بقلم: دكتورة مريم الشامسي

كتابة الحروف عبارة عن صورة كلامية كاملة الأفكار ونقطة التقاطها صورة مجسدة في الواقع فتحرك الخيال والكتابة “رموز مرئية للأصوات اللغوية المسموعة” ، فشكل الحرف يحمل المعنى، ويطلق خيالا ، واسعا والقراءة الأولية للحرف العربي وشكله له معاني عميقة وعلاقة مباشرة بالدلالة والمعنى ، فرسم الحروف هو رسم أشكال حرفية تدل على الكلمات.

فلابد من قراءة سيميولوجية بصرية لصور الحروف وللأشكال الخطية للقرآن ،واستنطاق دلالاتها ومعانيها التي لم تكن نتيجة ترف بديعي ، بل توحدت بلفظ القرآن ،وبجمال الكلمة الإلهية ، فشكل الحرف للفظ المعنى ولمعنى اللفظ ، وصارالتشكيل الخطي إلى التخييل ، لا تقل في سموها عن بلاغة اللفظ في الإعجاز القرآني . وتتعمق أسرار الحروف العربية التي جاء بها كلام رب العالمين ، وتتفاعل سيميائيا وروحانيا وتعبديا مع شكل الحرف القرآني ، كما في حروف عنوان السورفالحروف تنحني ، وتستقيم، ثم تتقوس، وينعكس نور الإيمان مع شكل الحرف وفضاء فمثلا لفظ كلمة الصافات تتسع لفضاء كوني لبسط الصافات أي الملائكة أجنحتها ، والبعث والنشور ، والإخلاص لله والوحدانية بتشكيلات الحرف ومنمنماته .

فحرف الصاد ترتبط تسمية هذا الحرف  بصوته كماهوعند الفينيقيين الذين رمزوا له بالرقم 3 وهو3 في التعداد الهندي وسموه أيضا بـ (صادي) ، فهذاالحرف يتصف بالصلابة ، ولكن حركته الدائرية في الكتابة والخط المائل إلى الأسفل يعطي دلالة للانكسار، والتذلل كحركة السجود والخضوع وهنا خضوع الملائكة وتذللها للخالق ، وصلابتها في تلقي أوامر الله وانتظامها في صف واحد .

أما الألف فحرف نشيط مرن في كل أوضاعه ومنقول عن صور كثيرة في الواقع فهوالواحد من كل شيء ، وهو علامة وحدانية الله الواحد ويشترك مع الرقم واحد في الشكل وحرف وحيد لا شبيه له ويؤكد مضمون السورة ، وهو الإخلاص والوحدانية وإثبات العقيدة .

وحرف الفاء حرف مهموس منفتح في شكله ، ويرسم كالقاف ولكن نضع فوقه نقطة واحدة يكون أصلا وبدلا ويسمى حرف الانفتاح ويميل إلى الخفة، ونجد الانبساط فيشكل حرف التاء فهو حرف منبسط مفتوح ونطقه بين السين والطاء يقترب في شكلهمن حرف الباء، ويدل على السهولة، والاستواء والانبساط ، وهنا استواء الملائكة باسطة أجنحتها خاضعة عابدة مترقبة لأوامر الله .

ولو دققنا في الشكل التخيلي للكلمة كما رسمت في المصحف (صـــــافـــــــات) لربما تبادر إلى خيالنا أن حرف الفاء يشابه رأس الطائر المحلق وأن ماقبله وما بعده يشبهان الجناحين المبسوطين.