تواصلت المعارك العنيفة في مدينة سرت الليبية بين مسلحين من سكان المدينة وتنظيم داعش الإرهابي وسط شح في تفاصيل مجريات المعركة، الأمر الذي يشير إلى فرض «داعش» حصاراً خانقاً وقطعه للاتصالات بعد مجازر بحق السكان ذهب ضحيتها نحو 200 شخص.
وأمام هذا الخطر المحدث استنجدت ليبيا بالعرب ودعت إلى اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية على مستوى المندوبين لبحث التصدي للإرهاب والسعي لرفع حظر السلاح عن الحكومة الشرعية في ليبيا مع احتمال طلب تدخل القوة العربية المشتركة، فيما دعت البعثة الأممية إلى إتمام الاتفاق السياسي بشكل عاجل وتشكيل حكومة وحدة تتصدى لـ«داعش».
وشهدت مدينة سرت معارك عنيفة متواصلة منذ أربعة أيام قتل وأصيب فيها العشرات بين مسلحين من تنظيم داعش الذي يسيطر عليها.
وقال مسؤول في المجلس المحلي لسرت إن المعارك متواصلة خصوصاً في منطقة الحي الثالث (شرق)، سقط فيها مزيد من القتلى وأصيب العشرات بجروح.
وأضاف المصدر: «سرت تعيش حرباً حقيقية منذ الثلاثاء. المعارك العنيفة التي يخوضها مسلحون من المدينة في مواجهة تنظيم داعش لم تتوقف أبداً، وسط قصف متبادل وغارات جوية». ودفعت هذه المعارك دار الافتاء إلى الدعوة في بيان مساء أول من أمس «جميع الليبيين، القادرين على حمل السلاح، إلى الاستنفار العام لمواجهة هذا السرطان، الذي يسعى إلى الفتك بأمتنا المسلمة».
وزعمت وكالة الأنباء الموالية للحكومة في طرابلس التي لا تحظى باعتراف المجتمع الدولي أن سلاح الجو التابع لقوات متحالفة تحت مسمى «فجر ليبيا» قام بقصف عدة مواقع لتمركزات المجموعات المسلحة التي تنسب نفسها لتنظيم الدولة بمدينة سرت. وأضافت أن القصف الجوي يتركز على مواقع في شرق سرت.
وتشهد سرت معارك عنيفة منذ خمسة أيام قتل وأصيب فيها العشرات. واعلن السفير الليبي في باريس شيباني ابو حمود، أن المعارك أوقعت ما بين 150 و200 قتيل، مناشداً المجتمع الدولي التدخل. وأضاف أن مجزرة فعلية تجري في سرت وندعو المجتمع الدولي إلى التدخل، مضيفاً أن داعش أرسل تعزيزات إلى سرت وشن هجوماً على الأحياء السكنية التي تقاومه.
في بنغازي، أكد الناطق الرسمي باسم اللواء الأول مشاة أحمد الخراز، تصدي قوات الجيش لمحاولة تقدم «داعش» في منطقة الصابري، حيث أجبر عناصره على الانسحاب. وأوضح أن أفراد التنظيم حاولوا التقدم في منطقة الصابري وفي اتجاه جزيرة دوران سيدي يونس، ما تسبب في خسائر بشرية ومادية للطرفين.
أمام هذه الهجمة الدموية للتنظيم الإرهابي، طلبت ليبيا عقد اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين لاتخاذ الإجراءات الكفيلة للتصدي للجرائم البشعة التي يرتكبها «داعش» في عدد من المناطق الليبية ومنها مدينة سرت.
وقال نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير أحمد بن حلى، إن الأمانة العامة للجامعة العربية تلقت طلباً رسمياً من ليبيا لعقد هذا الاجتماع الطارئ بعد غد الثلاثاء، موضحاً أن الامانة العامة للجامعة بصدد إجراء المشاورات اللازمة مع الأردن – الرئيس الحالي لمجلس الجامعة – وعدد من الدول العربية لتحديد موعد الاجتماع المرتقب.
وأفاد مصدر ليبي مطلع بأن الجلسة المقترحة من المقرر أن تناقش إمكانية رفع حظر السلاح عن الجيش الليبي من جانب الدول العربية، ودعم الحكومة الليبية الشرعية في معركتها ضد الإرهاب.
وألمح رئيس أركان الجيش، اللواء عبدالرازق الناظوري، أن الجيش الليبي قد يطلب تدخل القوة العربية المشتركة في حال لم يتلق الجيش الليبي الدعم الكافي.
وقال في تصريح صحافي: «ننتظر من الإخوة العرب المساعدة والدعم، فهناك ثلاث دول وافقت على دعمنا، وحتى الآن لم نطلب تدخل القوة العربية المشتركة فى ليبيا لأننا قادرون على دحر الإرهاب وهزيمته حال توفير العتاد والسلاح لنا».
الوحدة ضد «داعش»
في غضون ذلك، دانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بشدة الهجمات التي شنها تنظيم «داعش»، وذكرت في صفحتها الرسمية على «الفيسبوك» أنه في الوقت الذي اجتمعت فيه الأطراف الليبية الرئيسة في جنيف لعقد جولة حوار بغية إيجاد تسوية للأزمة في البلاد، وإرسال رسالة وحدة قوية، قامت الجماعة الإرهابية مرة أخرى بشن هجماتها من أجل فرض حكمها بالترويع والإرهاب.
وأشارت إلى تحذيراتها مراراً وتكراراً من خطر «داعش» المتزايد والتهديد الذي تشكله هذه الجماعة على وحدة البلاد وعلى جميع الليبيين بغض النظر عن انتماءاتهم، مؤكدة أنه آن الأوان لكي ينبذ الليبيون خلافاتهم ويتضافروا لمواجهة آفة «داعش».
وأردف البيان أنه في حين تشير البعثة إلى الدعوات الليبية لاتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ سرت وأهلها من سيطرة «داعش» ومنع وقوع فظائع، فإنها تحث الأطراف الليبية على إتمام الاتفاق السياسي بشكل عاجل وتشكيل حكومة وفاق وطني يكون بإمكانها، بالشراكة مع المجتمع الدولي، التصدي لتهديد «داعش» ومعالجة غيره من التحديات.