في إطار الجهود الحثيثة لتنفيذ استراتيجية الإمارات للخدمات الحكومية التي اعتمدها مجلس الوزراء برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أخيراً، نظمت حكومة دولة الإمارات سلسلة اجتماعات افتراضية «عن بعد»، شارك بها وكلاء الوزارات ومديرو العموم في الجهات الاتحادية، وبحثت خلالها آليات تنفيذ محاور الاستراتيجية والسياسات والمبادرات الداعمة لها، بما يسهم في رفع تنافسية الدولة في مجال تقديم الخدمات وتحقيق رؤى القيادة بأن تكون أفضل حكومة في العالم في الخدمات الحكومية.
وبحث المجتمعون سبل مواءمة خطط الجهات الاستراتيجية والتشغيلية مع استراتيجية الإمارات للخدمات الحكومية، والعمل الفوري لتبنيها وتنفيذها في مجالات عمل الجهات.
وتهدف استراتيجية الإمارات للخدمات الحكومية إلى الاستغناء الكلي عن المستندات الورقية والاعتماد على الوثائق الرقمية، وتقديم خدمات رقمية متطورة بنسبة %100 تصل إلى المتعامل في أي مكان وعلى مدار الساعة، وتطوير خدمات شخصية استباقية تركز على الإنسان وتحاكي احتياجات كل فرد في المجتمع وتشركه في تصميم الخدمة التي يحتاجها وكيفية تقديمها، إلى جانب بناء القدرات الحكومية وتأهيل كوادر لقيادة قطاع خدمات المستقبل بما يعزز مكانة الدولة وتنافسيتها العالمية.
وترتكز الاستراتيجية على سياستين داعمتين هما: سياسة المتعامل الرقمي والخدمة الحكومية الرقمية التي ستسهم في دعم تنفيذ محاور وأهداف الاستراتيجية، من خلال تبني الجهات الاتحادية ممكنات الحكومية الرقمية، وسياسة المنصة الرقمية الموحدة التي تهدف إلى توفير كافة الخدمات الحكومية عبر نافذة رقمية واحدة يمكن الوصول إليها من أي مكان وعلى مدار الساعة، وستكون خلال عامين 90 % من الخدمات مقدمة عبر المنصة الموحدة.
الريادة في الخدمات
وقال الفريق سيف عبد الله الشعفار وكيل وزارة الداخلية، إن استراتيجية الإمارات للخدمات الحكومية تركز على التعاملات التي تعتمد على التواصل المباشر بين الجهات الحكومية والأفراد، وقد تم تصميم ملامح استراتيجية الخدمات بمشاركة العديد من القيادات وممثلي الجهات الحكومية ومجموعة من الخبراء والمختصين.
وأكد أن حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة تلتزم بتحقيق الريادة العالمية في تقديم الخدمات، حيث تم تطوير استراتيجية الخدمات الحكومية للسنوات الخمس المقبلة والتي تتواءم مع مبادئ مئوية الإمارات 2071 والاستراتيجية الوطنية لجودة الحياة 2031، بما يتماشى مع رؤية برنامج الإمارات للخدمة الحكومية المتميزة للارتقاء بالخدمات المقدمة وتقديم خدمات تفوق توقعات المتعاملين بالاعتماد على مبدأين رئيسيين هما التركيز على المتعامل والكفاءة الحكومية.
وأوضح الفريق الشعفار أن وزارة الداخلية تعمل لمواءمة سياساتها وبرامجها ومشاريعها مع محاور ومستهدفات استراتيجية الإمارات للخدمات الحكومية من أجل تسخير تكنولوجيا المستقبل لابتكار نماذج جديدة في تقديم الخدمات وإنجاز المعاملات، وتحقيق الأثر المتوقع على المتعاملين والمجتمع.
