|  آخر تحديث سبتمبر 10, 2017 , 15:07 م

#احمد_النجار | يكتب: المعلمون ومرضى هوس الانتقاد ..!!


#احمد_النجار | يكتب: المعلمون ومرضى هوس الانتقاد ..!!



بين يدي المقال :

إذا أحضر أحدهم كلباً مسعوراً ولم يربطهُ جيداً وقام الكلبُ بعضك , فإن الذي عضك هو الذي أحضره وليس الكلب ..!! ( مقولة إنجليزية )

وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ *** فهي الشهادةُ لي بأني كاملُ .. ( المتنبي )

لن أفتتحَ مقالي بالحديث عن المعلمات والمعلمين وفضلهم وأثرهم العظيم جداً في بناء المجتمع وأنهم في مكانة أعلى وأرقى وأسمى من أن يمسهم انتقاصُ ناقص أو نبح نابح .., وأنهم كالشجرة العظيمة المثمرة التي قد يحلو لصغار التفكير أن يرموها بالحجارة وأن يتطاولوا أكثر فيصنعوا من خشبها الذي منحتهم إياه عصا فأس يحاولون قطعها به ..!!

 

ولكن أقول بدايةً أن كل معلمة و معلم يُشرفني بالاطلاع على مقالي هذا يعلم في قرارة نفسه أنه ليس محتاجاً لمادحٍ أو منافحٍ , فعمله المقدس خير من يمدحه ، وثمراته التي يمدُ بها المجتمع خير من ينافحُ عنه , وحتى ولو كانت بعض الثمار فاسدةً معطوبةً , فهم يعلمون أنهم قد فعلوا كل جهدهم ..!!

سيدتي وتاج رأسي المعلمة سيدي وتاج رأسي المعلم .., سأوجه لكما حديثي القادم في المقام الأول , ثم لكل عاقل راشد منصف متزن ..

