يبعث الله لنا المصائب حسب مقاسات ظهورنا، و بأحجام قلوبنا، وبقدر أوعية التحمل عندنا، لا يكلفنا الله ما لا نطيقه ، فكل مصاب يصيبنا في هذه الحياة إلى مر على ميزان القدرات ، فكان لنا منه نصيب ، و كنا له في تحد جديد، فما هذه الحياة إلى نشيد الفرح ، أو أنين الحزن ، بين ذاك و ذاك هنالك إمرأة إلتحفت اللون الوردي ، محنة و منحة في جسدها . في زمن مضى كان نطقه حراما ، فيقولون عنه “ذالك المرض”، تقفز القلوب بمجرد ظهور حرف السين، ترتعد الأجساد على وقع حرف الراء، تدمع العيون ببزوغ حرف الطاء ، يسيطر الحزن على النفوس بمد الألف ، و يسكن اليأس الأنثى بإكتمال النون ، فتبدأ رحلة الموت، قبل خروج الروح بسنوات. لا تخاف المرأة الموت بسببه ، لكنها تموت لو سحبت معالم الأنوثة من جسدها ، فسقوط شعرها كارثة تتطلب وقوف العالم بأسره صمتا لمصابها ، رحيل ثديها ، بداية طريق لتشبه بالرجال ، فهي لا تراهن على موعد الرحيل ، بقدر ما تفزع لموعد إنهيارها في سوق النساء .
الشجاعة ليست حكرا على الرجال ، فالمصابات بالسرطان ينتزعن هذه الصفة ببسالة ، فالأنوثة ليست شعرا يسدل على الكتف ، فالمحلوق موضة عند البعض ، و الثدي ليس ثمثال مجسم بتصنيفك في خانة أنثى ، فالكثير من الجميلات بالروح لا بالجسد ، في هذه المرحلة سيسقط من يدك كل متشبث بصحتك ، كل معجب بجسدك ، و كل خائف من إنتقال المرض ، لضعف التوعية بمجتمعاتنا ، يسقط البشر تماما كما يسقط شعرك ، فالأول تسقطه المصلحة و النزوة ، و الثاني يسقطه الكيميائي.
جميلة أنتٍ لأن الله إختارك بين الملايين ، يختبر صبرك و تحملك ، ليغمرك باللون الوردي ، لتسقط و تنهض ، تحزني و تفرح ، تيأس و تتحدي ، لتدخلي دوامة الموت ، و تعودي للحياة ، لست مسترجلة ، و لا متشبهة بالرجال ، أنت إمرأة جميلة في كل الحالات ، يخون المرض أنوثتك فيعبث الخبيث بها لفترة قليلة ، و مع ذلك تضلين تشعين بالحنان كأم ، تقدمين الحب كزوجة ، تحملين الشقاوة كإبنة ، و ترزعين الفرح كأخت ، ترسمين الإبتسامة كصديقة ، تقدمين المساعدة كزميلة ، كل هذه الصفات صدقيني لا يقربها المرض ، و لا يغيرها السرطان ، هذه هي كنوز الإناث لا تضاريس الأجساد المتفق عليها في مجتمعات تحت مستوى الحياة.
بقلم: زدروني سومية – ( الجزائر )