وذكر أن الوزارة نفذت العديد من البرامج والمشاريع الاستراتيجية منها، التحول الذكي بخدمات وزارة الداخلية، وتوظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي على مستوى الوزارة وعلى خدماتها، وكانت الوزارة سباقة في استخدام وتطوير تقنية «بصمة الوجه» لاستخدامها في القطاعات الحكومية والخاصة مثل تطبيق الهوية الرقمية، وتوظيف هذه التقنية بالصورة المثلى في تطوير الخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية والخاصة من خلال عمل تكاملي، والاستفادة مما تقدمه من سرعة ودقة وفاعلية لتكون بذلك إضافة نوعية لمسيرة العمل الشرطي.
ترسيخ حكومة المستقبل
من جهته، أكد خالد عبد الله بالهول وكيل وزارة الخارجية والتعاون الدولي، الدور المحوري لاستراتيجية الإمارات للخدمات الحكومية في تطوير العمل الحكومي وترسيخ حكومة المستقبل في إطار التخطيط للخمسين عاماً المقبلة.
وقال بالهول: «في قطاع الخدمات القنصلية وخدمات المواطنين، أسست وزارة الخارجية والتعاون الدولي بنية تحتية رقمية متطورة مبنية على التقنيات المتطورة وقامت بتسخير التكنولوجيا لتحويل كافة خدماتها إلى خدمات رقمية، وتلبية متطلبات المتعاملين من أفراد وشركات بكفاءة عالية فباشرت في تطوير فعالية خدماتها وأتمتتها بالكامل لتصل إلى المتعامل في أي مكان وعلى مدار الساعة، لضمان سرعة الإجراءات والمعاملات».
خدمات استباقية
وقال يونس حاجي الخوري وكيل وزارة المالية إن حكومة دولة الإمارات حرصت خلال السنوات الماضية على تطوير مفاهيم وأدوات عمل مبتكرة لتوفير خدمات استباقية ذات جودة عالية تتناسب مع مختلف التحديات والتغيرات المتسارعة وفق أفضل المعايير العالمية، مشيراً إلى أن إطلاق استراتيجية الإمارات للخدمات الحكومية يعكس مدى التزام القيادة الرشيدة بتطوير منظومة العمل الحكومي والارتقاء بمستوى الخدمات، لزيادة رضا المتعاملين وتحقيق سعادتهم وتطلعاتهم، بما يسهم في تعزيز تنافسية الدولة في مجال تقديم الخدمات الحكومية.
أفضل الممارسات
في سياق متصل، قال المستشار الدكتور سعيد علي بحبوح النقبي القائم بأعمال وكيل وزارة العدل، إن حكومة دولة الإمارات دائماً سباقة في تبني أفضل الممارسات الحكومية، وإن إطلاق «استراتيجية الإمارات للخدمات الحكومية» لا شك أنه مكمل للجهود التي تبذلها جميع فرق العمل واللجان على المستويين الاتحادي والمحلي.
وأضاف النقبي: «نحن في وزارة العدل نعتبر جزءاً مهماً في الاستفادة من هذه الاستراتيجية ودعمها وتحويلها إلى تطبيق عملي على أرض الواقع، ما تعمل عليه وزارة العدل منذ فترة، تماشياً مع توجهات قيادتنا وحكومتنا الرشيدة، حيث كان لوزارة العدل الاستباقية في إغلاق مراكز تقديم الخدمة وتحويلها إلى منصات إلكترونية وذكية، ومن خلال تطبيق هذه الاستراتيجية سينتقل مفهوم تقديم الخدمات من مرحلة المنصات الرقمية المتعددة إلى منصة رقمية موحدة».
