وُجدنا في دنيانا على أننا حتماً في يوم من الأيام منها سنرحل. بقرار إلهيّ من لدنه مبرم.
لا يقبل أيّ طريق من طرق الطعن وهو قابل للتنفيذ فوراً.
طفلةً كنت عندما سمعت أمّي تشرح لأختي الكبرى وكانت لا تزال طالبة في كلّية الحقوق عن عقد الإذعان.
كلمة الإذعان هذه نزلت وقتذاك ثقيلة على مسمعي. وعندما أدركت من النقاش معناها، أحسست أن قلبي ـ على صغر سنّي ـ لن يهواها، وسأرفض التعامل معها.
مرّت السنون وتلك الكلمة تثبت كلّ يوم أنها سيدة على الواقع لحالات لا جدوى من مقاومتها، وإن كانت أحياناً حقّاً يراد به باطل، كالحرب اللئيمة التي سرقت منّا أجمل سنوات العمر وما زالت. وأحياناً أخرى هي إحقاق لحقيقة وجودنا، كأحبة نفقدهم ترفع أرواحهم للسماء ونواري مذعنين بأيدينا أجسادهم في التراب. بعدئذٍ ننوي التمرّد على طريقة عيشنا.
صحيح أنه لا بدّ لنا من السعي خلف تحصيل العلم والمعرفة ومن ورائهما إلى الكسب المادي نسعى. لكننا بسوء تصرّفنا نهدر أياماً وشهوراً وسنوات علينا تحسب، موقنين أننا مجرد صفحات في أسفار العمر نكتبها للأحفاد ليقرأوا.
فإن كان مضمونها غثاً يهمل، وإن كان ثميناً كانوا لنا أوفياء، وتجربتنا تدرس.
سؤال يطرح: لماذا نضيع بالانتظار والترقب من العمر عمراً وفرصتنا في الحياة سنوات معدودة بعدها بالموت نقهر؟
سنذهب مباشرة إلى ما نصبو إليه ونرغب ولن نسمح بعد اليوم للسنوات سدى تهدر.
كل ما أرجوه وأتمنّاه، ألا يكون التصميم على التغيير مجرّد كلمات أكتبها، تحوفها ملائكة الليل فيأتي شيطان النهار عليها فتمحى.
بقلم: رشا المارديني