شهدت مكتبة الإسكندرية مساء اليوم ختام مؤتمر “اليوم العالمي للمرأة: إشكاليات التنمية والثقافة والعمل” الذي نظمته المكتبة بالتعاون مع هيئة “بلان انترناشيونال”، وشارك فيه عدد كبير من الخبراء والشخصيات النسائية من مصر والعالم العربي، وممثلي الهيئات التنموية والمعنيين بقضايا المرأة، فضلاً عن الإعلاميين.
وشهد المؤتمر جلسة نقاشية تحمل عنوان “المرأة والعمل: إطلالة ثقافية عربية”، ترأستها الكاتبة الصحفية أمينة شفيق، وتحدثت فيها الدكتورة رنا دجاني؛ عالمة أردنية وأستاذة بالجامعة الهاشمية بالأردن، والأستاذة نهاد أبو القمصان؛ رئيس المركز المصري لحقوق المرأة، والدكتورة نهلة زيتون؛ خبير حماية اجتماعية بالبنك الدولي، والأستاذة إنجي أمين؛ مسئول التمكين الاقتصادي بهيئة الأمم المتحدة للمرأة.
وتحدثت الكاتبة الصحفية أمينة شفيق عن حقوق المرأة المصرية، وقارنتها بوضع المرأة الفرنسية، خاصة فيما يخص حقها في المشاركة السياسية. وأكدت أن الإشكالية في مصر تكمن في قاعدة الهرم وليس قمته، فهناك ملايين النساء الفرنسيات اللائي يعملن في جميع القطاعات الانتاجية، ويتم انتخاب عشرات الآلاف منهن في المحليات والنقابات وما إلى ذلك. وشددت على أنه لا يمكن الحديث عن النمو السياسي دون التركيز على تواجد المرأة في العملية الانتاجية، مؤكدة أنه أساس التمكين.
وقالت الدكتورة رنا دجاني إن المرأة لها مكانة خاصة في المجتمع العربي، على الرغم من كونه مجتمع ذكوري بامتياز، الأمر الذي يحتاج إلى كثير من العمل لتغييره، وذلك يبدأ بالكتابة عن النماذج النسائية الناجحة. وأوضحت أنه ليس شرطًا أن يتم استيراد التغيير من الغرب، ضاربة مثالًا ببرنامج “نحن نحب القراءة” والذي انطلق من مسجد في منطقة بسيطة في الأردن وانتشر عقب ذلك في 50 دولة حول العالم، وهو ما يدل على أن التغيير يأتي من الداخل.
وقالت نهاد أبو القمصان إن المنطقة العربية لديها قدر من الاحترام للمرأة، ولكن لديها قدر كبير التمييز ضدها في الوقت ذاته، مشيرة إلى أن مشاركة النساء في سوق العمل لا تتعدى نسبة 21.2% أما الرجال 76%، في حين أنه في الدول الغربية نسبة مشاركة السيدات تبلغ 40%.
وأضافت أنه في عام 2014 تعهد زعماء مجموعة العشرين الاقتصادية التدخل لخفض نسبة الفجوة النوعية في سوق العمل، والذي سيوفر ما يقرب من تريليون دولار، الفائز الأكبر بها هي الدول التي تزداد بها الفجوة مثل دول المنطقة العربية وباكستان. وأكدت أن الخبراء أطلقوا على عمل المرأة في المجتمع “ذكاء اقتصادي”، حيث إنها ترفع من مستوى جودة الحياة في المجتمع وتساهم في تقدم الدول وتنميتها، إلا أن هذه الصورة غائبة عن كثيرين في المنطقة العربية، مشيرة إلى أن الكثير من القوانين الحالية بما يخص عمل المرأة في حاجة إلى إعادة نظر.
وأوضحت أبو القمصان أنه من أهم الأسباب التي تمنع دخول المرأة سوق العمل، العوامل الثقافية التي تعد جزء رئيسي في هذه الأزمة، حيث يتم إعداد الفتاة منذ نعومة أظافرها أن دورها يتمحور حول الزواج والإنجاب فقط، في حين أنه لا يتوافر لها أي ضمانات في حال تعرضها لأي أزمة فيكون مصيرها الشارع.
