اذا كانت بلاد الشام كنانة الله في أرضه، ومصر أم الدنيا، ومكة محراب الصلاة، وجنيف عاصمة السلام، ونيويورك عاصمة الجوائز، فحري بإمارة دبي أن تكون كعبة الدنيا وقبلة المستقبل وجنة الأرض، لم لا ! وهي واحدة من الإمارات المتصالحة على ساحل السلام.
ولكن يُقال اذا كنتَ ناقلا فالصِّحَّة واذا كنت مُدعياً فالدليل .. واليكم الدليل: ماعليك سوى التجول في شوارعها لتتحقق بأم عينيك.
من أحد أرقى الشوارع وسط إمارة دبي وبالتحديد “شارع بولفارد” الذي يُطلق عليه “أرقى كيلومتر في العالم” والذي يجمع عدداً كبيراً من الخدمات كالتسوق، التنزه، المطاعم والنشاطات الثقافية والفنية وغيرها.
نسير على امتداد أشجار النخيل إلى حفل ثقافي موسيقي نظمته جمعية خيرية في دبي تحت عنوان “نستطيع” لنصل إلى حديقة أعلى بناءٍ في العالم برج خليفة الشهير.
بدأ الحفل بعزف النشيد الوطني لدولة الامارات العربية المتحدة، وأنت لا تريد أن ترف عينيك وقلبك عن الحان الفرقة الموسيقية التي تعزف بقيادة مايسترو من “أصحاب الهمم” الذين يحظون في هذه المدينة برعاية خاصة ومساواة لا تمييز بينهم وبين نظرائهم الأصحاء.
بدأت كلمة الافتتاح بكلمة مقدمة الحفل ممهدة الطريق لخيالك وعقلك، لتمني روحك أن تحيا في هذه المدينة .
أما الحضور والمستمعون، فيكفيك أن تضع سماعات الأذن لتستمع إلى اللغات المتنوعة التي تحيط بك و تترجم لك تناغم الثقافات وتعدد الجنسيات من الحضور، وكأنك تجول دول العالم في دقائق وأنت تستمع إلى المحاضرة وهي تقول: إن الإمارات تتمتع بموروث ثقافي كبير، وإن التنوّع الثقافي فيها بات قوة محركة للتنمية على مختلف الصعد، خاصة مع وجود أكثر من 200 جنسية تعيش على أرضها، بتناغم وتفاعل قل نظيرهما على المستوى العالمي، لتصبح بذلك حاضنة لثقافات العالم، حيث قلما يعبر المرء شارعاً أو ممراً، أو يدخل مركزاً تجارياً، إلا ويجد أمام ناظريه ما يحيله إلى ثقافة، بل ثقافات متعددة، تعيش بأمن وسلام.
ويرتكز هذا التنوع الثقافي، على ثقافة التعايش والتسامح، التي أصبحت جزءاً أصيلاً من العمل الحكومي، وإن دولة الإمارات نجحت بامتياز في التعامل مع كافة أشكال العولمة الثقافية، عبر منهج علمي، وبفكر واعٍ ومستنير، الأمر الذي وضعها في المرتبة الأولى عالمياً في مجال التعايش السلمي بين الجنسيات.
انتهى الحفل لأجد نفسي مع ثلة من الأصدقاء الجدد، أحدهم كاتب والثاني مخرج سينمائي من جنسيات مختلفة، فقلت في نفسي إن دبي منحتني في ساعة ما يبحث عنه غيري في أشهر .
هذه هي الحضارة التي كانت تشغل أذهان الفلاسفة والتي كان يرنوا اليها أفلاطون عندما تكلم عن المدينة الفاضلة ـ دبي التي تجمع بين الأصالة والحداثة.
أما اذا أردت رؤية ما يخفيه الغد من الحضارة، ماعليك سوى التوجه بضعة كيلو مترات عبر شارع الشيخ زايد لتصل إلى مبنى وزارة السعادة، وترى على يمينها متحف المستقبل الذي يمنحك تجربة فريدة تحاكي قصة “ألس في بلاد العجائب” ولكن بعنوان مختلف “دبي بلاد العجائب”.
المدينة الفاضلة ليست بأعمدتها وطوبها، إنما بثقافتها وأصالتها ومواكبتها للحداثة، وخدمتها للإنسان، وإن دبي تجمع الماضي والحاضر والمستقبل، علاوة على أن الإمارات من الدول الساعية لإسعاد شعبها بكل الوسائل والأساليب المتاحة، ويحق لنا كعرب أن نفتخر بإمارة وصلت إلى العالمية.. وإلى الأمام حماك الله يا دار زايد.
بقلم: زاهر خالد مزاوية