي، وينشغلون بالبحث عن أسبابها في القطاعات المختلفة. لا سيما أولئك الذين لا تحضرهم تجربة سموه في الحكم والقيادة، ولا اطلاع لديهم على رؤيته، التي ما فتئ يؤكدها كل حين، مرة بالقول، وثانية بالعمل والفعل.

 

 

 

في واقع الأمر، فإن من يتأمل هذه الكلمات، للحظة، لن يتوه عن صلتها الوثيقة بالواقع؛ فالعالم العربي لا تنقصه الموارد والمقومات، إذ هناك في كل بلد من البلدان العربية دولة وحكومة ومؤسسات وأجهزة بيروقراطية كاملة، تديرها. وهناك جيوش وأجهزة أمن تحفظ الأمن والاستقرار.

وكفاءات وقوى عاملة من مختلف المستويات والتخصصات. وموارد وثروات طبيعية. أما تلك البلدان منها، التي لا تتوافر على الثروات والموارد، ففي سجلها مديونية ضخمة، حريّ بها لو استثمرت على نحو صحيح ومنتج أن تقطع الطريق على أي أزمة، وكفيلة بتمويل نهضة وعمران وازدهار.

وبالأصل، ما كانت ندرة الموارد أو الثروات الطبيعية، وحدها، لتتسبب بأزمة، ناهيك عن أزمات مثل التي يعيشها العالم العربي؛ فقد سبق أن أشار سموه إلى ذلك في واحدة من تدويناته التي جاءت تحت نفس الوسم، مؤكداً أن ما يعانيه العالم العربي هو أزمة إدارة وليست أزمة موارد، قائلاً حينها: «انظر للصين واليابان لا يملكان موارد طبيعية أين وصلوا.. وانظر لدول تملك النفط والغاز والماء والبشر، ولا تملك مصيرها التنموي.. ولا تملك حتى توفير خدمات أساسية كالطرق والكهرباء لشعوبها».

إذاً، مشكلات الطاقة في العالم العربي ليس سببها نقص الطاقة، وأزمة التعليم والصحة وغيرها ليست في هذه القطاعات، ولا في الافتقار إلى الموارد والثروات، تماماً مثلما أن العديد من البلدان العربية، التي تشهد اضطرابات وصراعات دامية وانعداماً للأمن والاستقرار، لا تعاني من ذلك لنقص في الجيوش أو أجهزة الأمن.

ثمة، دون شك، سبب آخر، وهو ما يشير إليه سموه، ويقصده.

في الحقيقة، إن كلمات سموه الواردة في تغريدته لا تذهب إلى إنكار الواقع العربي المؤسف، ولكنها تنطلق من أن هذه الأزمات العربية الشاملة هي عرَض جانبي ونتيجة لسبب جوهر؛ هو: غياب الإدارة الكفؤة.

 

 

الاستغراق بالسياسة

 

في واحد من أبرز مظاهر الأزمات العربية هو ذلك الاستغراق المفرط بالسياسة، والانشغال بالخطابة. في وقت يتم الفصل فيه بين السياسة ووظيفتها الأساسية وهي إدارة عمليات التنمية الشاملة. واعتبار السياسة قيمة عُليا، مطلوبة لذاتها. وهو الأمر الذي يتضخم معه حجم السياسي وتزداد أهميته على حساب من يعملون في التنمية ويديرونها، ما يقود في نتيجة تالية إلى إشغال المجتمعات بالسياسة، وصرفه عن التنمية والعمل.

وفي هذا قال سموه في وقت سابق في مجموعة من تغريداته تحت وسم «#علمتني_الحياة»، التي نشرها على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»:

«علمتني الحياة أن الخوض الكثير في السياسة في عالمنا العربي مضيعة للوقت.. ومَفسدة للأخلاق.. ومَهلكة للموارد.. من يريد خلق إنجاز لشعبه فالوطن هو الميدان.. والتاريخ هو الشاهد.. إما إنجازات عظيمة تتحدث عن نفسها أو خطب فارغة لا قيمة لكلماتها ولا صفحاتها».