فيما قالت الدكتورة نهلة زيتون إن البنك الدولي أجرى دراسة بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة لبحث فرص تمكين المرأة المصرية، مشيرة إلى أن النتائج أظهرت إقبال السيدات على الوظائف الحكومية وذلك بسبب الضمانات التي تتوافر في هذا القطاع. وأوضحت أن الدراسة رصدت عدد من التحديات التي تواجه تمكين المرأة، من بينها انخفاض الوظائف الحكومية وهو يعني إنه في حال استمرار القطاع الخاص برفض تعيين السيدات ستزداد الفجوة النوعية ولن تجد السيدات عملاً. كما أن المضايقات التي تتعرض لها السيدات في الشارع ووسائل المواصلات أحد أسباب عزوفها عن العمل، بالإضافة إلى عدم توفير بيئة عمل مناسبة لها وتحترم اختلافها.
وقالت إنجي أمين إن المجتمع في حاجة إلى تغيير العديد من مفاهيمه وهو ما يحتاج إلى وقت حتى يبدأ في التغير تدريجيًا، مستعرضه التحديات التي تتعرض لها السيدات العاملات في القطاع الزراعي والتي تصل نسبتهم إلى 46%.
وعُقدت على هامش المؤتمر جلسة تحت عنوان “نحو لا مركزية الخدمات: رؤى واطروحات”. ترأست الجلسة الدكتورة حنان يوسف، بحضور الدكتورة حنان جرجس؛ نائب الرئيس التنفيذي للمركز المصري للبحوث، والدكتورة منال حنفي، مدير عام إدارة المرأة بوزارة التضامن الاجتماعي، والأستاذة بسمة غانم، محلل بصندوق تمويل مشاريع المرأة العربية، والأستاذ أحمد عبد الوهاب الباحث بالمركز المصري لدراسات السياسات العامة.
وتحدثت الدكتورة حنان جرجس، عن مرصد المرأة المصرية، والذي يقوم على عدة مؤشرات عبر موقع إلكتروني لتوظيف البيانات والمعلومات في متابعة وتقييم تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030. وأوضحت أن المرصد يعمل على انتاج البيانات غير المتوفرة من خلال المسوح واستطلاعات الرأي وإجراء الدراسات التي تخرج بتوصيات واضحة لمتخذ القرار للإسراع بتحقيق الاستراتيجية.
وتابعت: “المرصد يعد مرجعًا للباحثين الراغبين في إجراء الدراسات الخاصة بالمرأة وذلك من خلال أرشفة كل ما كتب عن المرأة من دراسات ومقالات وإتاحتها على الموقع الإلكتروني”، لافتة إلى أن الجزء الأساسي للمرصد هو ما يتعلق بالمؤشرات الخاصة بالتنمية المستدامة.
واستعرضت الدكتورة منال حنفي بعض الأنشطة الخاصة بوزارة التضامن لدعم المرأة خلال الثلاثة أشهر الماضية، مشيرة إلى أن الوزارة انفقت مليار و785 ألف جنيه منهم 89% للسيدات. وتطرقت إلى الحديث عن الدعم الذي تحصل عليه السيدات المطلقات حيث يقوم بنك ناصر بدفع النفقة لحين الانتهاء من اجراءات التقاضي الخاصة بالحصول على النفقة.
وأوضحت أنه تم إصدار 673 ألف بطاقة رقم قومي للسيدات خلال الثلاثة أشهر الماضية، فضلاً عن إنشاء صندوق تأمين الأسرة للسيدات المطلقات، حيث بلغت النفقة المنصرفة 55 مليون جنيه. أما فيما يتعلق بالتأمينات الاجتماعية فإن 5 ونص مليون سيدة من إجمالي 9 مليون يستفيدون من المعاشات بتكلفة 3.4 مليار جنيه”.
وقالت بسمة غانم إن دور صندوق تمويل مشروعات المرأة هو تمكين وتمويل المشروعات الخاصة بالمرأة، مشيرة إلى أن الصندوق ركز في السنوات الماضية على دعم مشروعات ملابس جاهزة وتغليف الموالح الخاصة بالسيدات. وأضافت أنه في عام 2018 تم التركيز على السيدات اللاتي لديهن مشروعات خاصة ومحدودات الدخل من خلال تمويل المشروعات متناهية الصغر، متابعة أنهم سعوا لعمل تعاون مع مؤسسات للتوعية بالإدارة المالية للسيدات منها التسويق والتخطيط وكيف تنمي مشروعها وطرق الدفع الإلكتروني.