أنتما – ياعطر فمي – من علمني أن هناك فرقٌ بين النقد البنّاء الهادف الواعي والذي يُراد منه إتمام البناء وتعديل خط السير وإلقاء الضوء على مواطن الضعف والخلل في عملٍ ما , بطريقةٍ مؤدبة عاقلة واعية مبنية على معلومات وحقائق , وبين الانتقاد الذي يُراد به الهجوم العشوائي وتفريغ مافي النفس من علل وأحقاد .., وأنتما من روى لي قصة الشاعر المسمى بأبي دلامة الذي مارس الهجاء كثيراً , فلما لم يجد من يهجوه قام بهجاء نفسه وأمه وزوجته ..!!!
وهذا ماأريدُ الوصول إليه – سيدتي سيدي – ولتأذنا لي – ياعطر فمي – أن أوضح فكرتي كطالب يطلب منه معلمه – حباً وحناناً ورغبةً في تعليمه – أن يقف أمام زملائه ليشرح لهم درساً يعرفه المعلم ظهراً عن قلب ..!!
سيدتي سيدي , البعض يمرُ بظروفٍ وانتكاساتٍ وتجارب فشل قاسية ولايستطيع التأقلم معها ولاتجاوزها , فيورثه كل هذا خللاً عقلياً وعللاً نفسية معقدة للغاية , وإذا أضفنا إلى كل هذا قصوراً شديداً في التفكير وضحالة في الثقافة واطلاعاً سطحياً ومعرفة قشورية , كل هذا – وللأسف – يختلط بضلالات وأوهام عقلية وجنون عظمة وكَبرٍ وغَطرَسَةٍ , فيُفرزُ – في النهاية – شخصاً غريباً لايستطيع أن يجد تقديراً لذاته إلا عبر الانتقاد ..!!
فيُصابُ بما أُسميه – وهذا مصطلح خاص بي – بهوس الانتقاد ..
أصحاب هذا المرض العضال الخطير المدمر لايستطيعون الحياة إلا بشعور أنهم الأفضل والأكمل والأذكى والأعلم , ولايتم لهم ذلك – كما يظنون – إلا بالانتقاد – وليس النقد – فيهيم في كل وادٍ بحثاً عن الناجحين وأصحاب التجارب المميزة والذين لابد أن يكون لهم أخطاء فهم في النهاية بشر , وكل عمل فيه الجيد والسيء والناس ليسوا ملائكة منزهون عن النقص والعيب , وإن لم يجد فيلتقط بفيهٍ أي أحدٍ أو موضوعٍ فيمارسُ عليه صنوف الانتقاد والتشويه والهمز واللمز وتكييل التهم وكشف الأخطاء الموجودة وتضخيمها وإيجاد مبررات شريرة ونوايا خبيثة خلفها , وجمعها في سلسلة ليقدمها وكأنها مؤامرة كونية أكتشف هو بعبقريته وألمعيته وتميزه وذكائهِ الخارق خيوطها ..!!, وإن لم يجد طفق يخترع الأخطاء وينسبها إليهم ..!!والكارثة أنه لايفقه كثيراً مما يقول , وليس لديه معلومات دقيقة ولا بيانات موثقة وإحصاءات علمية , فقط يسمع ويستنتج ويحلل ويحكم ..!!
ومن المؤلم – أحياناً – أن تجد بعضهم قد جمع مع مرض هوس الانتقاد , حيلةً نفسية وهي الإزاحة Displacement , فتجده يُفرغ احباطاته وفشله والضغوط التي يتعرض لها في الحلقة الأضعف التي يختارها ..!! وحيلة الأسقاط Projection فيسقط كل علله ومافيه على الآخرين , فقد يكون معلماً فاشلاً في يومٍ من الأيام , فيقوم بإسقاط فشله على التعليم ومن فيه ( رمتني بدائها وانسلتِ ) ..!! وكذلك حيلة التبرير Rationalization وهي التي يُبرر فيها لنفسه كل أعماله السيئة وأقواله الحمقاء ويجد لها مخارج عظيمة ومقاصد نبيلة ..!!
وهذا الصنف من البشر يشتعلُ ناراً ، ولابد للنار من وقود , ووقود هذه النار هي ردات فعل من يصب عليهم جام انتقاده ..!!
فكلما كانت ردتهم قوية كلما استعرت ناره أكثر وشعر بالنصر وبأنه على حق وبدأ يجني ثمار حماقاته رضا عن ذاته المختلة البائسة ..!!
والمؤسف أنه يجد ملمعين له من بعض الإعلام الرخيص الذي يقتات على مثل هذه الترهات لأنه – الإعلام الرخيص – عاجزٌ عن تقديم إعلامٍ مهني محترف راقٍ هادفٍ واعٍ ( ففاقد الشيء لايعطيه ) , ويجد من يُصفقُ له ويتبنى فكره دون علمٍ ولافهم ولابصيرة ..!!, وكما يقول الفرنسيون : كل أحمقٍ سيجدُ من هو أحمقُ منه ليُعجبَ بفكره ..!!!
سيدتي المعلمة سيدي المعلم ..
هل لتلميذكما أن يطلب منكما أن تتجاهلا أصحاب هذا المرض , وأن تحملا أقلامكما وكتبكما وتعتليا صهوات خيول العلم والنور والبناء والتغيير الايجابي والعطاء الغير محدود وتدكا بسنابكها معاقل الجهل والظلام وتكملا مسيرتكما نحو الجمال والروعة والتميز وخير هذا البلد العظيم المعطاء , وتحققا رؤية ولاة أمريه المخلصين ، وأنا وثقٌ – ياعطر فمي – أنكما لن تُبصرا – وأنتما فوق القمم – تلكم الجرذان المُصابة بمرض هوس الانتقاد ..
ولن تنسيا – وأنا متيقنٌ – أن تسعيا جاهدين لتطوير نفسيكما والارتقاء بها وتجديد أدواتكما وإخلاص النية لله عز وجل , فأجر الدنيا وثناء المنصفين لايعدلُ – والله العظيم – شعرةً من أجركم عند الله وثنائه عليكم ، أما يكفيكما قوله صلى الله عليه وسلم :
( إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير ) ..

وختاماً سأقول لكل من أصر على أن يوهي قرنيه :
صه ..

 

 

 

بقلم: أحمد سليمان النجار- ( السعودية )
مستشار أسري وتربوي 


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com