«لدينا فائض من السياسيين في العالم العربي ولدينا نقص في الإداريين. أزمتنا أزمة إدارة وليست موارد.. انظر للصين واليابان لا يملكان موارد طبيعية أين وصلوا.. وانظر لدول تملك النفط والغاز والماء والبشر، ولا تملك مصيرها التنموي.. ولا تملك حتى توفير خدمات أساسية كالطرق والكهرباء لشعوبها».

«في عالمنا العربي.. السياسي هو من يدير الاقتصاد، ويدير التعليم، ويدير الإعلام، ويدير حتى الرياضة! وظيفة السياسي الحقيقية هي تسهيل حياة الاقتصادي والأكاديمي ورجل الأعمال والإعلامي وغيرهم. وظيفة السياسي تسهيل حياة الشعوب، وحل الأزمات بدلاً من افتعالها.. وبناء المنجزات بدلاً من هدمها».

 

 

وفي مظهر ثانٍ للأزمات العربية يمكن للمرء أن يرصد بسهولة تلك الحالة من الخطابة التي تقود إلى الغرق في الماضي، ومقاومة التغيير والتطور؛ حيث يتم الخلط على نحو فادح بين الاعتزاز بالتاريخ والتراث، والتمترس وراء أمجاد الماضي، بما يعنيه ذلك من نكوص وعزوف عن مواكبة المستجدات. وأسوأ ما يكون ذلك حينما يصبح ثقافة عامة في المجتمع، ومنهجاً تتبناه الحكومات في عملها.

 

 

وفي السياق ذاته، فإن إهمال الإنسان، هو واحدة من المتلازمات العربية، التي تعيشها المجتمعات العربية، وأدت إلى انفجار الاحتقانات في العديد من البلدان العربية، بصورة كارثية. وقد قال سموه مشدداً على أهمية بناء الإنسان في مجموعة من تغريدات وسم «#علمتني_الحياة»:

«علمتني الحياة أن نجاح الدول في بناء الإنسان هو معيار نجاحها، وهو الحَكَم على حكمتها وسداد رؤية حكومتها، وكل شيء يذهب ويبقى الوطن ويبقى الإنسان».

«علمتني الحياة أن الإنجاز لا يرتبط بالسياسة ودهاليزها، ولا بالاستراتيجيات وتشعباتها، ولا بالخطابات الإعلامية ومبالغاتها، وإنما هو في بناء الإنسان».

 

 

 

الانشغال بالعمل

ويشخص سموه في مجموعة أخرى من تغريداته التي نشرها خلال السنوات الماضية تحت هذا الوسم، أعراض الحالة العربية وما فيها من استغراق بالخطابة وانشغال عن العمل، وما يترافق مع ذلك من انصراف عن ثقافة النجاح، فيقول مستحضراً نجاح تجربة دبي، وأسراره المفترض أن تكون وراء ذلك، فيقول:

«يسألني الكثيرون عن سر نجاح دبي والإمارات، أقول لهم ليس هناك أسرار، وليس لدينا معرفة أكثر من غيرنا أو علم لم يسبقنا إليه أحد».

«كل ما فعلناه أننا حولنا معرفتنا إلى أفعال.. وحولنا علمنا إلى عمل.. وأقللنا الكلام وأكثرنا العمل.. حتى أصبح النجاح ثقافة».

 

 

وبطبيعة الحال، فإن الحالة العربية بما فيها من استغراق في السياسة، وانشغال بالخطابة، وغرق في الماضي، ومقاومة للتغيير والتطور، وتوقف عن التعلم، وإهمال الإنسان، وانصراف عن العمل، تنتهي على القبول السلبي بالواقع، وإغلاق نافذة الحلم. وعندها، لا يتبقى أمل ولا عزيمة على النهوض، ومواجهة التحديات.