من جانبه، أكد أحمد عبد الوهاب أنهم في المركز المصري لدراسات السياسات العامة قاموا بعمل مسح في محافظات الجمهورية لدراسة المعوقات التي تواجه المواطنين فيما يتعلق بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، لافتًا إلى أنهم وجدوا أن أكثر مشكلة تواجه الناس هي عدم توافر المعلومات.
وأوضح أن قلة الخدمات المتاحة للمواطنين والتمويل كانت من المشاكل التي تواجه المواطن سواء ذكور أو إناث. وواصل: “هناك 14% فقط من رواد الأعمال من فتيات من بينهن 50% لديهن مشروعات متناهية الصغر”، موضحًا أنهم بدأوا في التفكير لوجود آلية لتمويل المشروعات تحقق الانتشار المطلوب ووجدوا أن هيئة البريد هي الجهة الوحيدة التي تمتلك هذا الانتشار خاصة في المناطق الريفية.
وشهد المؤتمر جلسة لاستعراض أنشطة بلان انترناشونال لتمكين الفتيات بالإسكندرية. واستعرضت هاجر، إحدى المشاركات في أنشطة الهيئة، تجربتها مع الجمعية وكيفية تغلبها على المعوقات التي كانت تواجهها في البداية المتمثلة في الدخول إلى مركز الشباب الخاص ببلدتهم الريفية، قائلة: “من خلال المبادرة استطعنا الدخول لمركز الشباب وأصبحنا أعضاء وفي مجلس الإدارة أيضًا”، مشيرة إلى أن حلمها هو أن تشارك في العمل العام من خلال الدخول في المجلس المحلي.
بدورها قالت نرمين محمد، 15 سنة، إنها بدأت رحلتها مع الجمعية منذ 6 سنوات، مضيفة :”دوري أدرب المرأة أنها تعرف قوتها وامكانياتها ومدى تأثيرها في مجتمعها”. وأشارت إلى أنها تعمل مع المؤسسة على مشروعات منها محاربة ظاهرة الزواج المبكر وتغيير ثقافة المجتمع تجاه هذه الظاهرة.
أما هاجر فتحي، 15 سنة، فأوضحت أنها تدربت في بلان انترناشونال على كيفية المشاركة في المجتمع وكيفية التنظيم والتخطيط والعمل في مجموعات تحت ضغط.
وقالت أمنية ابراهيم من القليوبية، 20 سنة، إن المؤسسة استطاعت أن تطور أدائها وتغير مفهومها ونظرتها للحياة وأن تعمل في أكثر من مجال دون أن تخشى الفشل.
من جانبها قالت ميري كرم، مستشار برامج الفتيات بهيئة بلان الدولية، إن المؤسسة تهدف إلى خلق مساحات صديقة للشباب وتمكينهم ودعمهم وتطوير أدائهم في العمل الجماعي وتوصيل وتشبيك الشباب بالكيانات المعنية.
وأعلن أشرف موسى المسؤول بالهيئة، عن مشروع جديد تحت عنوان “مدن آمنة تحت قيادة الفتيات”، وهدفه تحويل الفتيات إلى قائدات وقادرات على إدارة أعمالهن والتعامل في كافة الظروف. وأوضح أن هذه المبادرة ستكون بالتعاون مع شركاء وجمعيات من كل أحياء الإسكندرية، لافتًا إلى أن المشروع يقام في محافظات أخرى مثل أسيوط بالإضافة إلى الإسكندرية.
وكان قد افتتح المؤتمر صباح اليوم كلا من الدكتور مصطفى الفقي؛ مدير مكتبة الإسكندرية، والأستاذ مدّثر حسين صديقي؛ مدير بلان انترناشيونال مصر. ويأتي المؤتمر في إطار مذكرة التفاهم المبرمة بين المكتبة والهيئة للتنسيق والتعاون في الأنشطة التي تهم الطرفين في إطار تحقيق الأهداف التنموية للدولة المصرية.