لم يسعفنا الوقت، الساعة تقترب من الثامنة مساء، ومازال الفرنسيون يتوافدون على مراكز الاقتراع، الجميع متحفزون، أهل اليمين وأهل اليسار، وحتى أولئك الذين ينتمون إلى «حزب الكنبة»، من لا يهمهم من يحكم، وما هي أفكاره، يبدو أن صراخ الخائفين من الهزيمة قد أزعجهم، وحمسهم للمشاركة في التصويت، كثيرون أخافهم الخائفون، فقد صوروا «مارين لوبان» بالشبح القادم ليدمر كل شيء.
المؤشرات تتحدث عن انقلاب في موازين القوى بفرنسا، اليمين يتقدم، وقد يفوز بأغلبية، واليسار والوسط يتأخران، وقد يخسران المعركة، وفي أحسن الأحوال قد يكونان بحاجة إلى تحالفات هشة حتى يستمروا في إدارة البلاد، والناس، أقصد الاتباع، أطلقوا تهديدات لا تبشر بالخير، وكأنهم يعتقدون بأن الديمقراطية قد فصلت لهم، ورددوا مقولة «صناديق الاقتراع لكم، والشارع لنا» وهذه دعوة للفوضى، تنبهت لها الأجهزة الأمنية الفرنسية، فحصنت المدن الرئيسية بعشرات الآلاف من قوات الأمن، تحسباً لردات الفعل إذا فاز اليمين.
واليمين حتى لو لم يحصل على الأغلبية المطلقة هذه المرة سيكون قد حقق مكاسب كبيرة، وتقدم إلى الأمام عدة خطوات، فهو غير مستعجل كما يبدو، خاصة بعد أن حقق الفوز قبل أسابيع في انتخابات البرلمان الأوروبي، هو يتحرك ضمن سياسة عدم التصادم مع الآخرين، ولن يسمح لأتباعه بالمشاركة في إثارة الفوضى، حتى لا يخسر كل شيء، وسيترك تلك الأفعال للذين يتغنون ليل نهار بالديمقراطية ليتحملوا نتائجها، وقد نشهد في الساعات الأخيرة من الأحد وحتى صباح الاثنين يوماً لا نتمناه لفرنسا.
فرنسا في طريقها إلى مرحلة ضبابية، ولسنة كاملة، فالرئيس ماكرون باقٍ في منصبه حتى الانتخابات الرئاسية القادمة، ولن يكون البرلمان معه إذا فاز اليمين اليوم بالأغلبية، والحكومة أيضاً قد لا تكون معه، وستصبح فرنسا وكأنها تعيش فراغاً سياسياً وتشريعياً وتنفيذياً، وإذا خسر اليمين ستفوز فرنسا.
بقلم: محمد يوسف