آمال إيزة – الشارقة
تُفاجئنا إمارة الشارقة بالكم الهائل كل سنة من الفعاليات الثقافية العالمية على وجه الخصوص، فبعد ما شهدناه بثالث أكبر معرض دولي للكتاب في العالم، عندما دعتنا هيئة الشارقة للكتاب لتغطية العرس الثقافي بشهر نوفمبر الماضي، ها هي الآن إمارة الثقافة تصنع الحدث مُجددا من خلال تحضيراتها لمهرجان الشارقة القرائي للطفل، الذي ينظم كل شهر أفريل وهو يعكس إهتمام المسؤولين, “حكومة و شعبا” بتربية النشئ على حُب الإطلاع و القراءة، وتنمية المعارف والقدرات العقلية و الإبداعية، وترسيخ ثقافة القراءة لديهم في المنزل،مع إشراك الأولياء، وقد طرح مختصون السنة الماضية بالطبعة التاسعة العديد من التساؤلات منها : كيف نصنع طفلاً يقرأ، وإلى ماذا يجب أن تستند الأسر والمؤسسات التربوية في تعزيز القراءة لدى الأجيال الجديدة؟. و إن تحدثنا بلغة الأرقام بشكل أدق، يتضح للقارئ جليا أن هناك إهتمام كبير بشريحة الأطفال , كيف لا وهم أجيال المستقبل ؟، وقد سخرت الجهات المنظمة السنة الماضية: مساحة 2304 مترا مربعا، وشهد الحدث حضور 179 ضيفا من مُختلف دول العالم، متضمناً برنامجاً حافلاً أقام 1403 فعالية للطفل، شارك فيها 55 ضيفا من 22 دولة، فيما جمع برنامج الفعاليات الثقافية 40 فعالية شارك فيها أكثر من 60 ضيفا من 23 دولة، بمشاركة 123 عارضا، وتنظيم 2093 فعالية ثقافية وفنية وترفيهية وتعليمية. لن أحدثكم هنا كصحفية كاتبة بل كشاهد عيان، عاش تلك اللحظات التي كانت تبدو لي كالحلم، عندما تتجول بمركز اكسبو الشارقة مكان المهرجان، تجد كل الأجناس بطبيعة الحال لأن الحدث عالمي ولأن الإمارات العربية المتحدة بها العديد من الوافدين من الأجانب. لكن الغريب في الأمر أن هناك ناس يسافرون خصيصا لحضور فعاليات المهرجان الذي استقبل السنة الماضية نحو 306 آلاف زائر,استمتعوا بالبرامج المقدمة من عروض بهلوانية عالمية و ركن الطبخ و قصص وكتب متنوعة للأطفال، ورشات، رسم، ركن الحكواتي، عروض مسرحية عالمية تخص الطفل، هدايا تقدم للأطفال و فنانين يحضرون المهرجان و قد التقيت بالفنانة المصرية “حنان ترك” السنة الماضية و سجلت معها حوارا شيقا كونها انتقلت إلى عالم الطفل و لديها الآن استديو ومجلة نونة , والإعلامي الكويتي غازي حسين، والكاتب والإعلامي العماني محمد الهنائي، والكاتب اللبناني حسن خليل عبد الله، والكاتبة والإعلامية المصرية أمل فرح، والصحفية والكاتبة الأكثر مبيعا في “نيويورك تايمز” جايل فورمان والشاعر والمؤلف الأمريكي كوامي إليكساندر مؤلف الرواية الأكثر مبيعا “هو قال هي قالت”، ومصور كتب الأطفال الشهير كوركي بول.