رؤية تنموية مستدامة
في السياق ذاته، أكد المهندس عبد الرحمن محمد الحمادي وكيل وزارة التربية والتعليم لتحسين الأداء، أن استراتيجية الإمارات للخدمات الحكومية، تنبثق عن رؤية تنموية مستدامة للقيادة الرشيدة، أساسها ريادة حكومة الإمارات للمستقبل، من خلال ثنائية، التحسين الدائم في الخدمات الذكية، والاستباقية، ما يعزز كفاءة العمل الحكومي، وينهض بالأداء والإنجاز، مقروناً بإعداد الموارد البشرية وتهيئتها عبر إكسابها مهارات عدة، وتكريس سمة الإبداع، كجزء لا يتجزأ من هذه المنظومة، لإضفاء صبغة الابتكار والتطوير تحقيقاً للاستدامة والتنافسية، مشيراً إلى أنه بفضل هذا التوجه الرائد أصبحت حكومتنا مرجعية عالمية في النجاح والابتكار والنهج المتفرد.
وقال سيف أحمد السويدي وكيل وزارة الموارد البشرية والتوطين لشؤون الموارد البشرية، إن استراتيجية الإمارات للخدمات الحكومية تستهدف تطوير العمل الحكومي وترسيخ حكومة المستقبل وتعزيز الثقة بين الحكومة والمجتمع للوصول إلى أفضل حكومة عالمياً في تقديم الخدمات، وتمثل خارطة الطريق لكافة المؤسسات الحكومية، ما يتطلب تكثيف الجهود ضمن منظومة عمل متكاملة وصولاً إلى المستهدفات وبالتالي تحقيق سعادة المتعاملين والتنافسية العالمية.
مسار التحول الرقمي
وقال حمد عبيد المنصوري مدير عام هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية، رئيس الحكومة الرقمية لحكومة الإمارات، إن استراتيجية دولة الإمارات للخدمات الحكومية التي اعتمدها مجلس الوزراء الموقر هي بمثابة نقطة تحول مهمة في مسار التحول الرقمي، وتنبع أهميتها من كونها تضع المتعامل في رأس سلم الأولويات، وتولي أهمية استثنائية لتوظيف التقنيات المتقدمة في توفير تجربة مستخدم مفعمة بالتفاعل والسعادة، كما تولي الاستراتيجية أهمية خاصة للاستباقية والسرعة في توفير الخدمات، الأمر الذي يتلاءم مع طبيعة عصر المدينة الذكية ومرحلة التحولات الكبرى نحو تطبيق مفاهيم الثورة الصناعية الرابعة ومجتمع المعرفة الرقمي.
تجربة المتعامل
وأكد محمد بن طليعة رئيس الخدمات الحكومية لحكومة دولة الإمارات، حرص الحكومة على مواصلة التطوير والتحديث المستمر، ترجمة لتوجيهات القيادة في جعل حكومة دولة الإمارات الأذكى في العالم، ومرجعية عالمية لحكومات المستقبل التي تسعى لتبني الخدمات المبتكرة، من خلال إعادة تصميم منظومة تجربة المتعامل، وإطلاق المبادرات المتقدمة التي تركز على المتعامل أولاً، وتعزز قدرات الموظفين، وترفع كفاءة الخدمات بما يضمن تقديم تجربة متكاملة عبر منصة رقمية موّحدة تجمع الخدمات الحكومية على مستوى الدولة.
منظومة العمل الحكومي
وقال اللواء سهيل سعيد الخييلي مدير عام الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية بالإنابة، إن الرؤى الحكيمة لقيادة الدولة وضعت الركائز الحيوية والسياسات الداعمة لاستشراف مستقبل منظومة العمل الحكومي في ظل إطلاق استراتيجية وطنية قوامها خدمة الإنسان وأدواتها الاستثمار الرقمي لتطوير مختلف الخدمات الحكومية.
أطر داعمة
واستعرض المشاركون في الاجتماعات وورش العمل، سياسة المتعامل الرقمي والخدمة الحكومية الرقمية التي اعتمدها مجلس الوزراء لدعم تنفيذ ما ورد في استراتيجية الإمارات للخدمات الحكومية، والتي حددت الأطر الأساسية الداعمة لتبني الجهات الاتحادية ممكنات الحكومية الرقمية، وتعزيز التنسيق والتكامل في تطوير التطبيقات الجديدة، والاستثمار في البنية التحتية والأنظمة الرقمية، بما يسهم في رفع الكفاءة التشغيلية وضمان التوظيف الأمثل للموارد ومنع الازدواجية في الاستثمار، ووضع خطط لضمان استمرارية تقديم الخدمات للمتعاملين في مختلف الظروف.
