|  آخر تحديث أبريل 19, 2022 , 1:49 ص

الجسم يدمن الإمتناع ايضًا


الجسم يدمن الإمتناع ايضًا



 

مانعلمه ان جسم الانسان قد يدمن السكريات، القهوة، الكحول، النشويات، مشروبات الطاقة مثلا، ذلك لأن المركبات الكيميائية المصنعة تتلاعب بهرموناتنا ومراكز السعادة في المخ ويصعب التخلص منها وعند التوقف فجأة فإن اعراض انسحابها عادة ما تكون مزعجة. فيصعب التكيف مع انسحاب المركبات الكيميائية.

 

 

الا إن نفس الجسم لايدمن العناصر الغذائية الجيدة، فلم نسمع عن اعراض انسحاب الفواكة، او الاعراض الجانبية لتوقف السلطة، حتى الماء والهواء و البروتين، يستطيع الجسم التأقلم – مؤقتا – مع تقليل جرعاتهم اليومية
– فيمكنك ان تعمل يوما كاملا بينما نسيت ان تشرب طوال اليون
– ويمكنك ان تجلس وقتا طويلا ف مكان غير جيد التهوية،
– وحتى لو مر اليوم بدون اي غذاء صحي فلن تحدث ازمة كبيرة في يومها
من المثير للاهتمام عن جسدنا أنه يدمن فقط الاختيارات السيئة ولا يتحمل انسحابها، بينما لا يدمن الاختيارات الجيدة و يتكيف مع انسحابها

 

ثم اكتشفنا لاحقا اننا قد ندمن العادات الجيدة أيضا!!
اول مثال هو الصيام، الجسم يدمن الصيام بمرور الوقت، يعتاده و يرتاح عليه، بل قد تشعر بصعوبة قليل عند التوقف عنه.
في الاسبوع الأول من الصيام يبدأ الجسم في تفتيت الدهون والتخلص من السموم و الخلايا الضعيفة،
في الاسبوع التاني من عملية التنظيف تلك، تبدأ اعضاء الجسم بالعمل بطاقة اكبر مما كانت عليه سابقا. فتجد انك في الاسبوع الثاني من الصيام المتقطع يمكنك بسهولة ان تعمل، تذاكر، تلعب رياضة او تقوم بعمل مجهودات بدنية شاقة اثناء الصيام بدون اي صعوبات تذكر، اصبح جسدك معتادا تماما على الصيام و ادمن ذلك الروتين حتى انك قد تشعر بالتخمة و الكسل عندما تعود لعاداتك الغذائية القديمة في اول ايام العيد.

مثال اخر هو المجهود البدني، عادة مانفضل الراحة على المجهود، الا اننا قد ندمن الرياضة نفسها!
لإن المجهود البدني يتلاعب بهرموناتنا بطريقة محببة، فيجعل المخ يفرز هرمونات تزيد السعادة و تضبط الضغط و تقوي دوران الدم الذي يزيد كفاءة اعضاء الجسم، مما يجعلك تنتعش و تتحسن مزاجيا و عقليا و جسديا بالرياضة، بل انك قد تشعر ببعض الصعوبات عندما تتوقف عن الرياضة بعدما اعتادتها.

اجسادنا قد تدمن ايضا الانقطاع عن السكر، تماما مثلما ادمنت سابقا الانتظام على السكريات
ذلك لإن مزاجك و قلبك و التمثيل الغذائي في جسدك يتحسنون جدا بانقطاع السكر، الاعضاء الداخلية مثل الكبد و البنكرياس يشعرون بالارتياح من المجهود اليومي لحرق السكر، فيبدأ جسدك بالاعتياد والارتياح على انقطاع السكر، لدرجة انك قد تشعر بالذنب و ببعض الخمول عندما تعود لاستهلاك السكريات بكثرة..

في الامثلة الثلاثة السابقة وجدنا ان اجسادنا قد تدمن العادات الجيدة مثل الصيام و الرياضة و منع السكريات

عقولنا ايضا يمكنا ان تدمن العادات الجيدة مثل القراءة و الكتابة والعاب الذكاء لإن تلك النشاطات تخلق وصلات عصبية جديدة، وتقوي الروابط العصبية الموجودة و تجعل عقلك قادرا على تنفيذ مهماته اليومية بسهولة، حتى انك قد تشعر ان هناك شيئا ينقصك اذا توقفت عن القراءة مثلا بعدما اعتدت عليها يوميا.

بل ان روحك و نفسيتك ايضا قد تدمن ممارسات جيدة مثل التأمل واليوجا والصمت، فتبدأ روحك تستمتع بالامتناع نفسه. و ذلك هو بيت القصيد انه ما اصبحنا نعلمه الآن ، ان جسمك و عقلك و روحك يمكنهم ان يستمتعوا بالامتناع عن الاكل و الراحة والضجيج، تماما مثلما ادمنت تلك الاشياء نفسها سابقا. الآن تعلم انه يمكنك تشكيل عاداتك و اعادة برمجة جسدك.

 

 

ما كنا نعلمه ان الادمان مرتبط فقط بكل ما هو سيئ.
ما اصبحنا نعلمه انه يمكنك أن تدمن الامتناع ايضا
وإنه الادمان يحدث للعادات الجيدة أيضا،
فيمكنك ان تدمن الرياضة و الدايت و القراءة و اليوجا،
ويمكنك أن تدمن الصلاة!
و اذا قررت الانسحاب، فالعادات الجيدة خجولة و لا تسبب اعراض إنسحاب مزعجة. هي فقط تسبب شعورا طفيفا بالذنب عند التوقف، شعورا لا يهدأ حتى تعود الى صوابك مرة اخرى

الخبر السيئ اليوم ان عاداتك تتحكم فيك بقوة الإدمان
الخبر الجيد انك تستطيع ان تتحكم في عاداتك بقوة الإمتناع،
الخبر الأفضل إنه يمكنك ان تبني عادات جديدة طول الوقت ولا يمكنك ان تكون متأخرا ابدا، مهما كان عمرك، يمكنك ان تجلس مع نفسك الآن و تختار ماهي العادات التي تريد ان تستمر عليها و ماهي العادات التي تريد ان تتوقف عنها، و سوف يبهرك جسدك تماما في قدرته على التأقلم، الآن فقط اصبحت انت تتحكم في حياتك.

 

 

 

 

بقلم: مصطفى يحيى حسن


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com