سأكتب بتصرف عن قصة قراتها واعجبتني حيث أنها تحمل بين طياتها الكثير من المعاني والتعبيرات والمساحات التي نبحث عنها هنا وهناك ..
يقول أحدهم : تفاجأت في اختبار مادة ” العلاقات العامة” أعده دكتور كندي يحتوي على سؤال واحد فقط وهو باختصار وبكل بساطة :
ما هو اسم عامل النظافة الذي يعمل في الجامعة لدينا ؟! ..
صعقت من السؤال السهل الممتنع ؟؟؟
حيث أنني دخلت قاعة الإمتحان مملوء بالثقة والطاقة والحماس خاصة بعد أن درست أياماً طويلة وحفظت نظريات في العلاقات العامة ومن كتب مختلفة لأكون جاهزاً للإجابة على عشرة أسئلة سواء متخصصة أو عامة وعلى أصعب النظريات..
ولكن كل ذلك لم يشفع لي أن أجيب على سؤال ” ما هو اسم عامل النظافة”؟!!!! ..
اصبحت أنظر لورقة الإجابة البيضاء تماماً كعقلي في تلك اللحظة ، فقد أصبت بصدمة وذهول تجمدت فيها تقريبا كل حواسي أصبحت كالمشلول للحظات ..
بعدها على الفور استحضرت شريط ذكريات بسيط يحمل ابتسامة عامل النظافة المتواضع الذي كان يمر أمامي عشرات المرات يومياً دون أن يزعجني بطلباته ودون أن أٌكلف نفسي يوما بالحديث معه أو سؤاله عن اسمه حتى أو عن احتياجاته أو أي حوار يجبر بخاطره من باب جبر الخواطر !!..
والنتيجة النهائية أنه لم يجب على السؤال سوى طالب واحد من أصل 26 طالبا !!..
لقد كَشَفَنا الدكتور أمام أنفسنا
وأراد أن يعلمنا درساً هاماً و بارعاً،
علمنا أن لا نهتم فقط بالنظريات،
علمنا أن الشخص الناجح هو الذي يبادر الآخرين ويكسر حاجز الخجل،
علمنا الدرس الأهم الا وهو أن بعض مفاتيح نجاحنا تكون بيد موظفين بسطاء لا نلقي لهم بالاً..
علمنا أن لا يكتفي المسؤول بالجلوس في مكتبه معزولاً عن بقية موظفيه، وأنه لم تعد تنفع أبداً
طريقة إدارة الموظفين بالتكبر
فوحدهم من سيجعلونك تملك أكثر من خنجر أو تخسر حتى خنجرك الوحيد..
بعد الكثير من اليأس والاحساس بالعجز والفشل لحل السؤال الوحيد سلمت ورقة الاختبار خالية وكلي خيبة أمل وخجل من نفسي فقد شعرت أنني عار أمام صفعة السؤال والحياة والعلاقات و توجهت مسرعاً ومبتسماً لعامل النظافة
الذي بادلني الإبتسامة والحوار
وسألته: ما اسمك؟ فأجابني ..
و لكن كانت تلك المعلومة متأخرة جدا !!! ولكن لا بأس لأن هناك مبدأ في الحياة أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي ابدا ..
العلم والدراسة والاختبار ليست مواد صماء تُحفظ وإنما أفعال تترجم إلى أرض الواقع وسلوك يمثل شخصية كل إنسان ، وكثير منا يمر أمام الآخرين دون أن يلقي التحية عليهم متسلحا بعدة أعذار واهية، مع إننا نتمتع بدين إسلامي يقدم لنا الأجر في أبسط معانيه والأجر والثواب، ويعزز شخصياتنا من سلوك يغرس فينا منذ الصغر ففي السلام أجر وثواب وفي الابتسامة صدقة فإلقاء السلام والتحية على الناس ووجوهنا تعتليها الإبتسامة
تزيد الألفة والمودة بيننا ، وتكسر حاجز الصمت والرغبة..
سلم على من تقابل في حياتك فلا تدري من منهم سيكون له نصيب من ابتسامتك وان تكون انت الخير والسعادة و القلب الذي يمنح الأمل للغير..
كما إن التحية تنبع من وازع ثقافي ديني يمد جسور المحبة ويغلفها في نفوسنا ، وقال الرسول الكريم عليه السلام : “لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا،
أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم”..
سلام من الله عليكم يا أهل السلام ..
بقلم: د. تهاني التري