كما تم التطرق إلى سياسة المنصة الرقمية الموحدة التي تهدف إلى توفير كافة الخدمات الحكومية عبر نافذة رقمية واحدة يمكن الوصول إليها من أي مكان وعلى مدار الساعة، ودور الجهات في دعم المنصة الرقمية الحكومية الموحدة ومحتواها وتحديث البيانات وفقاً للضوابط التي تحددها الحكومة الرقمية، وناقشوا توجهات وأولويات المرحلة المقبلة الهادفة للوصول إلى أفضل حكومة في العالم بتقديم الخدمات الحكومية، وذلك عن طريق تصميم خدمات تتمحور حول الإنسان.
5 محاور و28 مبادرة تنفذ في عامين
تشمل استراتيجية الإمارات للخدمات الحكومية 5 محاور رئيسية و28 مبادرة سيتم العمل على تنفيذها خلال عامين، للتركيز على تقديم خدمات رقمية بالكامل تركز على الإنسان، وتصل للمتعامل في أي مكان وعلى مدار الساعة ومعززة بالتكنولوجيا من خلال منظومة خدمات متكاملة محورها تحسين الفعالية والكفاءة التشغيلية بالتركيز على رفع كفاءة القدرات الحكومية لموظفي الحكومة من خلال تطوير المهارات التي تتطلبها طبيعة وظائف المستقبل.
وتستهدف مبادرات الاستراتيجية تقديم تجربة حكومية رقمية سلسة بالاعتماد على تكنولوجيا المستقبل من خلال تصميم جميع الخدمات الحكومية ليتم تقديمها بشكل مترابط وشخصي واستباقي عبر المنصة الرقمية الحكومية الموحدة ودون الحاجة إلى زيارة أي منصة حكومية أخرى، وبتسجيل الدخول باستخدام الهوية الرقمية، ويتم التوقيع فيها على الوثائق باستخدام التوقيع الرقمي المعتمد أو الختم الرقمي المعتمد، ودون إرفاق أي وثيقة أو تعبئة أي نموذج وبطرق دفع مرنة، مع مراعاة توفير الخدمات من خلال قنوات الخدمة الأخرى بما يخدم الفئات غير القادرة على الحصول على الخدمات الرقمية وبما يناسب تفضيلاتهم واحتياجاتهم، وبما يقلل الحاجة إلى زيارة مراكز الخدمة.
وتركز الاستراتيجية على تطوير النموذج الجديد لموظفي الخدمات الحكومية، بما يشمل إعادة تصميم الوظائف المرتبطة بتقديم الخدمات الحكومية بشكل كامل لتتلاءم مع التصور الجديد للتجربة الحكومية المستقبلية ورفع قدرات موظفي الصف الأمامي وتمكينهم بمهارات المستقبل، وبناء قيادات جديدة تسهم في التحول المستقبلي لمنظومة الخدمات الحكومية.
وتتبنى الاستراتيجية تطوير نموذج الشراكة مع المجتمع بما يسهم في مواءمة الخدمات لجميع فئات المتعاملين، من خلال إشراك مختلف فئات المجتمع في مبادرات وورش تصميم النماذج الجديدة للخدمات الحكومية، والاستماع إلى أفكارهم وتصوراتهم وفهم احتياجاتهم بالاستفادة من المنصات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي.
وتركز الاستراتيجية على تطوير نموذج مبتكر من الشراكة مع القطاع الخاص ورواد الأعمال، عبر الاستفادة من أساليب العمل الرشيقة والمهارات والخبرات في القطاع الخاص لتطوير نموذج شراكة مبتكر لتقديم الخدمات الحكومية، يسهم في تعزيز الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة بالشراكة مع القطاع الخاص.