|  آخر تحديث يناير 9, 2017 , 21:31 م

ما وراء جريـمة ”نيرتتي”


بقلم: محمد مصطفى – ( السودان )

ما وراء جريـمة ”نيرتتي”



عشية الخطاب الذي ألقاه الرئيس السوداني عمر البشير، والذي أعلن فيه عن تمديد وقف إطلاق النار لمدة شهر إضافي ــ هاجمت قوة مسلحة ترتدي زياً عسكرياً، بلدة نيرتتي (وسط دارفور)، تضاربت الآراء حول عدد الضحايا لكن منظمة غير حكومية تحدثت عن مقتل 10 وإصابة عشرات الأشخاص جراء الهجوم.

سارعت الحركات المسلحة إلى اتهام القوات الحكومية بارتكاب المذبحة، حيث رأت حركتا تحرير السودان والعدل والمساواة أن الهجوم تورط فيه الجيش انتقاماً للجندي عثر على جثته في البلدة في وقت سابق، بدورها اتهمت الحكومة السودانية، حركة عبدالواحد محمد نور بأنها وراء المجزرة التي ارتُكبت في مطلع العام الجديد 2017.

إذا رجعنا بالذاكرة إلى الوراء نجد أن الجيش السوداني أعلن فى الثانى عشر من إبريل/ نيسان الماضي، أن ولايات دارفور أصبحت خالية من الحركات المسلحة، ذلك بعد أن شنّت القوات الحكومية هجوماً واسعاً على مناطق جبل مرة بولاية وسط دارفور (تقع بها بلدة نيرتتي) وهى مناطق كانت خاضعة لسيطرة قوات حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور.

لذلك، فإن الحديث عن تورط حركة عبدالواحد محمد نور في المذبحة، كما ذكر حاكم ولاية وسط دارفور، جعفر عبد الحكم، أمرٌ يثير استفهامات واسعة، إذ كيف يتسنى لمجموعة مسلحة أن تعود لمنطقة تم طردها منها قبل أقل من عام، لتقوم بارتكاب جريمة كهذه في وضح النهار، إن صحّ ما ذكره حاكم الولاية فإن ذلك يعني أن بيان القوات المسلحة لم يكن دقيقاً، وإن الحديث عن طرد الحركات المسلحة من ولايات دارفور مجرد أمنيات، أو أن هناك ثغرات أمنية وضعف في تأمين منطقة جبل مرة التي تقع فيها “نيرتتي”.

من ناحيتها، سارعت الحركات المسلحة، التي تقاتل الحكومة في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان لإدانة الهجوم، والذي اعتبرته “مجزرة بشعة”، و”إبادة جماعية. وقال رئيس حركة العدل والمساواة، جبريل إبراهيم، في بيان، إن “أحداث نيرتتي” تأتي تأكيدًا على استمرار النظام في الخرطوم في تنفيذ سياسة الأرض المحروقة والإبادة الجماعية. “حسب وصفه”.

لكن مراقبون ذهبوا إلى أن مرتكب الجريمة طرف ثالث، وهو المليشيات المتحالفة مع الحكومة السودانية، والتي تتخذ مسميات عدة، المراقبون يرون أن هذه المليشيات يصعب السيطرة عليها لكونها قوات غير نظامية وغير متجانسة، ربما تتصرف من تلقاء نفسها دون انتظار للتعليمات والأوامر خصوصاً إذا ما تعرضت إلى استفزازات.

كان من اللافت أن ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك، وتويتر) دشنوا حملات واسعة، عبر هاشتاغ “كلنا نيرتتي”، في محاولة للفت أنظار العالم وتكوين رأي عام حول الحدث، استلهموا تجربتهم السابقة في حملة أعيدو الدعم للأدوية التي لاقت نجاحاً كبيراً، اضطرت معه الحكومة إلى التنازل وخفض أسعار الأدوية المزمنة والمنقذة للحياة.

على كلٍ، فإن الحكومة السودانية مٌضافاً إليها البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في دارفور “يوناميد”، مٌطالبان بإجراء تحقيق عاجل لمعرفة المتورطين في المذبحة ومحاسبتهم على إزهاق الأرواح البريئة التي لا ناقة لها ولا جمل في الصراع المستمر منذ العام 2003. حيث إن تصريح وزير الدفاع السوداني للصحف الذي اعتبر فيه أن ما حدث (police case ) أي إنه “حادث معزول”، تصريح غير مقبول في تقديرنا ولا يليق بحكومة محترمة.

إنسان دارفور، والسودان ككل عانا الأمرين من الحرب المستعرة لما يقارب 14 عاماً، لذلك نأمل في حل شامل يكفل الأمن والسلام والاستقرار، في الإقليم الغني بثرواته والذي يفوق جمهورية فرنسا من حيث المساحة.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com