وللمرة الأولى في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط، نظم المهرجان وبالتعاون مع المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي في نيويورك معرض “رحلة عبر الدماغ”، الذي شهد إقبالاً كبيراً من قبل الزوار، وضم المعرض خمسة أجزاء رئيسة هي: “الدماغ المدرك”، و”الدماغ العاطفي”، و”الدماغ المفكر”، و”الدماغ المتغير”، و”دماغ القرن الواحد والعشرين”، وضم كل قسم من هذه الأقسام الكثير من المعلومات حول الدماغ البشري، التي توصلت إليها البحوث والدراسات العلمية، كما ضم المعرض ألعاباً تفاعلية صممت خصيصاً لتيسير فهم المعلومات العلمية المعروضة. هذا إلى جانب اقتناء ما قيمته 2.5 مليون درهم اماراتي من الكُتب ؛ لتعزيز المحتوى المعرفي لمكتبات الشارقة؛ من حاكم الشارقة هذا الرجل المثقف والحكيم الذي يفكر بشكل جدي في صناعة جيل محب للثقافة ؛ و المعرفة من خلال ما يقدمه من دعم مادي ومعنوي وبفضل جهوده وتعليماته، وحرصه الشديد على توفير بيئة مساعدة ومستدامة ؛ يصنع الحدث مع حرمه الشيخة جواهر و نجاح مهرجان الشارقة القرائي للطفل؛ و وصوله هذه السنة إلى الطبعة العاشرة أكبر دليل على ذلك ؛ و أصبحت الشارقة بفضلهما منارة للعلم والثقافة وقبلة للمبدعين العرب والأجانب ؛ وتبوأت العديد من المراكز الدولية العالمية وحصدت العديد من الجوائز وتحصلت على العديد من الألقاب؛ وكان لنا الفخر والاعتزاز أننا زرنا هذه الإمارة المتميزة منذ سنة 2012 إلى غاية سنة 2017 كاعلاميين ؛ كل سنة تبهرنا وتسحرنا وتترك في قلوبنا مكانة عزيزة؛ نشتاق لزيارتها مُجددا ؛و الفضل يرجع إلى الله سبحانه الذي كتب لنا عمرا ؛ و إلى هيئة الشارقة للكتاب التي تتكرم بدعوتنا من أجل تغطية الحدثين المهمين والبارزين على الساحة الثقافية ” المعرض الدولي للكتاب الذي ينظم بشهر نوفمبر و مهرجان الشارقة القرائي للطفل الذي ينظم بشهر أفريل من كل سنة” ؛ ولايسعني في هذا المقام إلا أن أذكر مجهود رجلين بارزين يرجع لهما الفضل حسب رأيي في نجاح العرس الثقافي؛ أولهما رئيس هيئة الشارقة للكتاب سعادة أحمد بن ركاض العامري؛ و ثانيهما السيد: يوسف عيسى الطويل رئيس الشبكة الوطنية للاتصال و العلاقات العامة الذي يشرف شخصيا هو وفريقه الشاب المُفعم بالحيوية والنشاط؛ على التواصل مع الاعلاميين من مُختلف دول العالم ؛ ويعمل الاثنان كل واحد منهما في خليته التي تشبه إلى حد كبير؛ “خلية النحل”؛ بتوجيهات صاحب السمو حاكم الشارقة ؛ الذي يجد في المهرجان فرصة لتفعيل الحراك الثقافي ؛ وتعزيز صناعة المعرفة العربية ؛ وفي الوقت نفسه تدعيم المحتوى المعرفي والفكري للمرافق والمؤسسات الثقافية والتعليمية خدمة لكل من يقيم على أرض الشارقة؛ وحسب ما أدلى به سعادة أحمد بن ركاض العامري للصحافة بالسنة الماضية ؛ ” سمو حاكم الشارقة ظل يؤكد أن الثقافة فعل واسع تتكامل فيها أدوار المؤسسات ؛ والهيئات و الأفراد لتحقق مساعيها في بناء أجيال ومجتمعات مسلحة بالمعرفة والعلم ؛ وقادرة على النهوض بمستقبل بلادها ؛ وتحمل مسؤوليته”.