وفي هذا جاءت مجموعة من تغريدات سموه تشير إلى أهمية الحلم، في تحقيق النهضة الشاملة، مستدلاً على ذلك بتجربة دولة الإمارات العربية المتحدة، وسيرة مؤسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فيقول:

«#علمتني_الحياة أن الهمم على قدر الأحلام.. رأيت زايد يعمل 40 عاماً دون راحة.. كان حلمه بناء شيء من لا شيء.. ولم يجد راحته إلا في تحقيق حلمه».

«#علمتني_الحياة أن من حقنا أن نحلم لدولتنا بأن تكون من أفضل دول العالم. الأحلام العظيمة تحرك الرجال والجبال، وكلما عظمت الإنجازات عظمت الأحلام».

 

 

إن العلة الأساس كما يشخصها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تكمن في الإدارة. ولدى الحديث عن الإدارة فإن الحديث يجري عن معنى أساسي غائب في السياسة العربية، وهو القدرة على توظيف الموارد والطاقات والممكنات الطبيعية. أو ما يمكن توصيفه بذلك النوع السيادي من الإدارة. وبالأصل، فإن هذا حديث عن النهج والقيادة.

وفي أهمية هذا أفضى سموه في تغريدات مماثلة سابقة عن محطات من تجربته في هذا المجال، فقال:

«#علمتني_الحياة أن أهم إنجاز في الحياة هو قدرتك على تغيير حياة الناس.. تيسير حياة الناس.. تطوير حياتهم نحو الأفضل.. خلق فرص ومنافع لهم.. نعم خير الناس أنفعهم للناس.. إذا كان همّك نفسك، فأنت صغير.. وإذا كان همّك غيرك، فأنت أكبر من مجموع الناس.. في القرآن: «إن إبراهيم كان أمة»».

«أصعب مهمة تواجهني هي البحث عن قادة لديهم إنكار للذات والأنا.. ولديهم إيمان بالعمل من أجل الغير.. هم قلة.. لكنهم يصنعون التغيير.. ويحركون الجبال.. لأن همّتهم تكون مختلفة.. ودوافعهم تكون نبيلة.. وإنجازاتهم تعطيهم دافعا للتضحية المستمرة من أجل الوطن.. #علمتني_الحياة».

 

 

في هذه التغريدات، التي جاءت في سياق وسم «#علمتني_الحياة»، وخصص أغلبها للحديث حول واقع العالم العربي، يضع سموه تجربة دولة الإمارات في موقعها كتجربة مثال يُحتذى به، لإحداث التغيير المنشود في العالم العربي، والخروج من «أزمات الإدارة» المستفحلة والمستديمة، فيقول:

«العمل الحكومي هو أكثر عمل تنافسي، ونحن في حكومة الإمارات نعشق التنافس في حركة التنمية، ونؤمن بأن الحكومات هي قاطرة التنمية لكل القطاعات الأخرى».

«عالمنا العربي اليوم بحاجة لثورة في أساليب العمل الإداري، وتغيير في أنماط التفكير التقليدية، ورؤية واضحة لتطوير المنظومة الحكومية».

«تطوير أنظمة الإدارة الحكومية هي أكبر خدمة يمكن أن يقدمها الإنسان لوطنه ولمجتمعه ولأمته، لأن تطويرها يحقق قفزات لكل مجالات الحياة».

«دولة الإمارات هي جزء حيوي من العالم العربي.. ومسؤوليتنا التاريخية تحتم علينا وضع تجربتنا أمام الراغبين بالاستفادة منها».

في الواقع، إن ما حملته وعبّرت عنه تغريدة سموه يوم أمس، هو هاجس يلحّ على تغريدات وسم «#علمتني_الحياة». كما أنها في مضمونها تؤكد رؤية سموه التي عبّر عنها بوضوح في كتابيه «رؤيتي» و«قصتي»، ويمكن الاستدلال على مضمونها كذلك في «وثيقة الخمسين» و«مبادئ دبي الثمانية».


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com