حياة عملية نعيشها ملؤها الضجيج و الصخب تُحتّم علينا بين الفينة و الأخرى الهروب و التماس الراحة بطرقٍ شتى كارتشافِ الشعر و النثر و الكتابة و القراءة ،تفضي في نهايتها إلى تغذية أرواحنا و الارتقاء بأنفسنا بعيدا عن ضوضاء واقعنا و تزيح عن كاهلنا ضغوط الحياة.
ضمن هذا السياق و تحت هذا العنوان أقيم في قصر الثقافة في إمارة الشارقة أمسية شعرية أشبه ما تكون بالحوار الروحي الممتع، قدّمها الإعلامي المتألق عصام عبد السلام صاحب الأسلوب العذب المتميز .
افتتح الأمسية الدكتور سعد الدّين كُليب الشاعر والناقد السوري،الحاصل على شهادة الدكتوراه في الأدب العربي الحديث من جامعة حلب، له كثير من الدراسات النقدية والجمالية في مختلف الدوريات المتخصصة محلياً وعالمياً ،و لديه العديد من الإصدارات الشعرية والأدبية.
و الذي طرّز فستان الأمسية بقصيدته (تطريز شامي) : “قلبي على حجرٍ في الشام سكناهُ لو لم يكن حجراً لكنّا عبدناهُ” و أتمّ حياكة الفستان بخيوط من ذهب و قصائد عديدة منفردة في معانيها، عميقة في تفاصيلها وصلت القلوب قبل الآذان من غير استئذان.
و أكمل الأمسية الشاعر العراقي عارف الساعدي المتخصص في اللّغة العربية وآدابها والنقد الحديث، و له دواوين عدّة و ألّف العديد من الكتب الشعرية والنقدية، حيث قام بتقديمه الإعلامي عصام مستشهدا بمقولة اعتاد على ترديدها (الشعر هو كل شيء هو الذي فتح عيني على العالم معظم أصدقائي من الشعر ،عملي،جامعتي،كل شيء محاط بي وممتلئ بي) .
ألقى على مسامع الحضور العديد من القصائد التي شكلت بتنوعها و غناها لوحةً فنيّة خطّتها يد رسام مقدّسة.
اختتم الأمسية الشاعر والناقد السوري محمد طه العثمان الفائز بجائزة الشارقة المركز الأوّل في النقد وجائزة البردة العالمية في دولة الإمارات و غيرها الكثير من الجوائز، و صدرت له مجموعة من الكتب في النقد والشعر والأدب.
تميزت قصائده بواقعيتها و انبثاقها من رحم المعاناة المعاشة إثر الحرب وما آلت إليه الحال من مظاهر الجوع و الفقر و التشرد، ومنها قصيدة (مذ قام طاغوتي) و (وقفة بين يدي المعرّي)و (سدرة الموت) .
و في نهاية الأمسية تمّ تكريم المشاركين من قبل مدير (بيت الشعر) الأستاذ محمد عبدالله البريكي.
إن في تنوع الثقافات و غناها واختلاف البيئات والتفاوت العمري بين الشعراء المشاركين في الأمسية تجسيد حقيقي لكون الشارقة أرضا للثقافات وملاذا للشعراء والأدباء، فبالأدب نرقى و بالشعر نحيا، هذه هي الإمارات وهذه هي الشارقة عاصمة الأدب و الأدباء.
بقلم: راما جوني